ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن الحياة فى الشرق الأوسط لا تهدأ أبدا، وأن المفاوضات التى بدأت فى نهاية العام الماضى لم تحد من التقدم الإيرانى فى القدرة النووية، مما دفع بلدانا أخرى للشعور بالحاجة إلى إعداد روادع خاصة بها، وأنه بعد فقدان الثقة فى الحماية الأمنية تحت مظلة الولايات المتحدة، بدأ السعوديون بتطوير قدراتهم الذاتية، وأصبحت المخاطر هائلة أمام المنطقة وأسواق الطاقة فى العالم.

وأوضحت الصحيفة- فى تقرير أوردته على موقعها الالكتروني- اليوم الاثنين أن القضية أثيرت فى وثيقة لمركز "بيفلز" فى جامعة هارفارد من قبل أولى هينونين وسايمون هندرسون، وتتضمن الاهتمام السعودى بالتكنولوجيا النووية واستخدامها لإنتاج الطاقة الكهربائية وتحديث طرق إمداد النفط المصدر.

وأكدت دراسة أجراها مركز كفاءة الطاقة السعودى أن المملكة تنتج أكثر من 12% من الطلب العالمى للبترول، إلا أنها تستهلك 24% من الاحتياج المحلى بمعدل 3 ملايين برميل يوميا، وأن الاستهلاك المحلى سيصل فى السعودية عام 2030 إلى 50% إذا لم يتغير نمط الاستهلاك من خلال التوعية والترشيد.

وتكافح المملكة لتعويض ذلك الهدر الكبير فى الطاقة الذى يلتهم ربع الناتج المحلى بقرار وصف بالجرئ، لكنها ما زالت بطيئة؛ نظرا للخسائر المليارية المستمرة التى من الممكن الاستفادة منها فى برامج تنموية أكثر نفعا فى التنمية، حيث صدر أمر ملكى فى عام 2010 بإنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية، وجاء فى نص الأمر الملكى ما يلي: بناء على ما صرح به وزير البترول والثروة المعدنية أن المملكة تشهد نموا مطردا وبمعدلات عالية للطلب على الكهرباء والمياه المحلاة وذلك نتيجة للنمو السكانى والأسعار المدعومة للمياه والكهرباء ويقابل هذا الطلب المتنامى على الكهرباء والماء طلب متزايد على الموارد الهيدروكربونية الناضبة لاستخدامها فى توليد الكهرباء وتحلية المياه التى ستستمر الحاجة لتوفيرها بشكل متزايد.

وبعد إنشاء المدينة تم التوقيع على اتفاقيات لإنشاء 16 محطة نووية فى عموم المملكة خلال العشرين عاما المقبلة بتكلفة 300 مليار ريال سعودية حيث سيبدأ العمل فى أول محطتين عام 2016 بحسب تقرير عرض فى "رابطة العالم النووي" وكشف التقرير أن السعودية اختارت ثلاث مدن لبناء مفاعلات نووية، هى: جازان والجبيل وتبوك.

ولفتت "الفاينانشال تايمز" إلى أن هينونين وهندرسون يعتقدون أن السعوديين شرعوا فى إعطاء أنفسهم الخيار على أن يكونوا قادرين على تجاوز الطاقة النووية المدنية إلى النقطة التى تمكنهم أن ينتجوا نوعا من الأسلحة فى غضون أشهر، وأن الدولة السعودية لديها من المال الكافى لشراء كافة إحتياجاتهم، ولديهم حليف مقرب وخطر "باكستان" والتى بالفعل دولة نووية.

ورأت الصحيفة أنه بمرور الوقت سيتحرك العالم بعيدا عن الاعتماد على إمدادات نفط الشرق الأوسط، وأن التحسينات فى الكفاءة، وتطوير جميع أنواع البدائل من الغاز الصخرى والنفط والرياح والطاقة الشمسية ستوفر للمستهلكين خيارات جديدة، وأن الطلب على النفط سوف يصل إلى ذروته قريبا جدا على الصعيد العالمى- كما فعلت بالفعل فى الولايات المتحدة وأوروبا واليابان.

ولكن النقطة الحاسمة هى أننا لم نصل إلى هذه النقطة حتى الآن، وأن الحديث ينحصر فى الاكتفاء الذاتى للنفط والغاز فى أمريكا الشمالية وإمكانية تطوير الغاز الصخرى الصينى، وعلى المدى القصير، هناك مصادر جديدة للإمدادات القادمة تدريجيا التى سيبدأ اعتمادها- على سبيل المثال فى بحر قزوين، والبرازيل وغرب إفريقيا. ولكن فى كل حالة، بدت وتيرة تلك التطورات أبطأ مما وعد به، ولا يمكننا إنكار حقيقة أن تلك الاحتمالات الإيجابية على المدى المتوسط والطويل لن تؤثر على الاعتماد على سوق صادرات النفط من الشرق الأوسط فى العقد القادم.

وأشارت الصحيفة إلى أن المملكة العربية السعودية تنتج حاليا نحو 11.5 مليون برميل يوميا من بينهم 8.5 مليون برميل يوميا يتم تصديرهم، ويمثل ذلك سدس تجارة النفط العالمية، وإذا فشلت العراق فى أن ترقى إلى مستوى الضجيج المعتاد بإنتاج 6 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2020 وسيكون الاعتماد على السعودية أكبر.





أكثر...