على الرغم من التأكيد المستمر من قبل القيادة الفلسطينية رفضها تمديد مفاوضات السلام الجارية حاليا مع إسرائيل لما بعد الموعد النهائى المقرر بنهاية أبريل القادم، إلا أن بعض المحللين كان لهم رأى آخر فى هذا الشأن.

فقد أكد محللون سياسيون فلسطينيون، أن إمكانية تمديد المفاوضات لتسعة أشهر أخرى واردة بشكل كبير ويمكن طرحها خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الفلسطينى محمود عباس إلى واشنطن فى 17 من الشهر الجارى.

ويرى المحللون أن هناك محاولة جادة من الإدارة الأمريكية لتمديد المفاوضات والوصول إلى اتفاق بصورة ما لكى لا تعلن فشل المفاوضات، وأن الجانب الفلسطينى الذى أكد أنه لن يمدد ولو لساعة واحدة إضافية – كما قال كبير المفاوضين صائب عريقات- لن يجد سبيلا أمامه إلا تمديد المفاوضات لأن الخروج منها الآن أصبح انتحارا سياسيا.

فمن جانبه، أكد محمد فهد الشلالدة، أستاذ القانون الدولى بجامعة القدس، أن زيارة الرئيس عباس إلى واشنطن تهدف إلى طرح الموقف الفلسطينى المستند إلى المبادرة العربية والى الموقف العربى أمام الرئيس الأمريكى، باراك أوباما. وقال "هذه الزيارة بالرغم من أهميتها، إلا أنها تعتبر عملية لتسيير المفاوضات ولا تؤدى لإنجاحها... فمن الناحية السياسية، لابد لنا أن نشارك ونساهم فى إنجاحها من أجل توضيح المواقف الفلسطينية والإسرائيلية".

وأضاف "الموقف واضح، التعنت الإسرائيلى هو الذى يفشل المفاوضات، كذلك فرض سياسة الأمر الواقع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة من خلال الانتهاكات والقتل والإصرار على عدم التنازل"، ويرى الشلالدة أن إسرائيل تحاول أن تضع بعض القضايا لتعطيل عملية المفاوضات كطرحها لقضية "يهودية الدولة"، قائلا "إذا كانت إسرائيل تريد تطبيق يهودية الدولة فعليها أولا تطبيق قرار التقسيم الذى أعطى للفلسطينيين أحقية قيام الدولة الفلسطينية استنادا لقرار التقسيم رقم 171 لعام 1947 الصادر عن الأمم المتحدة".

كما أكد الشلالدة أن الولايات المتحدة تقود سير المفاوضات لقيام دولتين وهذا موقف متطور جدا، ولكن لابد من ترجمة هذا الموقف النظرى على أرض الواقع من أجل إلزام إسرائيل احترام هذه القرارات وهذه الرؤية الأمريكية لإحلال السلام والأمن فى العالم.

من جانبه، أكد المحلل السياسى الدكتور عبد المجيد سويلم، أستاذ الدراسات الإقليمية بجامعة القدس، على أن الإدارة الأمريكية ستحاول الضغط على السيد الرئيس عباس خلال زيارته إلى واشنطن، وذلك تعويضا على فشلها فى الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بالقدر المطلوب لكى تستمر المفاوضات على الأقل بصورة متوازنة. وقال: "مثلما يحدث دائما، هم يختارون الضغط على الطرف الضعيف وهو للأسف الشديد فى هذه الحالة الطرف الفلسطينى، وبالتالى الإدارة الأمريكية ستحاول الضغط على السيد الرئيس خلال زيارته".لكنه أكد أن القيادة الفلسطينية لديها مواقف واضحة ومحددة وغير قابلة للضغط، قائلا: "لأننا بكل بساطة قدمنا كل التنازلات المطلوبة ولم يعد بإمكان الطرف الفلسطينى تقديم تنازلات إضافية".

وأضاف "هناك محاولات للإدارة الأمريكية استئناف المفاوضات بصورة ما لكى لا تعلن الفشل أو لكى لا تعترف بالفشل، لذلك يمكن أن تقدم للطرف الفلسطينى بعض القضايا التى سيعتبرها فى نهاية المطاف سببا كافيا لاستئناف المفاوضات لفترة زمنية إضافية".

وبالنسبة لدكتور سويلم، يحاول الجانبان الإسرائيلى والأمريكى- من خلال استئناف المفاوضات- الوصول إلى مسألتين أساسيتين؛ الأولى أن يعتمد قاعدة جديدة للحل بدلا من قرارات الشرعية الدولية. وقال: "هذه المسألة من وجهة نطرى ما لا يجب أن نسمح به تحت أى ظرف من الظروف حتى لو تم استئناف المفاوضات"، أما المسألة الثانية، كما أضاف دكتور سويلم، فهى ترتكز على مدى المرونة التى يبديها الجانب الفلسطينى لكى يحمل إسرائيل بقدر ما يستطيع، مسؤولية فشل أو إفشال عملية السلام.

أما بالنسبة لدكتور نشأت الأطنش، أستاذ علوم سياسية بجامعة بيرزيت، فقد اعتبر زيارة الرئيس عباس إلى واشنطن زيارة "بروتوكولية" لتمديد المفاوضات 9 أشهر أخرى، وقال "الرئيس محمود عباس صرح قبل أيام وقال لن نمدد المفاوضات إلا بوقف الاستيطان والإفراج عن آخر دفعة من الأسرى وهذه إشارة واضحة من الرئيس عباس أن إمكانية تمديد المفاوضات واردة".

وأضاف "هناك تأكيد مستمر على لسان صائب عريقات لن نمدد ولو للحظة، ولكن أعتقد أن الجانب الأمريكى لن يقبل من أى طرف إعلان فشل المفاوضات".

كما أوضح أن "الثوابت الفلسطينية لا تنازل عنها، هذا ما نسمعه دائما وهذا ما نتوقعه، لن يستطيع أحد التنازل عن شىء.. لم يعد لدينا شىء نتنازل عنه أكثر من حدود 67، كما أن الشروط الإسرائيلية منها يهودية الدولة، مستحيل قبولها وأن إمكانية التوصل إلى اتفاق صعبة جدا فى ظل عدم وجود أى تنازلات من الجانب الإسرائيلى، وبالتالى فى ظل هذه المعادلة المعقدة لا يوجد غير تمديد المفاوضات تسعة شهور وأعتقد أن هذا سيكون الهدف الأساسى".

لكنه فى النهاية طرح تساؤلا عن الحل الذى ستقدمه الإدارة الأمريكية لقبول هذا التمديد، قائلا: "السؤال الآن ما هو الثمن الذى سيأخذه الرئيس عباس أمام تمديد المفاوضات؟ إذا استطاع أن يوقف الاستيطان ولو شكليا ولو بتعهد شفوى من رئيس الوزراء الإسرائيلى، فهذا سوف يعتبر أمرا مقبولا".



أكثر...