قبل اسابيع شارك عمل مسرحي في مهرجان  تحت عنوان الايام المغاربية للمسرح ، العمل  الذي  قدمته فرقة مسرحية شبابية من محافظة ميسان واخرجه  الفنان محمد عطيه الغريب  مرّ بصمت دون ان تلتفت اليه وسائل الاعلام  لسبب ما رغم انه فاز بجائزة حسن نص وحظي بمتابعة جيدة من المسرحيين والصحف الجزائرية. مخرج المسرحية الذي كان مستاء من الصمت الاعلامي لم يدل بشيء واكتفى بتزويدنا بهذا الموضوع الذي نشرته احدى الصحف الجزائرية بقلم الكاتبة (ساسيا)..  فاز النص المسرحي “أيها الآتي وداعا” للكاتب المسرحي العراقي حيدر الشطري على جائزة أحسن نص في مسابقة الأيام المغاربية للمسرح ،التي اختتمت منذ أيام بولاية الوادي الجزائرية، و التي جمعت بين 10 اعمال مسرحية من ست دول عربية . يعري نص مسرحية “أيها الآتي وداعا” للكاتب حيدر عبد الله الشطري ،و الذي ترجمه المخرج العراقي محمد عطية غريب الى قراءة ركحية ،أوجه السيطرة الغربية على المجتمعات المستضعفة ، هذه السيطرة التي يرمز لها في النص بشخصية “الشيء المبهم” الذي تتعدد اشكاله بين صندوق النقد الدولي، الناتو ،مركز التجارة الدولي هو ايضا نظام الرأسمالي و العولمة و كل ورقة للضغط تستعمل حسب الموقف. ينطلق العمل من شخصيات تتبعثر على الخشبة و تختفي ثم يخرج منها رجل سيطارده صوت من خلف ستار، يعرف نفسه أنه الشيء الذي يحتاجه الرجل ،الذي سيظهر مع تطور أحداث المسرحية انه سجين قابع في سجنه منذ سنين بسبب رسمه لكرسي مقلوب على كل جدران المدينة أغاض به الديكتاتور أو كما سماه الكاتب “الجلاد”، و جاء الشيء المبهم ليخلص هذا السجين و يعرض عليه خدماته بعد ان عرفه بنفسه “اذا احتجت القوة انا القوة انا نقطة الضغط انا السوق ان صندوق النقد الدولي انا الناتو و مركز التجارة الدولي ،يتغير شكلي حسب الموقف”. اقترح الشيء المبهم على الرجل أن يعتمد عليه فرفض هذا الأخير ،و لكنه ترجاه لأنه بحاجة اليه ،الى ذكاءه و جماله و ثرواته ، يذكره بماضيه الذي زج به في السجن و يأخذه في جولة لمختبر أحد العلماء الذي يكتشف سلاحا مدمرا من خلاصة عصير الرمان الذي يحاول الشيء المبهم الحصول عليه و ترويجه في العالم “عصير الرمان العجيب برشة واحد تقضي على من يخالفك الرأي و بدولار واحد فقط” و ان كان سيتضرر هو أيضا منه و يفقد ذراعه بسببه. سينتقل الشيء المبهم الى خمس سنوات في المستقبل اين تعيش شخصيات العمل الأخرى الضياع و البحث عن شيء مسلوب قد يكون الوطن،الشهيد ،الثروة و تتهم الشيء المبهم بسرقته و يتهمها هو بالتقصير و الغفلة ثم يحدث الصراع بينها وبينه ،تثور عليه فتفقده يده الأخرى لتتوحد فيما بينها في الأخير و يبقى صوت الشيء المبهم حيا هو الذي لا تموت مخططاته و حيله للرجوع و السيطرة مرة أخرى . حاول المخرج محمد عطية غريب وضع قراءة ركحية للنص موظفا فيها كل مفردات الخشبة من ممثل ،ديكور و سينوغرافيا فاعتمد بالدرجة الأولى على الممثل الذي جعله يتنقل بحرية على الخشبة موظفا لكل قدراته الفنية من تمثيل و غناء و رقص واستعان بأسلوب التدوير في المسرح من خلال اختتام العرض بنفس مشهد الانطلاقة ،الاضاءة كانت خافتة لا تضاء الخشبة إلا نادرا بينما استعمل الضوء المسلط على الشخصية و هذا يناسب المسرح التراجيدي الذي ينتمي اليه العرض. و ترمز مجموعة الكراسي المربوطة الى بعضها و المعلقة في شكل مقلوب الى مشهد الرجل السجين الذي رسم كرسي مقلوب على جميع جدران المدينة اختيارا رمزيا و جماليا من المخرج بدل من أن يرسم الكراسي على ستائر العرض التي وظفت كمنافذ و أبواب ينفذ منها الشيء المبهم . لم تقل قدرات الممثلين الشباب (عبد القدوس الحلفي ،علي الغالي ،ليث الغريب ،غزوان العربي ،عمار دعير ،علي صبيح ،حيدر احسان وعلي عبد الرضا) عن قدرات الممثلين الذين مروا على خشبة دار الثقافة في هذه الطبعة من المهرجان و التي اكتشفنا خلالها قوة الممثل العربي على الخشبة و قدرته على الحفاظ على وتيرة آدائه مهما كانت مدة العرض

أكثر...