د.باسل حسين يتفق معظم الباحثين على ان الانتخابات الديمقراطية كي توصف بانها ديمقراطية لا بد أن تستجيب لبعض الاشتراطات والمعايير، فاما الاشتراطات فان العملية الانتخابية لابد وان تجري ضمن بيئة دستورية سليمة، يرسى القواعد الأساسية لنظام الحكم الديمقراطي، ومؤسسات تجسد هذه القواعد على ارض الواقع فتحصن الشكل والمضمون الديمقراطي وإطار قانوني يضبط الإجراءات التي تمكن المواطن من المشاركة في صنع القرار واتخاذ بديل من بين عدة بدائل متاحة. في حين تعد النزاهة أحد أهم المعايير الرئيسة لتحديد ما ذهب إليه أحد الأساتذة المختصين وهو ديفيد باتلر في تميزه بين الانتخابات الديمقراطية وغير الديمقراطية، ومعيار النزاهة يعني من بين ما يعنيه انتظام العملية الانتخابية على نحو دوري وتوفير بيئة تنافسية عادلة للجميع، مع ضمان حق الاقتراع العام على قدم المساواة من دون تمييز على أية اسس اثنية أو دينية، فضلا عن اعتماد منظومة انتخابية وفاعلة يتيح المشاركة السياسية لجميع افراد الشعب مع توفير شروط أخرى تتمثل باتاحة فرص تسجيل الناخبين للجميع، وإدارة العملية الانتخابية إدارة تتسم بالشفافية والوضوح والعدالة، ناهيك عن الالتزام الصارم بتحقيق عملية فرز سليمة والتعامل مع الطعون والشكاوى بجدية وعلى قدم المساواة. ويقدم معيار الحرية على أنه الضرورة البديهية التي تستند إليها أية انتخابات ديمقراطية، ويقصد بالحرية احترام مبدأ التنافسية الذي يعني أن يتم تهيئة بيئة انتخابية تتيح للمتنافسين الفرص والامكانات والمعلومة بشكل مساو نسبيا، من أجل تقديم احزابهم أو شخوصهم على نحو عادل وحقيقي، وأن تترك للناخبين الحرية التامة في تفضيلاتهم الانتخابية دون قسر أو تورية أو تدليس. أما الفاعلية فتعد هي الأخرى ركنا أساسيا من أركان الانتخابات الديمقراطية، ذلك أن معيار الفاعلية يرتبط ارتباطا وثيقا بالمقاصد العامة للانتخابات، فالانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لتحقيق أهداف أخرى تتمثل في توفير مبدأ التداول السلمي للسلطة، تدعيم الاستقرار السياسي والمجتمعي والاقتصادي، انتخاب الحكام توفير الشرعية والراقبة على ادارة الحكام للشؤون العامة وفوق كل هذا وذاك إقرار مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة. والسؤال المطروح هنا هل أن البيئة الانتخابية ومنظومة الانتخابات الحالية توفر هذه الاشتراطات والمعايير، الجواب النفي بالتأكيد، لأن ما يجري في العملية الانتخابية الحالية بعيد كل البعد عن هذه المعايير وتعمل الاجراءات الحالية إلى الاخلال بها، فما يجري هو مجرد تلاعب  بأدوات وأساليب مبتكرة وقديمة القصد منها الاتجاه بالعملية الانتخابية نحو المقاصد الخاصة لدولة القانون على حساب المقاصد العامة للانتخابات التي من المفترض أن تؤسس لتراكم ديمقراطي تقود البلاد إلى أن تكون احدى الدول الديمقراطية، لكن ما يجرب من استبعاد سياسي وتوظيف الجهد العام والأموال العامة لخدمة جهة معينة دون أخرى، وعدم وجود قانون أحزاب، وعدم احترام مبدأ التنافسية والحرية وغيرها من الإجراءات أدت في نهاية المطاف أن انتقلنا نحن من نظام شبه ديمقراطي الى نظام السلطوية التنافسية التي أحالت الديمقراطية في العراق إلى إن تكون بلا ديمقراطية ولا ديمقراطيين.

أكثر...