الأنساب وعلاقتها يالإنسان
حسون حسن الشيخ علي
الحلقة الثالثة
إختلف الناس في نسب العرب فمنهم من قال هم أولاد لاذ بن سام ومنهم من قال إنهم أولاد أرم بن سام ومنهم من قال هم أولاد إرفخشد بن سام. ومنهم من يرى أن العرب شعب سامي ينحدر من فرعين لا ثالث لهما وهما أبناء يعرب بن قحطان وأبناء عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام. ومنهم من يقول أن العرب أمة كبيرة تنقسم إلى عدنان وقحطان قد ذكرت في التوراة ومنهم من يرى أن عدنان وقحطان هم جزء من العرب وليسوا كل العرب ويرون أن تقسمة العرب إلى قحطان وعدنان فقط القصد منها سياسي فيقولون أن قبائل عدنان سكنت وسط الجزيرة العربية وقبائل قحطان جنوبها وسلخوا عنهما الكنعانيين والفنيقيين وسكان بلاد الرافدين والبربر. ويقول القرطبي المتوفى سنة 463هـ في كتابه القصد والأمم في التعريف بأصول العرب والعجم لاخلاف بين أهل العلم بالنسب إن العرب يجمعها جذمان فأحدهما عدنان والأخر قحطان فإلى هذين الجذمين ينتهي كل عربي في الأرض ولا يخلو أحد من العرب من إن ينتمي إلى إحداهما.(*)
*القصد والأمم في التعريف بأصول العرب والعجم إبن عبد البر القرطبي القاهرة ص58
وقد ذكر الأشعري في كتابه التعريف في الأنساب والتنويه لذوي الأحساب بأن الدليل على أن العرب من إسماعيل قوله سبحانه (ملة أبيكم إبراهيم) والخطاب في الآية للمؤمنين لأن أولها يا أيها الذين آمنوا. ويقول عبد البر أن عدنان وقحطان هم من إسماعيل. ويقول إبن الكلبي عن أبيه وعن الشرقي القطامي أن قحطان بن عابر قوم انقرضوا وهم قحطان الأولى أما قحطان الثانية فهم قحطان بن الهيسمع بن تيمن بن نابت بن إسماعيل وكذلك قول معد بن عفير المصري مولى الأنصار. ونقل البلاذري في أنساب الإشراف قوله حدثني بكر بن الهيثم بن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن مكحول عن مالك بن يخامر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العرب كلها بنو إسماعيل إلا أربع قبائل السلف والأوزاع وحضرموت وثقيف).
واتفق الباحثون على أن الجزيرة العربية ومنذ أقدم الأزمنة التاريخية هي موطن أقدم حضارة للجنس البشري حيث كانت مأهولة بجماعات بشرية متشابهة في الملامح والطبائع. فقد نقل مسلم في صحيحه عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يزال أهل العرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة).

الأنساب وعلاقتها يالإنسان
المؤرخ حسون حسن الشيخ علي
الحلقة الرابعة
تقع المنطقة العربية جنوب غرب آسيا وتشمل صحراء النفوذ شمالا والربع الخالي جنوبا وتسمى بالجزيرة العربية باعتبار حدودها الغربية سواحل الشام إلى النيل ثم
البحر الأحمر وتسمى بشبه الجزيرة لاحاطة الماء بها من 3 جهات وتقسم إلى تهامة والحجاز ونجد واليمن والعروض. وإن من بلاد العرب تهامة وسميت تهامة لشدة حرها وركود ريحها وهي سهل ساحلي منخفض يمتد من العقبة شمالا إلى اليمن جنوبا وأهم
