حياتهن مرسومة داخل حدود خيمة السيرك التى ولدن فيها، تنتهى عندهن قواعد حياة البنت التقليدية منذ أول خطوة يخطونها فى هذه الدنيا حين تبدأ أرجلهن ضبط إيقاعها على إيقاع اللعبة التى ولدن من أجلها، وتتحرك أيديهن كل يوم، لتكتسب مهارة جديدة ستضاف إلى رصيد بنكهن الفنى فى المستقبل.

الأحلام البسيطة الهادئة بشقة على "ما قسم" وبيت صغير و"عيلين" يعيشون فى تبات ونبات تحل محلها أحلامهن الكبيرة تجتاز اختبارًا يوميًا أمام الجمهور لتأخذ "صك" المرور أو تعود مرة أخرى للصفوف الخلفية.. هنا بنات السيرك، حيث يرسم الإبداع والتحدى والقوة والأمل ملامح بنات اخترن أن يقضين كل دقيقة من حياتهن فى مواجهة مع الموت.

إلى جوار كرات الدم الحمراء والبيضاء يجرى السيرك فى دمائها مثلما يجرى فى دماء عائلة الحلو بالكامل.. حبلين صغيرين تتأرجح بهما "طاطا الحلو" يوميا بين الحياة والموت.. تتشبث بهما يديها القويتين، لتنساب فى الهواء وكأنها تفرد أجنحة تسمح لها بالطيران والاستعراض فى مساحة من الوجود لا تتحكم فيها قوانين الجاذبية التى نعرفها، تقول "بنات السيرك حالة خاصة.. أحنا فى عيلة الحلو مثلا السيرك بيجرى فى دمنا ومنقدرش نسيبه رغم أن العائد بتاعه ضعيف جدا.. أنا لما اتصبت ووقعت كان ممكن أموت.. وفضلت شهور متكسرة فى البيت بعد معجزة لكن أول ما قدرت أتحرك أول حاجة عملتها أنى جيت السيرك ورجعت أتدرب".

مواجهة يومية مع الموت.. ساعات تدريب تكاد تستحوز على اليوم بالكمال.. مرتبات ضعيفة.. ولكن يظل أسوأ ما يواجه بنت السيرك مثلما تقول "طاطا" هو أن يقال عليها "بنت سيرك" تنطقها بغضب قبل أن تتابع بثقة "الحقيقة فكرة المجتمع عن بنت السيرك هى أكبر ظلم ليها، لأن بنات السيرك جدعان جدا.. بيعشقوا شغلهن.. عندهن طموح وحلم وخيال أن فن كل واحدة فيهن يوصل للعالمية فى يوم وفعلا كتير منهن وصلن ورفعن اسم مصر".

تسند سلمها إلى الهواء قبل أن تبدأ التسلق بثقة كأنها تسنده إلى حائط عتيد، ترتفع وسط العيون المترقبة فتزيد الأمر صعوبة بمزيد من الألعاب التى تمارسها فوق سلمها الذى يقف وحيدًا معها على الأرض دون سند، "منى داخلى" صاحبة الـ21 عاما هى نموذج آخر من مجموعة بنات يعدون على أصابع اليد هم آخر جيل بنات السيرك، تعود إلى بداية القصة "كنت لسه طفلة ودخلت مع بابا اللى كان واحد من عيلة السيرك الجميلة وضمنى ليها.. ووقتها قررت أنى هبقى لاعبة سيرك وحبيت لعبة السلالم رغم أن الغلطة فيها ممكن تؤدى لموت.. وهى دى الحياة اللى اخترتها وقررت أعيشها".

إلى الجوار تقف" زيزى"، لعبتها الأساسية هى لعبة التيابلو التى تعتمد على كرة تدحرك بين عصايتين تتحكم فيهما بمهارة فائقة، ولكنها إلى جانب ذلك تقف كثيرًا فى مواجهة الموت فى لعبة السكاكين، بثبات تتصلب بينما يلقى اللاعب بسكاكينه إلى جوارها، ببساطة تحلم بأن يصبح السيرك القومى هو أكبر سيرك فى الوطن العربى، وترى أن البنت تحتاج لتدريب أكثر "عندنا لاعبات لو توفرت ليهم إمكانيات أفضل هيبقى ليهم مكانة فى العالم".

بنات السيرك.. رحلة يومية فى وش الموت بتعدى بضحكة ولعبة وحلم عنيد 1.jpg

بنات السيرك.. رحلة يومية فى وش الموت بتعدى بضحكة ولعبة وحلم عنيد 2.jpg

بنات السيرك.. رحلة يومية فى وش الموت بتعدى بضحكة ولعبة وحلم عنيد 3.jpg

بنات السيرك.. رحلة يومية فى وش الموت بتعدى بضحكة ولعبة وحلم عنيد 4.jpg



أكثر...