مع اقتراب الذكرى الثانية لتولى فرنسوا هولاند سدة الرئاسة الفرنسية، تتواصل شعبيته فى الهبوط حتى وصلت إلى أدنى مستوى لها فى استطلاع الرأى الذى أجراه معهد "ايفوب" الفرنسى خلال اليومين الماضيين.

ووفقا لهذا الاستطلاع يحظى الرئيس هولاند بدعم 18% فقط من الفرنسيين، وهى أقل نسبة يحظى بها رئيس فرنسى فى تاريخ الجمهورية الخامسة منذ عام 1958، وأوضح الاستطلاع أن رئيس الوزراء الجديد مانويل فالس يحظى بدعم 58% من الفرنسيين وهى من أعلى النسب التى يحصل عليها رئيس وزراء فى بداية فترة توليه مهام عمله، وبذلك يكون الفرق فى الشعبية بين الرئيس الفرنسى ورئيس حكومته قد بلغت نسبته 40% وهو لم تشهده فرنسا منذ سنوات طويلة.

وفى السياق ذاته امتلأت شوارع باريس يوم السبت الماضى بآلاف المتظاهرين من أنصار اليسار الفرنسى المتطرف احتجاجا على سياسات أولاند التقشفية التى تصب فى مصلحة أصحاب العمل على حساب الموظفين، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "هولاند كفى" وذلك بعد أقل من أسبوعين على تغيير الحكومة الفرنسية، بعد الهزيمة القاسية التى منى بها الرئيس هولاند وحزبه فى الانتخابات البلدية التى أجريت أواخر مارس الماضي.

ويرى المراقبون أن الانخفاض غير المسبوق الذى يحظى به هولاند هذه الأيام يعتبر انعكاسا لحالة الاستياء والخيبة التى يشعر بها المواطنون إزاء سياسات الرئيس ووعوده التى لم يتمكن من تنفيذها، فمن ناحية لم ينجح هولاند فى النهوض بالأوضاع الاقتصادية لبلاده ولم يتمكن من الحد من معدلات البطالة، فالعاطلون عن العمل بلغ عددهم الشهر الماضى 3.35 مليون شخص، أى ما يزيد على 11 فى المائة، كما تجاوزت نسبة الدين العام 95 فى المائة من الناتج الداخلى العام، إذ بلغ 4923 مليار يورو وهو ما يعادل 26 الفا و500 يورو لكل مواطن فرنسى، فضلا عن ذلك، خسرت فرنسا تصنيفها المتميز لدى لعديد من المؤسسات المالية الدولية إضافة إلى معاناتها من فقدان التنافسية وارتفاع الضرائب وغلاء المعيشة وتزايد نسبة الفقراء وإفلاس نظام الرعاية الاجتماعية والصحية والهجرة المستمرة من الأرياف إلى المدن.

من ناحية أخرى، فإن استمرار التراجع فى شعبية هولاند حتى بعد تشكيل الحكومة الجديدة يعكس حالة من عدم الرضا الشعبى إزاء تركيبة هذه الحكومة، ورغم ارتفاع شعبية رئيس الوزراء الجديد فالس غير أن هذا لا يعنى أن المواطنين ينظرون بعين الرضا إلى حكومته، فقد شكك الكثيرون فى قدرتها على إنجاز المهام الصعبة التى أوكلها إليها الرئيس الفرنسى، وعلى رأسها تقليص معدلات البطالة ورفع مستوى النمو وتقليص النفقات العامة، ويرى هؤلاء أن هولاند حرص فى المقام الأول، أثناء اختياره لأعضاء الحكومة، على مراعاة التوازنات الداخلية بين أجنحة الحزب الاشتراكى الحاكم ولم يهتم بإشراك شخصيات قوية مشهود لها بالكفاءة والفاعلية وهو ما يعكس عدم وجود رغبة حقيقية فى إحداث تغيير حيث أن اهتمامه انصب على محاولة استرضاء الحزب الاشتراكى، كما يعكس حالة من الضعف وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة فى أوقات الأزمات.



أكثر...