مدنها جدة وينبع البحر والقنفذة والبرك وجيزان ومن بلاد العرب الحجاز ومن أهم مدنه مكة المكرمة وإن أول من سكنها جرهم والعماليق ومن بعده جاءت قريش بعدهم فعمروها ومن مدن الحجاز المدينة المنورة أو مدينة يثرب وقد وردتا في القرآن الكريم وسماها الرسول عليه الصلاة والسلام طيبة وأن أول من نزل بها يثرب بن قائد بن عمليق ثم استوطنتها قبيلتا الأوس والخزرج ومن مدن الحجاز الطائف والتي سكنتها قبيلة ومن بلاد العرب نجد ومن مدنها حجر(الرياض) والخرج ومن هذه الأقسام سلطنة عمان والإمارات والبحرين وقطر والكويت واليمن.(*) ويعد بعض المؤرخين أن الكلدانيين أنهم فرعا من الآراميين وهم من القبائل العربية القديمة التي تبدوت (صارت بدوية) بسبب الحر والجفاف الذي ساد جزيرة العرب واستقرت بعض عشائر هذه القبيلة الكلدانية أو الكلدية على سواحل الخليج العربي في حدود عام1700 ق.م وتأسست لهم مملكة في منطقة الخليج وسمي الخليج بإسمهم الخليج الكلدي وفي مراحل لاحقة ضمت مملكتهم مناطق الأهوار والأراضي الجنوبية للمواقف على ضفاف دجلة والفرات. وكان أول ملوكهم إسمه ديلوما ديلوم وربما حيلوما حيلوم أو عيلوما عيلوم وبدأ حكمه نحو عام1742 ق.م وملوك هذه الدولة الكلدانية ينسبون الى بيت ياكيني BitYakini وكلمة بيت تعني عندهم بيت ومشيخة وأسرة وعشيرة وجاء في سفر يوب14ـ 17 وهو من أسفار العهد القديم عبارة تقول: أن مرابع الكلدانيين كانت قرب مساكن السبأيين فإن صدقت هذه العبارة التوراتية فهذا يعني بدايات ظهورهم كقبيلة بدوية متجولة وحول هذه الهجرات المستمرة من جزيرة العرب يقول أحد الشعراء:
أين تعدو أشاطئ البحر ترجو أم بواديه أم رؤس جباله
شيدت صرحها عليه الليالي واستقر التاريخ في أطلاله
ربضت خلفه أسود البوادي شاهدات عليه في أعماله
كلما جاءَها مخاض الليالي عرزته بنخبة من رجــــــــاله
ويقول عامر حنا عن أصل سكان العراق القدامى من شبه الجزيرة العربية بأن الكلدان هم أقوام خرجت من شبه الجزيرة العربية وقد اندفعوا من هذه المنطقة ودخلوا العراق خلال الألف الأول ق.م متخذين طريق ساحل البحر العربي ثم الخليج العربي الذي أصبح مقترنا بإسمهم فسمي بالبحر الكلدي وينقل لنا الباحث جواد علي عن سترابو أن مدينة الجرها التي تقع عند القطيف في ساحل الخليج العربي في السعودية هي موطن الكلدان الأصلي وكانت تتمتع بعلاقات جيدة مع بلاد بابل. وفي قاموس الكتاب المقدس أن عابر جد العرب والعبرانيين والآراميين وذكر عامر حنا في كتابه منذ بدء الزمان 5300 ق.م أن أصل سكان العراق القدامى من شبه الجزيرة العربية. وعليه فإن الجزيرة العربية هي موطن الساميين وهم العرب القدماء ومن ذرية سام جاءت الأنبياء كما جاء في كتب السير والأنساب والتاريخ.ومنهم من يقول أن مساكن العرب قبل أن يسكنوا الجزيرة جهات العراق ثم نزح فريق منهم إلى الجزيرة التي يكون موقعها بالنسبة للعراق غرب جنوبي فسمى بنو سام النازحين منهم إليها عربا أي الغربيين لأن حرف الغين المعجمة كان مفقودا من اللغة السامية فكانوا ينطقون بالعين المهملة عوضا عن الغين المعجمة ويضعونها موضعها ومن ذلك الحين أطلق على من نزح من بني سام إلى الجزيرة العربية إسم العرب ثم سميت الجزيرة بإسمهم.
