بقلم غازي الشمري
الفوائد الشرعية لعلم الأنساب:-
قال تعالى في محكم كتابه الكريم (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) ( ) أي ليحصل التعارف بينكم كلٌ يرجع الى قبيلة ، أي ليعرف بعضكم بعضاً بالنسب .
وقد ورد في الترمذي ومسند أحمد قول النبي (r) (تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فأن صلة الرحم .. محبة في الاهل ، مثراة في المال ، منسأة في الاجل ، مرضاة للرب) ( ) .
وحيث أن علم الانساب هو من أجل متون علم الاثر وعلم جليل القدر كما ذكرنا ، ويتضمن معرفة نسب النبي (r) ، وفن ينتمي اليه ويميز بين بني عبد مناف (هاشميها ومطلبيها) و (عبشميها ونوفليها) وبين قريش من كنانة ... والاوس من الخزرج والعربي من الاعجمي .
فقد ورد في الحديث عن ابو حمزة الشمالي عن أبي جعفر الباقر () أنه قال : (صلة الارحام تزكي الاعمال ، وترفع البلوى ، وتنمي الاموال ، وتنسئ له في عمره، وتوسع له في رزقه ، وتحبب في أهل بيته ، فليتق الله ويصل رحمه) ( ).
• ونذكر من الفوائد الشرعية ما يلي :
- التعارف بين الناس حتى لايعزى أحد الى غير أبانه .
- أحكام الورثة فتحجب بعضهم بعضاً وفق قاعدة قسمة المواريث .
- أحكام الاولياء في النكاح فيقدم بعضهم على بعض .
- أحكام الوقف اذا خص الواقف بعض الاقارب او بعض الطبقات دون بعض.
- مراعاة النسب الشريف في المرأة المنكوحة ، حيث ثبت في الصحيح أن النبي (r) قال : (تنكح المرأة لاربعة ، دينها وحسبها ومالها وجمالها) ومن هنا راعى (r) في المرأة المنكوحة الحسب وهو الشرف في الآباء .
- معرفة الاحكام العاقلة في الدية .
- أعتبار النسب في الامامة العظمى (الخلافة) حيث أكد الماوردي في كتابة الاحكام السلطانية على كون الامام قرشياً وثبت ذلك أن النبي (r) قال: (الائمة من قريش) .. فلولا المعرفة بعلم النسب لتعذر حكم الامامة العظمى التي بها عموم صلاح الامة. وهي ايضا من فروض علم النسب حيث لا تجوز الخلافة الا في ولد فهر بن مالك بن كنانة ولو وسع جهل هذا لأمكن أدعاء الخلافة لمن لا تحل له .
- أعتبار النسب في كفاءة الزوج للزوجة في النكاح ، ففي مذهب الامام الشافعي لا تكافئ الهاشمية والمطلبية غيرها من قريش ولا تكافئ القريشية غيرها من العرب ممن ليس بقرشي ففي الكناية وجهان أصحهما أنه لا يكافئها غيرها ممن ليس بكناني ولا قرشي.
وفي اعتبار النسب في العجمي أيضاً وجهان أصحهما الاعتبار ففي مذهب الامام أبي حنيفة .. قريش بعضهم أكفاء بعض ، وبقية العرب بعضهم أكفاء بعض واما في العجم فأذا لم يعرف النسب عندهم تعذرت معرفة هذه الاحكام.
- أعتبار التفريق بين جريان الرقَّ على العجم دون العرب على مذهب من يرى ذلك من العلماء.
وهو أحد القولين للشافعي ... فإذا لم يعرف النسب تعذّر عليه الى غير ذلك من الاحكام الجارية هذا المجرى.
وقد ذهب كثير من الائمة المحدثين والفقهاء كالبخاري وأبن اسحاق والطبري الى جواز الرفع في الانساب احتجاجاً بعمل السلف.
وكان سيدنا عقيل بن أبي طالب وأبي بكر الصديق () في علم الانساب بالمقام الارفع والجانب الأعلى وهذا أعظم شاهد على شرف هذا العلم وجلالة قدره.
وقد ورد في "الادب المفرد" للبخاري من حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه سمع عمر بن الخطاب () على المنبر يقول : (تعلموا أنسابكم ثم صلوا أرحامكم ، والله أنه ليكون بين الرجل وأخيه الشيء ولو يعلم الذي بينهِ وبينهُ ومن داخله ، لاوزعه ذلك عن أنتهاكه).
أما ما ورد عن أبي هريرة أنه (r) قال : (علم النسب علم لا ينفع وجهالة لا تضر) وقد جاء في متن الرواية ( مر رجل فقال : ما هذا ؟ فقالوا : علاّمة بالنسب) فكلام لا يثبت.
لهذا قال أبن عبد البر .. (لم ينصف من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر).