د.باسل حسين تصور.. دعوة لك أيها القارئ في ان تكون في رحلة معي ومع كوابيس العقل والضمير.. نعم تصور.. لكن قبل كل شئ إغمض عينك عند كل مشهد وتصور.. تصور انك تسير مع طفلك كي تشتري له تجهيزات العام الدراسي القادم، وفجأة تفجر كل شئ حولك في زمان ومكان قادك اليه حظك الاغبر.. تصور الرعب الذي يعتيرك وانت تتلمس جسد طفلك متسائلا أحي هو أم ميت اليست هذه اللحظة أكبر من الموت أو أكثر.. تصور !!! أتمنى عليك ان تتصور انك تلعب في العشب الاخضر تلهو وتمرح وتقول في نفسك الحمد لله ان ثمة شئ بقي للهو واللعب في العراق، وتضحك في نفسك وتقول لها إنك ستجل هدفا طالما أن الحارس أعور، وحين تهم بذلك ينقلب العشب الى الاحمر حينها تيقن ان الموت يطوف في كل البلد ويقتلع اليابس والاخضر.. تصور!!! نعم تصور أنك جالس في المقهى هاربا من البطالة او من ثقل الدراسة، أو من هموم الدنيا او لجلسة مع الاصدقاء والاحبة تعلب بها الدومينو او طاولة الزهر، وحين تندلع معارك الفوز بها “والطيب والطاب” واصوات ملاعق “إستكان الشاي” أو حين يهلل الكل بهدف للمنتخب العراقي وتصدح الاصوات بـ (الله أكبر) يخرج مارد الموت من حيث لا تعلم مؤذنا بالكل أيها العراقيون انا الحاضر الاكبر.. تصور!!! من فضلك تصور أم مترملة مفجوعة بولدين لها ولم يبق لديها سوى إبن وحيد يدرس في الجامعة ويقضم الخوف والهلع من عمرها كل يوم جزعا عليه، وهي تدعو له في كل لحظة بكف أسمر، واليوم تتصارع معه وتتوسل اليه ان لايخرج الى الشارع أو الاسواق لان الموت يحصد كل يوم من هو أكبر منه سنا أو أصغر، لكنه يرفض الخوف ويريد ان يعيش أيام شبابه وان يجتمع بأقرانه وفي سبيل اقناعها يطمأنها انه لن يذهب بعيدا وسيكون حريصا ويعدها بعدم العودة متأخرا بل أكثر مما تتصور وأبكر.. لكن صناع الموت زاروه عند باب البيت.. وتصور بربك تصور أنها امك وانت الابن، فماذا تفعل الام حينها، وفاجعتها وخطواتها وهي تحتضن ابنها المغدور بلاذنب ولا جريرة، وماذا تفعل وهي ترى ان ما تعيش من أجله أمامها ينحر.. تصور!!! هذه ليست قصص من وحي الخيال، هذه مشاهد عاشها عراقييون بألامها ومآسيها، البعض اعرفهم والبعض مما روى لي اصدقاءا لهم، إنها جزء من حياتهم إعتادوا عليها فرضا لا إختيارا، عنوة لا حرية، حتى أصبح الموت عنوانا لحياة العراقيين وأكثر.

أكثر...