وجد نصّ أدبي يعود إلى حضارة كش في العراق من السلالة الأكادية القديمة ما بين عام 2200 و2400 ق. م هو أُخْذَةُ كِشْ وهو فيما يبدو تعويذة من شاعر لامرأة محبوبة نقرأ فيه:ِلُ حَيا إِرْحَمَ يِرَءَّمْ إِرْحمَ مَرَءْ إِلَتُ عَشْتَرْ إِنْ زَجِّ يُثَّبْ إِنْ رُغْتِ كَنَكْتِ يُدَرَّءْ وَرْدَتا دَمِقْتا تُحْتَنّا.... آخُذْ فاكِ شَ رُقَّتِ آخُذْ بُرَّماتِ عنِيكِ آخُذْ عُرْكِ شَ ثِنتتِ
وهو بلغتنا العربية اليوم: الإله حَيَا يَرْأَمُ اليَرْحَمُ ابنُ الإلهَةِ عَشتَرَ قائِمٌ في المِحْرابِ
بِبَخُورِ المُرِّ يَتَجَلَّى البَتولَتَانِ الحَسَنَتانِ اسْتُشْفِعَتا


الأنساب وعلاقتها بالإنسان
المؤرخ حسون حسن الشيخ علي
الحلقة الخامسة
قسم المؤرخون البشرية إلى أبناء سام وأبناء حام وأبناء يافث. أما أبناء سام فهم العرب والعبرانيين. وأما العرب فينقسمون إلى العرب البائدة والعرب الباقية وعرب الجنوب القحطانيون وعرب الشمال العدنانيون. ومنهم من قسم العرب إلى بائدة وعاربة ومستعربة. ومنهم من يرى أن هذا إصطلاح جرى عليه المؤرخون ولا يكون حجة يستند عليها في أصل العرب والصحيح أن بني عاد لم ينقطع نسلهم وذلك أنه لما هلك بنو عاد وهم قوم هود عليه السلام بقى هود ومن آمن معه من بني عاد وذلك بنص القرآن المجيد فتناسلوا ويؤيد قولهم ما روي عن إبن عباس: ليس في العرب قبيلة إلاّ وقد ولدت مضرها وربيعتها ويمانيها. ونقل عن إبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ولد لنوح ثلاثة سام وحام ويافث فولد لسام ثلاثة العرب والفرس والروم وولد لحام ثلاثة القبط والبربر والحبش وولد ليافث ثلاثة الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج ولم يذكر العاربة والمستعربة.
فالعرب لسانها عربي ولغتها عربية وقيل العربية لسان وليست دم ولا عرق وانتماء وهناك فرق بين العرق واللسان فمن تكلم العربية فهو عربي لا هي قحطانية ولا عدنانية ولا فضل لأحد أن يكون عارب أو مستعرب أو أعرابي.
واختلف الناس في العرب البائدة هل اندثرت أم بقي منهم بقية تناسلوا ولنستمع إلى أبي الطيب المتنبي وهو يصف الأمير سيف الدولة بسيد العرب العرباء الصرحاء.
إذا العرب العرباء رازت نفوسها فأنت فتاها والمليك الحلاحل
ومنهم من يرى أن القبائل البائدة لم تبد ولم تهلك ولم تنقرض ويعللون ذلك بأنه عندما انحسرت دورة الأمطار والبرودة التي استمرت من 4000 ق.م الى 81000 ق.م وحلت محلها دورة الجفاف والحرارة التي ما زلنا نعيش في أجوائها تحولت هذه القبائل من الحضارة إلى البداوة وعاشت في جزيرتها عصورا طويلة رحالة متجولة تتبع مساقط الغيث ومنابت الكلأ ولما مسها الحر والجفاف في حدود الألف الخامس ق. م إبتدأت هذه القبائل البدوية بمغاردة جزيرة العرب بمجاميع بشرية كبيرة جدا متوجهة إلى بلاد ما بين النهرين ميسوبوتاميا Mesopotamea وبلاد الشام وسواحل الخليج العربي وسواحل البحر الأبيض المتوسط ووادي النيل وبقي في جزيرة العرب القليل من هذه القبائل لم تغادرها متحملة شظف العيش وحياة البداوة والترحال وظلت محافظة على نقائها وصرامة أنسابها وفصاحة لسانها.
وتؤكد المواقع المسيحية أن نبي الله موسى عليه السلام كان يُجيد اللغة العربية وقد كتب الإصحاح الأول والثاني والأخير لسفر أيوب باللغة العربية وعلى الرغم من ذلك نجد إختلافا كبيرا جدا بين الترجمات. وتقول الأخبار أن نبي الله موسى عليه السلام قد تأثر بلسان أهل البادية فى أرض مديان وهو اللسان العربى فكتب فاتحة سفر أيوب ص1،2 وخاتمته ص42 باللغة العربية التى كان يجيد نطقها وكتابتها لمعاشرته أهلها مدة طويلة عمرها أربعون عاما فى مديان. سكنت تلك الأقوام مناطق الجزيرة العربية واليمن وكونت مدن وممالك وقد اندثرت بمرور الزمن.