رأت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن المساعدات الأمريكية للحكومة النيجيرية لن تساعد على ردع جماعة "بوكو حرام" المسلحة التي صدمت العالم بإختطافها 200 فتاة نيجيرية الشهر الماضي بحجة الإصلاح الإسلامي ولكنها زريعة لزعزعة الحكومة فى العاصمة النيجيرية أبوجا.

وقالت الصحيفة الأمريكية في تقرير -أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم الأحد- يتصدر الساحة الآن سؤالا وهو ماذا تستطيع الولايات المتحدة والدول الأخري فعله تجاه حل الأزمة النيجيرية.

وعلقت الصحيفة قائلة أرسلت الإدراة الأمريكية 40 مستشارا أمريكيا من الجيش ووزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفدرالية وقامت بعمليات استطلاع جوا على المناطق التي تم اختطاف الفتيات منها وتزويد الحكومة بالصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية.

وأضافت الصحيفة بالنظر إلى هذه المساعدات قد يري البعض أن الكفة موزونة ولكن إذا نظرنا في صفحات التاريخ فإن مطاردة المتمردين والقضاء على التمرد في المناطق التي ينعدم فيها القانون أمر في غاية الصعوبة "كالبحث عن ابرة في كومة قش".

واستطردت الصحيفة ساردة بعض المواقف والدول التي تدخل فيها الجيش الأمريكي ولم تسوي القضية فبالنظر إلى الموقف العراقي لم تضع عشرة اعوام من الجهود المضنية والمليارات التي انفقت على اعادة إنشاء الجهاز الشرطي والجيش العراقي نهاية للتمرد في البلاد الذي انتفضت فيه الحياة مرة أخري في السنتين الماضيتين بسبب عدم رغبة الحكومة المركزية في التصالح مع الفصائل الساخطة في مجتعها.

وضربت الصحيفة مثالا أخر في أفغانستان التي تخمد فيها هذه الأيام نار الحرب مع الأمريكيين، في أطول حرب خاضتها الأخيرة، ظلت براثن حركة طالبان قوية في شتي أنحاء المناطق الريفية وتستخدم حركة طالبان قضية استخدام التعذيب الروتيني من قبل الهيئات الأمنية فى البلاد زريعة وحجة لقضيتهم.

ومضت الصحيفة تقول وفي نطاق الجهود الأمريكية المحدودة في أوغندا أرسلت واشنطن 100 جندي من القوات الخاصة إلى الأراضى الأوغندية في أكتوبر عام 2011 للمساعدة في القبض على جوزيف كوني قائد "جيش الرب" الذي سُفك على يد قواته دماء كثير من الأبرياء غير عمليات الاغتصاب وتشوية الجثث للعديد من السنوات.

وفي مارس الماضي ضاعف الرئيس الأمريكي باراك أوباما من جهود الجيش الأمريكي المتواجد فى قلب القارة السمراء للقبض على كوني الذي يتحرك بحرية تامة بين المناطق التي تنعدم فيها القانون من جمهورية أفريقيا الوسطي وأوغندا وجنوب السودان والكنغو. وفي الوقت الذي أوقفت فيه قوات الاتحاد الأفريقى هجمات هذه الحركة مازال كوني وعصابته الذي يقدر عددهم ب 300 مسلح يستنشقون هواء الحرية.

وهذا ما يثير شكوك من يعتقد أن التدخل العسكري للولايات المتحدة قد يضع نهاية سعيدة لأزمة الفتيات النيجيريات المخطتفة على يد حركة بوكو حرام المسلحة التي تنقل بحرية تامة بين النيجر والكاميرون ونيجيريا والتشاد لاشتراك هذه الدول في اللغة السواحيلية حيث لا يكترث الكثير من اهالى هذه الدول لقضية الحدود بين البلاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا لايعني أيضا أن تدريبات ونصائح الولايات المتحدة لن تؤثر على فاعلية هيئات الأمن النيجيرية، لكن من غير المرجح أن ترسل الولايات المتحدة قواتها، عالية التدريب المجهزة بأحدث الأجهزة، لتحرير الفتيات المختطفة والقبض على خاطفيهم. حيث يخشي أوباما من أن يلزم نفسه باتخاذ وعد بحل الأزمة عن طريق تدخل عسكري أخر وبطبيعة الحال رفض الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان السماح لأي قوة خارجية باجراء أي عملية على الأراضي النيجيرية.

وقال جيمس فورست، الأستاذ بجامعة ماساشوستس لويل، اشتراك النيجيريين المحليين فى مكافحة حركة بوكو حرام سيكون أمرا حيويا لنجاح استراتيجية نيجيريا في مكافحة الإرهاب مضيفا إلى أن القوات الأمريكية في المنطقة قد تكون مفيدة في تعزيز التواصل مع قادة المجتمعات النيجيرية المختلفة وبناء استراتيجية لتحريك المحليين لمجابهة الحركة المسلحة.

وبالفعل في الصيف الماضي بدأت المدن النيجيرية الشمالية في تشجيع مواطنيها لتكوين جماعات أمن أهلية ممن قُتل أولادهم أو خُطفو لمحاربة هذه الجماعة.

واختتمت الصحيفة تقول لم تبدي نيجيريا حتي الان استعدادها للسماح بأي تواجد عسكري لأي دولة على أراضيها ولو حتي بمقدار محدد لمحاربة كوني زعيم "جيش الرب". وحتي تتغير الأوضاع وتغير الحكومة من سياستها سوف تظل بوكو حرام لاعبا سياسيا وعسكريا في البلاد.



أكثر...