تأخر اعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في الثلاثين من نيسان الماضي رغم مضي اكثر من اسبوع على انتهائها .. امر مخيب للآمال وغير منطقي تماما ولا يقبل سوى تفسير واحد ، وهو تهيئة الراي العام لقبول شيء معين ( خارج المألوف او مجافي للحقيقة والواقع ) باستخدام عامل الوقت وبعض الازمات من هنا وهناك . لكن من يشترك في هذا العمل؟ ولماذا يحاول البعض الخروج عن اطار الديمقراطية؟ ان اغلب وسائل الاعلام ( في ترويجها لنتائج غير حقيقية ) وبعض القوائم الانتخابية المشاركة ( في خلط الاوراق او باعلانها التمسك بمناصب معينة قبل اعلان النتائج النهائية ) وعديد مراكز قياس الرأي العام ومنظمات مراقبة الانتخابات ( في مراقبة دقيقة تتفوق على المفوضية بكافة امكاناتها احيانا او باعلان نتائج شبه رسمية ومنها ما يتداوله ويعلنه بشكل مستمر مركز “اتجاهات” ) .. يشتركون جميعا في الالتفاف على الحقائق وارادة الناخب بصورة تدعو الى التساؤل عن الرقيب الذي من المفروض ان يحمي الديمقراطية من المخاطر التي قد تحدق بها ، وعمن يصون ارادة الناخب من تلاعب بعض ضعاف النفوس . ان تجاوز المفوضية لهذه المواقف بتأخرها في اعلان النتائج يتيح لهؤلاء الحديث كيفما يشاؤون وبشكل يضر بالعملية السياسية وثقة المواطن بجدوى الممارسة الانتخابية . فهل يعقل الحديث عن تشكيل الحكومة المقبلة او شكلها ، قبل اعلان النتائج النهائية وخلافا لبنود الدستور الذي ينص في مواده على: – يستمر رئيس الجمهورية بممارسة مهامه الى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه ، على ان يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال ثلاثين يوما من تاريخ اول انعقاد له (المادة 72/ ب ) .. اي ان ولاية رئيس الجمهورية ما زالت مستمرة لحد الآن . – يجري انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسة واربعين يوما من تاريخ انتهاء دورته الانتخابية (المادة 56 / ثانيا ) .. اي ان عمل مجلس النواب الحالي ما زال مستمرا ويستمر لغاية 15 / 6 / 2014 . – يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب باستثناء الحالة المنصوص عليها في الفقرة (ب) من البند (ثانيا) من المادة (72) من هذا الدستور، اذ يكون التكليف خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية ( المادة 73 / اولا ) . فاذا كانت ولاية رئيس الجمهورية ومجلس النواب الحاليين ما زالت مستمرة ، فمن خول احدا بالحديث عن تشكيل الحكومة المقبلة ، واية حكومة بلا نتائج انتخابية او استحقاقات رقمية او كتلة اكبر عددا .. لكن حديثا بهذا الشكل لا يقبل سوى احتمالين: الاول – ان من يقوم به واثق تماما من الفوز وليس بحاجة الى اعلانات او نتائج المفوضية . الثاني – ان من يقوم بذلك يهدف لاستمالة الكتل بالمناصب حتى لا تفكر بالنتائج . وفي كلتا الحالتين المفوضية هي السبب ، فلو اعلنت النتائج الاولية مثلما عملت سابقتها في انتخابات 2010 بعد ثلاثة ايام من انتهاء الانتخابات ، لما حدثت مثل هذه الامور . فالمفروض دستوريا ومنطقيا ان تتم مباحثات تشكيل الحكومة بعد اعلان النتائج النهائية للانتخابات حتى يعرف كلا استحقاقه ، وبعد انعقاد اول جلسة لمجلس النواب المقبل التي تتكلل بانتخاب رئيس الجمهورية الذي يكلف بدوره رئيس الوزراء من الكتلة الاكبر او المتفق عليه بين الكتل الفائزة والاخير يبدأ مهامه لتشكيل الحكومة الجديدة خلال ثلاثين يوما . لكن سكوت مفوضية الانتخابات على كل ذلك واستمرارها في تكميم الافواه بالهجوم حصرا على كل من يتعرض اليها او يؤشر على عملها او من خلال تمسكها بالقانون البرلماني الغامض الذي يتكتم على النتائج اولية كانت ام نهائية .. يشجع الامور للخروج عن المعقول مع عجزها عن ردع الطعون والخروقات الفاضحة والمتكررة واقتصار قراراتها على الغرامات المالية ، لذا فهي مدعوة اليوم الى تكليل مجهوداتها بتفسير منطقي للتسريبات التي تظهر هنا وهناك والرد على نتائج مركز اتجاهات ، والاعلان رسميا عن صحتها وغيرها .. من عدمه ، وردع الخروقات بما يناسبها من قرارات والاسراع في اعلان اية نتائج كانت جزئية ام نسبية خصوصا مع تقدم عمليات العد والفرز واكتمال بعضها . ان نجاح اية عملية انتخابية مرتبط تماما بالاتصال والتماس المستمر بينها وبين المواطن – الناخب ، بوضعه في صورة النتائج اولا باول من خلال السرعة في الانجاز بعصر التكنلوجيا والتقنيات ، لا بالالتفاف عليه او تشتيت تفكيره وانتباهه باستعمال عامل الوقت ، لان الوقت قد يكون احيانا في صالح ” المهنية” لكنه لن يكون ابدا؛ وفي اي حال من الاحوال؛ في صالح الشفافية ومستقبل الديمقراطية والممارسة الانتخابية .

أكثر...