"نحن لم ندخل ليبيا إلا بتفويض وطلب من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجى".. إنه الرد الجاهز لدى مسئولى الناتو، حينما يجرى الحديث معهم عن ليبيا، وما حدث بها، ورغم اعترافهم بصعوبة الوضع فى ليبيا، لكنهم يؤكدون أن عملية الحلف كانت من أفضل العمليات التى قام بها، وأنهم فخورون بما حققوه من الإطاحة بحكم القذافى، وألقوا بالمسئولية على الحكومات الليبية التى تعاقبت بعد انتهاء حكم القذافى، لأنها رفضت مساعدة الناتو لها لتأسيس وإنشاء مؤسسات أمنية.

مسئول كبير بالحلف قال للوفد الإعلامى المصرى، الذى زار مقر الحلف الأسبوع الماضى، "تدخل الناتو فى ليبيا كان له شرعية من الأمم المتحدة والجامعة العربية، وتأييد إقليمى ضم دولا عربية، قادتها قطر بالتمويل الذى وصل لمليارات الدولارات، وأن تحرك الحلف كان لتحسين الوضع الذى طلب به الليبيون أنفسهم"، مشيرا إلى أنه لم يطلب منهم التدخل فى سوريا، ولكن فى ليبيا طلب التدخل بشكل مباشر، والدولة كانت بها مليشيات مما عجل بالتدخل، وتركنا ليبيا بعد نهاية العملية على رغبة البلد المعنية.

وأضاف "كان ضروريا للغاية أن يتدخل الناتو لمساعدة ليبيا من نظام الزعيم معمر القذافى، وقال "إذا لم يتدخل الناتو، فى ليبيا لكان الشعب الليبى، قد مُسِحَ على يد قائد ديكتاتور"، وتابع أنهم تدخلوا فى ليبيا بعد طلب من الأمم المتحدة والجامعة العربية، مشيرا إلى أن الحلف لا يتحرك ككيان منفرد، وإنما يتحرك بتفويض من الأمم المتحدة ومنظمات ودول وكذلك بتفويض أيضا من الجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجى دون أن يتطوع للقيام بأى أمر إلا إذا طلب منه ذلك.

وقال المسئول، "فى ليبيا كان التفويض محدودا عكس التفويض الذى مُنِحَ لنا فى البوسنة وكوسوفا، ففى ليبيا لم يُسمَح لنا بنشر قوات على الأرض، أما فى كوسوفا حينما انتشرت قوات الناتو، استطاعت السيطرة على السلاح، وتدريب القوات الشرعية، وبعد انتهاء مهمتنا بعد عشر سنوات غادرنا البوسنة، لكن فى ليبيا المهمة انتهت وتبين لنا وجود كم كبير من الأسلحة، مما أحدث فوضى عارمة فى أنحاء ليبيا، لذلك فإنه من المهم العمل على ضبط الأسلحة".

ودعا المسئول إلى التفرقة بين المنظمة والدول الأعضاء، نافيا حصول الناتو على أى غنائم من العملية أو احتلال للأراضى أو الحصول على ثروات، وإنما عمله كان على تهيئة جو، يمكن فيه بناء مؤسسات تعمل مع ليبيا لتقديم المساعدة الأمنية، معتبرا أن هدف حلف الناتو كان ليس إسقاط القذافى، وإنما حماية المدنيين، والقرار لم يكن خيار الحلف، وأن الحلف لم يسع لاحتلال أى دولة.

وأكد مسئول بحلف شمال الأطلسى أن الحلف قد قرر إرسال فريق صغير إلى ليبيا، لتقديم المشورة للسلطات الليبية تتعلق بتحقيق استراتيجيات وهيكلة للدفاع المدنى للمساعدة فى إنشاء المؤسسات الأمنية ورفع الكفاءات، وذلك فى إطار مدة ستة أشهر، مشيرا إلى أن هذا الفريق على اتصال دائم بالسلطات الليبية وسوف يقدم المشورة خلال الفترة المقبلة.

وحول الدور الذى قدمته مصر فى التعاون مع الناتو، فيما يتعلق بالعمليات فى ليبيا، أوضح المسئول أن مصر لم تشارك بأى قوات فى ليبيا، كما هو الحال بالنسبة للإمارات وقطر والأردن، والمغرب حيث ساهمت هذه الدول بالإمدادات والقوات والطائرات، مضيفا أن مصر قدمت دعمها السياسى فقط للناتو، مؤكدا أن الدعم الإقليمى كان هاما للغاية للحلف.

وواصل المسئول الكبير تبريره لعمليات الحلف فى ليبيا قائلا، "الناتو بذل جهدا كبيرا لتفادى وقوع أى أخطاء، ولا توجد عملية عسكرية نظيفة وأى عملية ينتج عنها ضحايا، مشددا على أن هناك ٧٥٪ من العمليات العسكرية، للحلف قد تم إلغاؤها فى ليبيا بسبب وجود خطر قد يحيط بالمدنيين".

نقطة خلافية أخرى كانت محور النقاش بين مسئولى الناتو، والوفد المصرى، وهى لماذا لم يتعامل الناتو، مع القضية الفلسطينية مثلما تعامل مع الأزمة الأوكرانية، وكانت البداية حينما أرجع مسئول رفيع المستوى فى حلف شمال الأطلنطى عدم تدخل الحلف لتحريك عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، إلى عدم وجود طلب من أطراف العملية السلمية للحلف لكى يتدخل، وقال إنه قرأ فى بعض وسائل الإعلام، نقلا عن مسئولين فلسطينيين إنهم طلبوا من الناتو التدخل، لكننا فى الواقع لم يصلنا هذا الطلب.

وأضاف المسئول أنهم لا يتدخلون إلا فى حال طُلِبَ منهم تقديم المساعدة، وأن هناك الأمم المتحدة واللجنة الرباعية المعنيين بذلك وأنهم يدعمون تحركاتهم فى هذا الاتجاه، وقال "الحلف يؤيد اللجنة الرباعية الدولية وخارطة الطريق وعملية السلام.. وإذا اطلع على وثيقة قمة إسطنبول ستجدون أننا نؤمن بحل الدولتين الذى يسمح بالعيش فى سلام وأمان".



أكثر...