انطلق مؤتمر "تعزيز السلم فى المجتعات المسلمة"، أمس الأحد، وهى فعالية تتقصّدُ إرجاع القضايا الدينية إلى مدارها الحقيقى، ورسم خارطة طريق لإدارة الاختلاف الفكرى والدينى، المنتدى الذى تنظمه الإمارات يسعى لتشكيل جبهة إسلامية من العلماء والمفكرين المعتدلين، لمواجهة التطرف والتماشى مع التقدم.

ويشارك فى المؤتمر الذى يستمر يومين أكثر من 250 عالما ومفكرا إسلاميا معتدلا، لاسيما شيخ الأزهر أحمد الطيب والعلامة عبدالله بن بيه الذى يرأس اللجنة العلمية للمنتدى.

وأكد وزير الخارجية الإماراتى الشيخ عبدالله بن زايد الذى افتتح المؤتمر، أن هذا التجمع الكبير من علماء المسلمين يمثل محاولة أولى على المستوى العالمى لرسم خارطة طريق نحو الأمام للمجتمعات الإسلامية، من أجل العيش بسلام وتناغم وحسب المبادئ الإسلامية الجوهرية التى تتناغم مع المفاهيم العالمية.


ودعا الشيخ عبدالله فى كلمته الافتتاحية بقوة إلى تأييد مبدأ الاختلاف بين الناس، واعتبر أن من أهم أسباب الشقاق والحروب الطائفية التى تمزق أمتنا اليوم غياب صوت العقل وانحسار مبدأ الاختلاف الذى جُبلت عليه الخليقة، وتصدّر أشباه العلماء مواقع الريادة ومنابر الفتوى واحتلالهم لوسائل الإعلام المتنوعة.


وبثت خلال المنتدى صورا للعنف فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى، لاسيما فى سوريا والعراق، وقد أُرفقت هذه الصور بتساؤل حول "مستقبل هذا حاضره".


من جانبه شدد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب على تجذر ثقافة السلم فى الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن كلمة السلام مذكورة أكثر بأضعاف من كلمة حرب، أو سيف فى القرآن الكريم.

إلا أن شيخ الأزهر حمل بشدة على النظام العالمى ومجلس الأمن الدولى ولا سيما حق النقض، معتبرا أن الفيتو الأمريكى الذى لطالما صب فى مصلحة إسرائيل هو من أهم أسباب الإرهاب العالمى.


وتفاعلا مع استشراء الدعوات للجهاد، أوضح الشيخ أحمد الطيب أن الإسلام ألغى قضايا الثأر الجاهلى ومبادرة الأفراد والجماعات للثأر، وجعل ذلك للحاكم فقط وجعل القتال الخارجى "الجهاد" لا يقوم به إلا الحاكم لأنه لو قام به الأفراد لنشبت الفتن واضطرب السلام فهو تدبير حكومى ومن ذلك ما فرضه الإسلام من الآداب الشرعية فى العلاقة بين الوالد والولد من البر والإحسان بالوالدين وحسن التربية للأولاد وبين الحاكم والمحكوم من الطاعة للأول والعدل للآخر.


وفى السياق ذاته، قال الداعية عبدالله بن بيه، إنه يجب "إحياء فقه السلم" فى العالم الإسلامى وثقافة الازدهار، فى مواجهة الأفكار المتطرفة، وانتشار العنف فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى.

واعتبر أن نشر ثقافة السلم "أمر فى غاية الأهمية فى ظل ما تعيشه بعض المجتمعات العربية من أحداث جسيمة وانقسامات وأفكار متطرفة وعنف وحروب أهلية".

وبحسب المنظمين، فإن المنتدى يهدف إلى جمع العلماء فى جبهة موحدة لمواجهة الأيديولوجيات المتطرفة التى تخالف القيم الإنسانية ومبادئ الإسلام السمحة.

كما سيعمل المنتدى على تصحيح المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالجهاد والممارسات المرتبطة بتلك المفاهيم، وسيناقش دور الفتاوى وشروط وقيود إصدارها والمؤهلات الشرعية والضرورية لإصدار الفتاوى.

ويشارك فى المؤتمر بعض رجال الدين الشيعة لاسيما عضو المجلس الإسلامى الشيعى الأعلى فى لبنان السيد هانى فحص.

ومن أبرز المشاركين أيضا الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء المغربى أحمد عبادى، ومفتى الديار المصرية الشيخ شوقى عبدالكريم علام، ورئيس جامعة القرويين فى مدينة فاس المغربية محمد الروكى، والأمين العام للجنة الحوار الإسلامى المسيحى فى لبنان محمد السماك، والمفكر اللبنانى الإسلامى رضوان السيد.

ويبحث المشاركون فى المؤتمر أربعة محاور، الأول يتعلق بموضوعات القيم الإنسانية الكبرى كالحق فى الحياة وكرامة الإنسان والحرية والمساواة والعدل، والثانى يتناول أهمية وضرورة تصحيح المصطلحات والمفاهيم التى أصبحت بعض طوائف الأمة تتذرع بها إلى إثارة الفتن، بينما المحور الثالث يناقش المخاطر والآثار الناجمة عن انحراف الفتوى عن مقاصدها ووظائفها فى المجتمعات والتجمعات الإسلامية، فيما يتناول المحور الرابع كيفية إسهام الإسلام والمسلمين فى تحقيق السلم العالمى.



أكثر...