(المستقلة)..كشفت دراسة جديدة لمومياء مجهولة الهوية عن إنها لفتاة قتلت خلال طقس تقديم قربان بشري لإله الشمس قبل ما يزيد على 500 عام في أميركا الجنوبية. وعثر فريق العلماء خلال فحص جمجمة المومياء على دليل يشير إلى وجود ضربة حادة في الرأس أسفرت عن وفاة الفتاة فورا. كما كشف تحليل الحمض النووي (دي إن إيه) عن إصابة الفتاة بعدوى طفيلية تعرف باسم “داء شاغاس”. وتشير أعراض المرض إلى أن الفتاة لم تكن لتعيش مدة أطول حتى لو كانت نجت من عملية قتلها. وما زال داء شاغاس يمثل وباء في أميركا الجنوبية، لا سيما أولئك الذين يعيشيون في فقر، إذ يفتك بهم المرض إذا لم يحصلوا على العلاج اللازم. وقال أندريا نيرليخ، الباحث المشارك في الدراسة من جامعة ميونخ الألمانية، إن الفتاة تنحدر من أسرة فقيرة على أرجح التقديرات. وأضاف: “تعيش الطفيليات في الجدران المبنية من الطوب الطيني التي تكسو جدران منازل الطبقة الفقيرة في المجتمع وليس في المنازل حجرية البناء أو جيدة التجهيز في البيئات الأنظف.” سيل من المعلومات وعلى مدى ما يربو على مئة عام، لم يكن معروفا من أين جاءت المومياء، غير أن الأشعة المقطعية وتحليل الحمض النووي للمومياء قدمت أخيرا دلائل لحل اللغز المتعلق بالفتاة. وتعود المومياء المحنطة إلى ما يزيد على 500 عام وهي لفتاة ماتت في العشرينيات من عمرها. ويعتقد أن المومياء وصلت إلى ألمانيا بعد أن حصلت عليها أميرة بافارية من معرض ثم أعادتها إلى أميركا الجنوبية عام 1898. وما زال موطن الفتاة غير معروف على وجه التحديد، غير أن الفحص الطبي للعظام والشعر باستخدام تحليل النظائر أثبت أنها كانت تعتمد على نظام غذائي غني بالأسماك. ويعتقد العلماء، استنادا لهذه المعلومة، أنها عاشت على مقربة من الشريط الساحلي البيروفي أو شمال شيلي. كما أن الحبل الذي يربط ضفائر الشعر مصنوع من مادة توجد في أميركا الجنوبية، ويشير تكوين الجمجمة (تشريحيا) إلى نمط شعب الإنكا. وكانت الفتاة قتلت ودفنت في منطقة رملية ساخنة وجافة وهو ما أدى إلى تحنيطها طبيعيا. وقال نيرليخ “نعتقد أنها ماتت خلال عملية قتل ضمن طقوس دينية، كما أن المصادر المكتوبة لا تمدنا بدليل واضح على ذلك.” وأضاف: “تمدنا التقنيات الحديثة بسيل من المعلومات تمكننا من إعادة بناء أشكال الحياة المختلفة في الماضي ومعرفة الأمراض وأسباب الوفاة.” وسيساعد التحليل العلماء في فهم مسببات داء شاغاس وحالة البناء الجزيئي له. تفاوت الآراء وهناك وثائق تشير بالدليل إلى تقديم القرابين الطقسية من البشر في مومياوات أميركا الجنوبية. وكانت الفتيات الصغيرات يقدمن في العادة كقربان لاله الشمس في الطقوس الدينية، كما كان آباء الضحية والمجتمع المحلي التي تنحدر منه يعاملن بعد ذلك ببالغ الاحترام والتقدير. وقالت إيما براون، من قسم علوم الآثار لدى جامعة برادفور البريطانية، وهي غير مشاركة في الدراسة، إنه نظرا لعدم توافر بيانات سياقية، يصعب القول على وجه التحديد بأن المومياء كانت قربانا بشريا. وأضافت براون لــــــ “بي بي سي”: “هذا الفرد أكبر عمرا من العمر المتعارف عليه بشأن القرابين الطقسية للإناث والتي تشير في العادة إلى عمر 13 أو 14 عاما.” وقالت:”من المهم التعرف على السياق التاريخي لهذه المومياء. وتشير التواريخ الناتجة من استخدام الراديو كربون إلى فترة الغزو الإسباني للأميركتين.” وأضافت براون: “تصف السجلات التاريخية أشكالا من القمع والعنف الشديد، كما كشفت الأبحاث الأثرية الحيوية (البيوأثرية) لجبانات عصر الغزو الإسباني عن أن العديد من أنواع الصدمات، من بينها الصدمات الحادة للجمجمة كانت شائعة في ذلك الوقت.”

أكثر...