المستقلة …  ألقى العشرات من الفنانين والمسؤولين نظرة الوداع الأخيرة على جثمان شيخ فن التشكيل العراقي وآخر رواده الفنان نوري الراوي، الذي غادر الحياة عن عمر ناهز التسعين عاماً، وتم تشييعه بموكب مهيب من مقر جمعية الفنانين التشكيليين إلى مثواه الأخير في مقبرة الأعظمية شمال بغداد، ملفوفاً بالعلم العراقي وعلى عربة رسمية يحيط بها جنود من الشرطة العسكرية. والفقيد من مواليد 1920 ومسقط رأسه مدينة راوه (إحدى النواحي التابعة لمحافظة الأنبار، والتي تبعد عن بغداد غرباً بحوالي 320كم)، وقد بقي أميناً لهذه المدينة الحالمة، حيث عكف طوال عمره الفني على تمجيد نواعيرها وقراها، متغزلاً بطبيعتها وخالقاً منها فردوساً لونياً نقلها إلى متاحف العالم. وقال مستشار وزارة الثقافة الشاعر حامد الراوي عن مدينته وعن ابنها “تحيط بمدينة راوه تلال تمكن من يعتليها النظر إلى نهر الفرات وإلى البساتين وقباب المدينة؛ وقد شكّلت هذه المفردات الثلاث عالم نوري الراوي وحوّلت لوحاته إلى موسيقى صوفية بالغة الجمال”، مضيفاً : “الراوي وثلة من الرواد يتقدمهم جواد سليم وفائق حسن وإسماعيل الشيخلي والنحات محمد غني حكمت ونزيهة سليم وآخرون استطاعوا أن ينقلوا التشكيل العراقي من حالة التقليد إلى حالة الإبداع، بحيث شكّلوا انعطافة كبيرة في الحركة التشكيلية المعاصرة ورسموا ملامحها الممتدة إلى الآن”. عملاق على عكازة وأعد الكاتب والمخرج السينمائي نزار الفدعم عن الفنان الراحل فيلماً وثائقياً سماه “الشاهد الأخير”، وقد تحدث عن فيلمه لـ”العربية.نت” قائلاً “أردناه احتفاء بمنجز الراوي الكبير فهو يتناول سيرته وسيرة الحركة التشكيلية في العراق؛ ويمكنني القول عبر العربية.نت إن المادة الفيلمية التي سجلناها في عام 2006 وعام 2014 لم تظهر في أي قناة فضائية أو تلفاز وهي مادة خاصة بنا؛ ومن هنا تأتي أهمية الفيلم الذي ترجم إلى الإنجليزية وفيه وثائق ولمحات تحكي قصة تاريخ التشكيل العراقي المعاصر وأهمية نوري الراوي في ريادته باعتباره كان آخر الشهود الأحياء”. صفحات التواصل الاجتماعي على موقعي (تويتر وفيسبوك) شغلها الحدث الجلل؛ فكتبت الإعلامية والمترجمة “نرمين المفتي” في صفحتها محتجّة على نشر صور الراحل وهو في أواخر العمر وقد هدّه المرض “إن العملاق الذي غادرنا إلى دنياه الأخرى يوم أمس عاش فنانا، ناقدا وكاتبا رائعا ومعلم حياة وفن وجمال.. وليس من الوفاء والتقدير أن ينشر بعض محبيه صوراً له وهو مسن يبكي.. لا يليق بعملاق مثل الراوي مهما كانت مصاعبه وشكاواه أن ينشروا له صور لحظات ضعفه.. الراوي كان عملاقاً حتى وهو على عكازه”. أما الصحافي المعروف زيد الحلي فكتب على صفحته متسائلاً “من سيتولى مسؤولية (كنز الراوي) المتمثل بعشرات الأكياس الكبيرة المتوزعة في أرجاء بيته والتي تضم أهم وثائق ومرتكزات الفن التشكيلي العراقي، والفن والثقافة منذ سبعة عقود ونيف، حيث وثّقها الراوي بالقلم والصورة؟ فضلاً عن مئات اللوحات المهداة إليه من زملائه، واللوحات التي رسمتها ريشته؟ يذكر أن الفنان الفقيد، قد تبرّع بإهداء جميع أعماله ومقتنياته الفنية ومراسلاته وآثاره المطبوعة وبحوثه وأرشيفه الذي يعد أهم وأكبر أرشيف للفن العراقي منذ بداية الخمسينيات وحتى اليوم، إلى المتحف العراقي.( النهاية )

أكثر...