أكد الدكتور مدحت عبد الحميد أبو زيد، أستاذ علم النفس الإكلينيكى ورئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، أن مهنة المرض تعنى أن المريض يقوم بامتهان المرض ولا يرغب فى الشفاء، وهذه المهنة تدر مكسبًا وربحًا نفسيًا ومعنويًا ووجدانيًا على المريض، فإذا سأله المعالج لماذا فعلت ذلك؟ يكون جوابه "لأنى مريض" دون أن يبدى أية رغبة فى التغيير أو التعديل.

وتزداد هذه الظاهرة عند المرضى السيكوباتيين (ذوى الشخصية المضادة للمجتمع) ولدى مدمنى الخمور والمخدرات، وقد يعطى المريض انطباعًا أنه سعيد بمرضه ويمكنه أن يفعل ما يشاء دون قيد أو مسئولية لأنه ليس على المريض حرج، فضلاً عن أنه يتكسب من مرضه مثلما يتكسب من مهنته، ويتربح من مرضه مثلما يتربح من مهنته، والمقصود بتكسبه أو تربحه من مرضه ما يعرف بالمكاسب الثانوية للمرض أو الأرباح الثانوية للمرض، وهى تشير إلى انتفاع المريض بما لديه من أعراض تدر عليه دخلاً من العطف والرعاية والشفقة والحنان وتجنب المسئولية وتلمس الأعذار وتلبية الطلبات.

وتابع "أبوزيد"، "وهذا يفسر لنا سر المقاومة اللاشعورية للمريض للعلاج، فهو لا يريد أن يخسر مكاسب المرض، وتعد تلك المقاومة أشد فتكًا بالمريض إذا أخفق فى مواجهتها، والتعامل معها بصدق، وصراحة، وثبات من خلال استعادتها إلى حيز الشعور، وتحليل مكوناتها بمساعدة كل من المريض ذاته، والمعالج، وأعضاء الجماعة العلاجية حتى يستبصر المريض بها، وبعناصرها، ويعيد تقبله لها.


وقد تعبر المقاومة اللاشعورية عن مقاومة العلاج ذاته والخوف من الشفاء وتفضيل الراهن على اللاحق، والخوف من عدم حماية الذات، وكشف المستور، وقد تظهر فى سلوكيات عديدة مثل: نسيان موعد الجلسة، والانشغال بنشاطات أخرى وقت الجلسة، وطلب الخروج من المؤسسة العلاجية، والاختباء فى مكان ما وقت العلاج، والتباطؤ فى السير نحو حجرة العلاج، والخروج من الجلسة سريعًا، وعدم الانتظام فى حضور الجلسات، وحث فرد أو أكثر على عدم حضور الجلسات، واختلاق الأعذار لعدم حضور الجلسات، وتغيير مجرى الحديث وسير المناقشة داخل الجلسة، والتناعس، والتأخر فى الحضور، وعدم الانتباه لما يدور داخل الجلسة، والتفاعلات السطحية، والتعليقات التلغرافية، واستفزاز الجماعة والهروب من أداء أية مهمة علاجية، والصمت، والسخرية والمزاح والمشاكسة وتحدى العلاج، وهذه الفئات من المرضى تلزم لها تقنيات عديدة فى العلاج حتى يتخلى المريض عن مهنة المرض.



أكثر...