محمد السماعيل … ليس لدى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المسوغات والمبررات المنطقية لعداء المملكة العربية السعودية، ولذلك فإن اتهاماته بدعم الإرهاب مردودة عليه من كل الجهات، وذلك ببساطة هروب الى الأمام من فشله ومشكلاته وأزماته الداخلية التي تعصف به، وتجعل العراق تحت إدارته لشؤون الدولة غير مستقر أو آمن، ويتراجع في جميع مؤشرات التنمية بصورة دراماتيكية وتراجيدية مؤسفة، تكشف عن خواء في الممارسة السياسية القائمة على العناد وتصدير الأزمات الداخلية الى الخارج. ظل المالكي يكيل الاتهامات للمملكة بصورة متكررة، وذلك يعكس انشغالا سلبيا بغيره، ويحمل شبهات بمحاولة إنتاج إرهابيين وإلصاقهم بها، والرجل خاو وفارغ من أي فكر سياسي يجعله يدير شؤون بلاده بسلاسة، ويوفر لها أمنها الضائع بسبب سياساته الإقصائية، ولا يتوقع أن يستعيد العراق أي مفقود سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي طالما كان المالكي في سدة الحكم، لأنه باختصار غير رشيد أو جدير بحكم العراق الأكبر منه. في ظل حكم المالكي تراجع العراق الى مستويات مخيفة من التمييز الطائفي، والاجتماعي، والانهيار الاقتصادي، والتفكك السياسي، ولم تعد البلد لحمة واحدة، فهناك الأكراد نأوا عنه وعن سياساته غير المجدية واستعصموا بإقليمهم يديرون شؤونه، وينتجون نفطه ويصدرونه ويبنون وطنا صغيرا في الشمال لا يعترف بالمالكي والفوضى التي يمارسها في حكم العراق، وبقي الوسط والجنوب محل ارتباك وسوء إدارة بسبب الجفوة التي افتعلتها سياساته في مجتمعات المنطقتين. لا يمكن للعراق أن ينهض ويستقر ويتعايش مواطنوه بسلام طالما تستمر مثل هذه السياسات الخرقاء التي تستعدي أبناء الوطن الواحد ودول الجوار، ومن سوء حظ العراق أن يقوم بأمره ويحكمه أمثال المالكي الذين لا يجيدون الفعل السياسي الرشيد، فتقسيم المواطنين مذهبيا حرمهم الأمن وانتج كثيرا من الأحقاد والفتن التي نراها كل حين في تفجيرات هنا وهناك، وحالة اقتتال داخلي صعبة يروح ضحيتها مزيد من الأبرياء، فهل ذلك ما يريده المالكي ومن يأتمر بأمرهم؟ ربما يهدف لذلك بتشتيت العراقيين والقفز على الحقائق الكارثية لبؤس سياسته وتناقضاتها، فهو يتحدث عن الإرهاب ويتهم به الآخرين، فيما يمارس إرهاب الدولة في الفلوجة والأنبار، ويمايز بين العراقيين بصورة قاتلة تجعلهم يقتلون بعضهم على هويتهم الدينية والمناطقية، إنه يصبح بهذا السلوك مصدر خطر على جميع العراقيين ودول الجوار، وهو ما ينبغي النظر اليه بعين الاعتبار، لأنه لا يحسن إدارة الدولة ويعبث بأمنها واستقرارها وينفذ أجندة خارجية تصفي حساباتها على حساب العراقيين. نموذج نوري المالكي السياسي لا يليق بالعراق، وحكم هذا البلد أكبر من أن يمسك بزمامه سياسي قصير النظر يتلقى توجيهاته وتعليماته من الآخرين، ولا بد من أن يتعامل العراقيون مع حاكم فاشل بنوع من اليقظة وعدم السماح له بالإمعان في امتهان كرامتهم الوطنية وتفريقهم وإقصائهم عن أي دور في حكم بلادهم، لأنه رهن الحكم لآخر يأتمر بأمره ويعمل بإرشاداته، فيتخبط ويضرب بالعراق المستقر عرض الحائط، واستمراره على هذا النهج السياسي العقيم سيتسبب بكل تأكيد في مزيد من الكوارث والأزمات السياسية الخانقة التي لن تعيد لنا العراق وطنا آمنا ومتقدما لا يسمح للأقزام بالسيطرة على إرادته ومسيرته. المصدر : اليوم السعودية

أكثر...