رغم الصدأ والأتربة التى تراكمت على نحاسه المنقوش بمهارة وحب، إلا أن عشرة 30 عاماً جعلت من الصعب على الأسطى"عبد العظيم" فنان النحاس أن يفارق المطرقة والأزميل، ويهجرهما إلى غير رجعة كما هجرته الزبائن.

وعلى أمل أن يعاود السياح دق باب ورشته المتواضعة بحى الجمالية من جديد بعد أن تستقر أوضاع البلد، حول جزء منها إلى "كانتين" يبيع فيه الحلوى لأطفال الحارة التى يقطن فيها منذ أن خرج إلى الدنيا، وبعض مواد البقالة الأخرى من أكياس السكر والشاى والمكرونة لربات البيوت اللاتى لا يقدرن على شراء أطباق وصوانى النحاس التى ينقشها بأزميله.

منذ صغره كان يهوى الجلوس عند أقدام أبيه الحاج "إبراهيم" ليشاهده وهو يهوى بمطرقته على الأزميل بدقات تحدد يده الخبيرة مدى قوتها لتصنع الشكل المطلوب، فيقول: "كنت أرجع من المدرسة وأطلع البيت أرمى الشنطة وأنزل على الورشة أتفرج على أبويا وهو بيشتغل وأنبهر إزاى بيتحول النحاس تحت إيده لفوانيس وأباريق ومباخر وصوانى بتبهر السياح نفسهم اللى كانوا ليل ونهار عنده فى الدكانة، وانتهزت فرصة غيابه فى مرة وحاولت أقلده وأدق بالأزميل على النحاس زى ما بيعمل بس كانت النتيجة إنى شوهت شكل الطبق اللى كان شغال عليه بس هو مزعلش منى، لما شاف اللى أنا عملته ضحك وقالى تعال أعلمك تدق عليه إزاى، ومن هنا بدأت الشغلانة".

خمسون عاماً هى رصيد "عبد العظيم" الذى تتعايش مهنتيه بسلام داخل دكانه الصغير، حيث يعلق الأطباق واللوحات النحاسية على حوائط الدكان وتتدلى الفوانيس من سقفه بينما تتصدر أكياس الحلوى والبسكويت واجهة المحل: "مكنش قدامى غير إنى أفرط فى المهنة اللى بحبها وبشم فيها ريحة أبويا الله يرحمه أو أجيبلها ضرة تقدر تخلينى أصرف على بيتى وعيالى".

هذه "الضرة" كما يسميها تعايشت فى سلام مع حبه الأول "النقش على النحاس"، الذى قلت زبائنه منذ ثورة 25 يناير، التى أثرت بشكل كبير على السياحة: "زمان كان السياح بيجولى لحد ورشتى وكان أصحاب البازارات فى خان الخليلى بيشتروا منى كميات، لكن دلوقتى عندهم بضاعة متلتلة عاوزين يخلصوا منها".

ارتفاع سعر النحاس هو ما يجعله يفقد بريقه أمام عيون الزبون المصرى، وفى ظل غياب السياح تظل بضاعة الأسطى عبد العظيم الرائجة فى حى الجمالية هى مواد البقالة والحلويات لحين إشعار آخر.


لأن النقش على النحاس "شغلة مش جايبة همها".."عبد العظيم" جاب لها "ضرة" 1 (1).jpg

لأن النقش على النحاس "شغلة مش جايبة همها".."عبد العظيم" جاب لها "ضرة" 1 (2).jpg

لأن النقش على النحاس "شغلة مش جايبة همها".."عبد العظيم" جاب لها "ضرة" 1 (3).jpg



أكثر...