عادل عبد المهدي في الفترة الملكية شاعت اطروحة ان الحكام هم ازمة البلاد.. وان البلاد ستتحرر بمجرد اسقاطهم.. فجاء الحكم الجمهوري، الذي بقدر ما نجح في صناعة وحدانية الحاكم نجح في تكوين معارضته الداخلية والخارجية. فجاء البعث عام 1963.. فبطش بالشيوعيين ثم بالقوميين والكرد لينهار بانقلاب داخلي اسس لمرحلة حكم الاخوين عبد السلام وعبد الرحمن عارف.. بقي الصراع في اطارات السلطة وبين العسكريين الى مجيء البعث مجدداً عام 1968.. فحُكمت البلاد بالقبضة الحديدية والاجهزة الامنية، ودخلت حروباً عدة داخلية وخارجية.. وصار الاعتقاد انه بمجرد الخلاص من ذلك الوضع، فستتحقق المكاسب والمنجزات ويعوض الشعب ما فاته.. وتلحق البلاد بركب الامم. تحققت بعض المكاسب مع كل مرحلة.. لكن حجم الخسائر والتخريب بقي اكبر بكثير.. فتراجعت البلاد على اكثر من صعيد. رغم ان جميع التيارات مرت بالحكم بشكل او باخر.. فالملكية والجمهورية.. والعلمانية (الليبرالية والشيوعية والاشتراكية) والاسلاموية بجناحيها السني (عارف وغيره) والشيعي (حالياً) والقومية بجناحيها البعثي والناصري جميعهم جربوا حظوظهم ولم يتقدموا بالبلاد تقدماً حاسماً يضعها في مسارات مستقرة ثابتة.. تتخلص فيه من الفوضى والانقسام والحروب التي تراكم الخسائر والتخريب.. وتمنع الاعتراف بمكاسب غيرها او الابقاء عليها.. فدمرنا منطق التراكم الايجابي.. الذي يمثل الترسانات الحقيقية لاية امة لبناء منظومة.. تقوم على قاعدة راسخة وقوية لانتاج القيم المعنوية والمادية.. التي تتقدم بها الامم وتمنع عنها مسارات التراجع والتدهور. يُرفع شعار التغيير ونحن نقترب من الانتخابات.. فالبلاد في مازق خطير يتطلب تغييراً جدياً وحقيقياً في المفاهيم العامة والعقل الحاكم واساليب الادارة والعلاقات الوطنية والخارجية. واي تغيير، يعتمد مجدداً على تقوية مراكز السلطة والدولة على حساب الشعب والمجتمع، سيعني دورة جديدة فاشلة تعيدنا لنقطة البداية. الدولة القوية، والوطن القوي هما نتاج شعب ومجتمع ومواطنين اقوياء.. في حقوقهم واقتصادهم وامنهم وكرامتهم ومبادراتهم ومستقبلهم، وفي كل شيء. فاي قرار او تشريع مطالب بجواب واضح ومباشر تطبيقاً وعملاً.. هل سيقوي سلطة المواطن ودور الشعب واولويته وقدراته وامكانياته، ام سيستلبها منه.. فاي قوة للدولة بتدمير الشعب واستلابه حقوقه، واي سحق للمواطن باسم الوطن، ومهما كانت التبريرات والاغطية، ستكرر التجارب الماضية، وستدمر اكثر مما تبني سواء اكان من يقوم بها يدعي الليبرالية، العلمانية، القومية او الاسلامية.

أكثر...