غازي النفاشي الشمري
نظرة في تعريف القبيلة عند العرب
_________________________
القبيلة هي المجتمع الاكبر بالنسبة الى أهل البادية فليس فوقها مجتمع عندهم وهي في معنى ( شعب ) في مصطلحنا اليوم وتتفرع من القبيلة فروع وأغصان هي دون القبيلة لانها في منزلة الفروع من الشجرة ثم اختلفوا في عدد الفروع المتفرعه من القبيلة فجعل بعضهم العمارة بعد القبيلة ثم البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة ، وجعل بعض آخر ما دون القبيلة العمارة ثم البطن ثم الفخذ ثم الفصيلة .
والواقع أن المعنى العلمي للقبيلة هو أنها جماعة تنتمي الى نسب واحد ويرجع ذلك النسب الى جد أعلى أو الى جدّة وهو في الأقل .. وما زال العرب يستعملون هذا النسب في كل مكان .
ويدل تباين أراء النسابين في ضبط ما فوق القبيلة أو ما تحتها ، واضطرابهم في الترتيب على أن هذا الترتيب لم يكن ترتيباً جاهلياً أجمع عليه الجاهليون وألا لما تباينوا هذا التباين فيه ، ولما اختلفوا هذا الاختلاف في سرده .
أنما هو ترتيب جاء في أطار اجتهادات شخصية اعتمده النسابون بناء على معلومات الرواة ومن الأوضاع القبلية التي كانت سائدة في أيامهم ، فرتبوها على وفق ذلك الطرح .
وأكثر هذه الاصطلاحات لم ترد لا في الكتابات الجاهلية ولا في الشعر المنسوب للجاهليين لذلك يصعب على الباحث أن يبدي رأياً علمياً مقبولاً فيها .
واعتقد أن خير ما يمكن فعله في هذا الباب هو استنطاق الكتابات الجاهلية وسبر أغوارها كما الشَعَر الجاهلي للبحث عما فيها من مصطلحات تتعلق بالنظم القبلية ، وعندئذ يتمكن الباحثون من تكوين رأي قريب على جانب من الصواب في هذا الموضوع .
وفي هذا السياق يقول الدكتور جواد علي في موسوعته المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ( أن البطن والحي همـا أساس أقـدم أشكال المجتمعات السياسية عند الساميين ).
قال الماوردي( ) إذا تباعدت الانساب صارت القبائل شعوباً والعمائر قبائل ، والبطون عمائر ، والافخاذ بطوناً ، والفصائل أفخاذاً ، والحادث من النسب بعد ذلك فصائل.
قال الجوهري( ) أن القبائل هي بنو أب واحد.
وقال أبن حزم جميع قبائل العرب راجعة الى أب واحد سوى ثلاث قبائل هي (تنوخ والعتق وغسان).
فأن كل قبيلة منها مجتمعه من عدة بطون( ) أقول : نعم الاب الواحد قد يكون أباً لعدة بطون ثم أن ابو القبيلة قد يكون له عدّة أولاد فنشأ عن بعضهم قبيلة أو قبائل فتنسب اليه كل قبيلة تحدث عنه وتترك النسبة الى القبيلة الاولى .
وكمثال على ذلك حنظلة بن تميم فينسب الى حنظلة ويترك تميم.
ويبقى بعضهم بلا ولد أو يولد له ولم يشتهر ولده ، قينسب الى القبيلة الاولى.
وإذا أشتمل النسب على طبقتين فأكثر مثل هاشم وقريش ومضر وعدنان جاز لمن في الدرجة الاخيرة من النسب أن ينتسب الى الجميع.
فيقال في أحدهم الهاشمي أو القرشي أو المضري أو العدناني بل أكد الجوهري على أن النسبة الى الاسفل تغني عن النسبة الى الاعلى.
فمثلاً إذا قلت في النسبة الى كلب بن وبرة ... الكلبي ... استغنيت عن أن تنسبه الى شيء من أصوله.
وذكر غيره أنه يجوز الجمع في النسب بين الطبقة العليا والطبقة السفلى وبعضهم يرى العكس.
مثل إن يقال الاموي العثماني أو العثماني الاموي ، وقد ينضم الرجل الى غير قبيلته بالحلف والموالاة فينتسب اليهم فيقال فلان حليف بني فلان أو مولاهم .
كما ورد في البخاري ... الجُعفى مولاهم وغير ذلك .
وإذا كان الرجل من قبيلة ثم دخل قبيلة أخرى جاز أن ينتسب الى قبيلته الاولى وأن ينتسب الى القبيلة التي دخل فيها .
أو إن ينتسب الى القبيلتين معاً مثلاً أن يقال الوائلي الزبيدي أو العزاوي الطائي وهكذا.
وعند العرب فأن القبائل عموماً تسمى بأسم أب القبيلة كربيعة وخرزج وشمّر وتغلب وبكر .
وقد تسمى القبيلة بأسم أم القبيلة مثل خندف وبجيلة وباهلة وربما تنسب القبيلة الى أسم مكان نزلت به مثل غسان حين نزلوا على ماء يسمى غسان فسموا به .
وفي الغالب يطلق على القبيلة لفظ الاب كما ورد في القرآن الكريم في عدة مواضع كقوله تعالى : : (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ..........الايه
وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً .....
وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً .....
ويراد بذلك بني عاد وبني ثمود وبني مدين ، واكثر مايكون ذلك في الشعوب والقبائل العظام لا سيماء في الازمان المتقدمة .
وقد يطلق على القبيلة لفظ البنوة فيقال بنو فلان وأكثر ما يكون ذلك في العشائر والافخاذ وبعض البطون الصغار وخصوصاً في الازمان الاخيرة .
ويمكن أن ترد القبيلة بلفظ الجمع مع الالف واللام كقولنا الطالبيين والجعافرة ونحو ذلك ما يكون في المتأخرين دون غيرهم .
وقد يعبر عنها بال فلان كقولنا آل فضل وآل ربيعة وآل علي وآل الرشيد وأكثر ذلك في الازمنة المتأخرة لاسيما في عرب الشام ، والمراد بالآل هنا الاهل .
أما إذ ورد في القبيلة أسمان متوافقان كالحارث والحارث والخزرج والخزرج وما أشبه ذلك واكثره،وكان أحدهما من ولد الاخر أو بعده في الوجود مثل علي بن الحسين بن علي () .
عبروا عن الوالد والسابق منهما بالاكبر وعن الولد والمتأخر منهما بالاصغر .
وربما وقع ذلك في الاخوين أنفسهم إذا كان أحدهما أكبر من الاخر .. مثال فيقال على الاكبر وعلي الاصغر وهكذااا ...