الموسيقى مشاعر غير مرئية بل محسوسة، حركة تفاعل صادقة شبيهة بنبض الحب فى قلب الإنسان، لكنها لا تعيش إلا إذا كانت لها شخصية وأسلوب مختلف يميزها، وهذا ما صنعه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذى تحتفل الأوساط الإعلامية والفنية اليوم بذكرى وفاته الـ 23.

الموسيقى عند محمد عبد الوهاب موهبة يمتد منها العلم والمعرفة، تتجلى فيها دندنات الأوتار وسحر النغمات وصوت مياه الأنهار وحفيف أوراق الشجر، لتخلق روحا إبداعية فى التجدد الموسيقى بصوره التى رسمها بقلب طفل وطموح شاب وعقلية رجل حكيم.

تميز موسيقار الأجيال بألحانه الفريدة فى جميع أشكال الأغنية العاطفية والوطنية والقصيدة المغناة، التى تعد من أصعب الألحان، ولعل أمير الشعراء أحمد شوقى أول من تنبأ بموهبته، حيث كتب له قصائد عديدة منها "كليو باترا" و"مضناك جفاه مرقده".

وفى أحد حواراته التليفزيونية يقول موسيقار الأجيال "ترعرعت فى مدرسة أمير الشعراء أحمد شوقى، وتعلمت منه الشجاعة الفنية، وسافرت معه للمرة الأولى خارج البلاد، لأطّلع على الموسيقى الغربية".

وضع عبد الوهاب موسيقى القصيدة العاطفية الخالدة "لا تكذبى" التى نزفها كامل الشناوى على صخرة الخيانة، وتغنى بها على العود قبل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، ونجاة الصغيرة، وموسيقى قصائد "أغار من قلبى" و"الجندول" و"النهر الخالد"، و"هذه ليلتى" و"أغدا القاك" بجانب الأغنيات العاطفية التى كتبت المجد لمطربيها، ومنها "ودارات الأيام" و"أنت عمرى" و"أمل حياتى" و"ليلة حب" لكوكب الشرق أم كلثوم، و"إلا أنت" و"مرسال الهوى" لنجاة الصغيرة.

ولا ينسى له الجمهور لحن "فاتت جنبنا" غناء عبد الحليم حافظ وكلمات حسين السيد والتى أدخل فيها موسيقار الأجيال آلات موسيقية جديدة أضافت للموسيقى الشرقية، و"نبتدى منين الحكاية" للعندليب الأسمر، ورائعته الخالدة "من غير ليه" التى كانت بمثابة عودته للغناء بعد ما يقرب من 25 عاما، وطوال مشوار الموسيقار الكبير، اكتشف الكثير من المواهب فى مجال الطرب والغناء والكلمة.

عاش موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، طوال حياته فنا وموسيقى وعطاء، بصورة اختلط فيها الذكاء بالجمال بالروعة بالصدق، ورغم أنه كان يخشى الحسد إلا أنه قدم ما بوسعه للارتقاء بالذوق الموسيقى.



أكثر...