نقلا عن العدد اليومى:

فى الماضى كانت دور العرض الشعبية والصيفية تعرض أحيانا فيلمين فى بروجرام واحد أو فى عرض واحد كنوع من أنواع الجذب للجمهور، وعادة كان العرض يجمع بين فيلم مش شغال قوى إلى جانب فيلم جماهيرى بمنطق البضاعة الحلوة تروج للوحشة، فاسمحوا لى أن أقدم لكم فيلمين فى مقال واحد، ولأنى بالفعل شاهدتهما بشكل متتالٍ وكان لى غرض، وليس كل الغرض مرض.

أما الفيلم الأول فهو الفيلم المصرى الأحدث الذى يُعرض حاليًا، وهو «مراتى وزوجتى» إخراج معتز التونى، وتأليف لؤى السيد، وبطولة رامز جلال، وشيرى عادل، وإدوارد وحسن حسنى، ورجاء الجداوى.

الفيلم من أسماء أبطاله ومخرجه تستطيع أن تتأكد أنه كوميدى يحكى قصة مهندس شاب متزوج من فتاة لا تهتم إلا بعملها فى جمعية للأسرة السعيدة، ويسافر لمشروع عدة أيام إلى دولة أفريقية ليلتقى بفتاة ترافقهم لأنها ابنة زعيم القبيلة التى يعمل فى أرضها ويعود لمصر بعد انتهاء العمل، ليكتشف أنه تزوج ابنة الزعيم التى حضرت لتقيم معه وتكتشف الزوجة فتقرر الطلاق ولكنها تؤجله لتفوز بمنصب الأسرة المثالية فى الجمعية، ولكنها تعود للزوج وتترك المنصب من أجل بيتها، قصة شديدة السذاجة فى تناولها وشديدة البساطة، وهو تعبير مهذب، فى أدائها تعتمد على إفيهات رامز جلال المعتادة من برامجه التى يقدمها فى رمضان، ولكنى أتوقف أمام شىء واحد فى هذا الفيلم الذى تم تصوير جزء منه ربما فى أدغال أفريقيا بالفعل أو على الأقل فيما يشبه غابات أفريقيا وأتساءل: لماذا ونحن من أهل هذه القارة السمراء العظيمة كلما أشرنا فى أفلامنا لها ضحكنا منها وجعلنا من أهلها مسخرة نتندر عليهم بأنهم إنسان الغاب طويل الناب، وهو جهل فى أقل وصف، فكم من دول أفريقية تفوقنا تقدمًا، وأتعجب، فعلى المقابل تقف السينما العالمية من أفريقيا موقفا مختلفا، ففيها وعنها قدمت السينما العالمية البيضاء أهم وأجمل الأعمال السينمائية، فهى لا تضحك منهم ولكنها عادة تبرز حكمة أهلها وإن ظُلموا، فكيف بنا ونحن من أبناء هذه القارة ننظر لأهل الجنوب نظرة تعالٍ وسخرية، وأهل الشمال البيض يمجدونها وإن ظلموها وسرقوها فى الواقع، فكأن أفلامهم عنها تعبير اعتذار، قد يرد قائل بأن الفيلم كوميدى والكوميديا تحتمل السخرية، فأرد عليه قائلة إنه منهج فى أفلامنا وليس مرة وعدت فاحذروا.

أما الفيلم الثانى فى البروجرام، فكان الفيلم الأمريكى المرأة الأخرى أو The Other Woman والفيلم بطولة كاميرون دياز وليزلى مان وكيت أبتون كتبته ميلسا ستاك وأخرجه نيك كازافيتيس، الفيلم يحكى قصة محامية ناجحة تقع فى غرام رجل ثم تكتشف أنه متزوج وخدعها، وتتعرف على زوجته التى تبدو ساذجة وتصير صداقة بينهما ثم تنضم لهما العشيقة الثالثة التى يخون زوجته معها ويقررن الانتقام من هذا الرجل المخادع لتتغير حياة كل من النساء الثلاث ويهزمن الرجل الخائن شر هزيمة.. هذا الفيلم الذى حصد حتى الآن إيرادات حوالى 95 مليون دولار استحوذ على هجوم نقدى شديد، فأغلب نقاد أمريكا كتبوا أنه اعتمد على ضحكات رخيصة، وهنا أتوقف قليلاً، فقد استمعت كمشاهدة وضحكت فى الفيلم الأمريكى وما رآه نقاد أمريكا رخصًا فى الضحك وجدته ضحكا ثمينا عز على فى فيلم بلغة بلادى ليس من منطلق عقدة الخواجة، ولكن لأن ضحكاتهم تعبوا عليها تفكيرا وكتابة بلا افتعال، فقد يكون الفيلم بالنسبة لهم رخيص الضحكات، ولكن حين تشاهده فى بروجرام واحد مع مراتى وزوجتى ستعرف معنى الرخص الحقيقى!

وبرغم أن كاميرون دياز هى الأشهر والأقوى نجومية مقارنة ببقية البطلات، فإن دور ليزلى مان وهو دور الزوجة المخدوعة كان الأقوى فى الأداء والأكثر أثرًا وإضحاكًا.

فيلمان فى بروجرام واحد أو مقال واحد كفيلان بمقارنة ظالمة بين ضحك أهل أفريقيا السمراء وضحك رجل الشمال الأبيض الذى نقول عنه دمه ساقع بس إحنا غلطانين لأن فيلمين فى بروجرام واحد أثبتا عكس ذلك.



أكثر...