سمير عبد الامير علّو * يستذكر الاردنيون في الخامس والعشرين من شهر ايار / مايو الجاري الذكرى 68 لاعلان استقلال بلدهم عن الانتداب البريطاني لتبدأ بعدها مسيرة بناء الدولة في شتّى المجالات حتى اصبحت هذه المملكة الصغيرة ،بامكانياتها ومساحتها الصغيرتين ، اسما عالميا يحسب له الف حساب اقليميا ودوليا . الاردن الذي يقف شامخا وسط عالم مضطرب ومنطقة حبلى بالتناقضات والتوتر استطاع بحكمة ساسته وحنكة قيادته ان يختط لنفسه مسارا حضي باحترام الجميع وهذه ، لعمري، حسنة ارسى لبناتها الاولى المغفور له جلالة الملك حسين واورثها لنجله العاهل الحالي الملك عبد الله الثاني الذي كان عند حسن الظن بتنفيذ توجيهات والده والسير على خطاه مما اكسبه تقديرا واحتراما عظيمين سواء كان ذلك على الصعيد الداخلي او الخارجي فكان خير خلف لاعظم سلف . الملك الاردني صاحب الابتسامة القريبة من القلب تمكن ، بما يمتلكه من مواصفات من هو جدير بقيادة بلده، من التربع على عرش القلوب فاحبه مواطنوه مثلما احبهم وتفاعلوا معه مما اكسبهم احترام الاخرين وتمكنوا سوية من بناء بلد  يضاهي بلدان ذات امكانيات اقتصادية كبيرة على الرغم من تواضع امكانياته المالية ومديونيته التي يصارع لتسديدها وقد نجح في ذلك الى حد بعيد . الامر الذي يجب التوقف عنده هو ان هذا البلد وعلى الرغم من قلة مصادره المائية الا انه ناجح بتميز بادارة هذا الملف الحياتي المهم ، بالرغم من الضغوطات الهائلة التي تقع على عاتقه ومنها احتضانه لعدة الاف السوريين اللاجئين لديه ، لكنه تمكن من ان يصبح رقما مهما في المنطقة كمصدر للفواكه والخضربشتى انواعها ولبلدان لديها مصادر مائية مهمة ومنها العراق ودول الخليج وغيرها واعتقد ان هذا الامر جدير بالدراسة والتعميم كتجربة ناجحة ، ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل وصل الى انتاج انواع من الفاكهة والخضر والتنوعات النباتية التي لاتتلائم مع الطقس ومن بين ذلك زراعة النخيل وانتاج انواع من اجود التمور في مناطق الاغوار التي بدأ نتاجها يصدر الى الخارج مما درّ على الدولة مبالغ بالعملة الصعبة تدعم به اقتصادها الذي يتوقع له الانتعاش في ظروف سنوات قليلة قادمة . لا اخفي اعجابي بالتجربة الاردنية سواء في نظام الحكم الملكي الدستوري او مسيرته الاقتصادية  او في طبيعة المجتمع الاردني العروبي الذي يدعم مليكه المتواصل معه بشكل شبه يومي وطالما شوهد لوحده او مع عائلته بين ابناء شعبه  فيتناول وجه غداء في مطعم شعبي او يتبضع من سوق تجاري بل وصل به الامر ذات مره ان يترجل من سيارته التي كان يقودها بنفسه بدون حماية  ليساهم مع مجموعة من الناس بدفع سيارة احد المواطنين التي علقت بين الثلوج والابتسامة لاتفارق محيّاه . منذ الاستقلال عام 1946 والاردن كان صمام امان المنطقة وعنصر توازنها مما اكسبه احترام الجميع وثقتهم واهله لدور الريادة وتقديم الاستشارة لكل القضايا التي تعانيها المنطقة وفي مقدمتها الهم الاكبر وهوالعلاقة العربية – الاسرائيلية التي تعد من اكبر المشاكل الاقليمية وقد تمكن الاردن من انهاء الصراع مع تل ابيب بعد التوقيع على اتفاقية سلام مع هذه الدولة المجاورة او مايطلق عليه باتفاق وادي عربة في 26 تشرين اول / اكتوبر 1994 وكان توقيع هذه الاتفاقية ضمن عملية السلام بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل فضلا عن كونه خيار استراتيجي يضمن عدم خسارة المملكة لمزيد من اراضيها في نزاعات محتملة . لقد نجح الأردن خلال عقود من الاضطراب السياسي الإقليمي في المحافظة على استقراره وبناء قواعد متينة للنمو الاقتصادي، و تعامل مع الأزمات بطريقة مكنته من بناء علاقات طيبة مع كافة دول الجوار والمنطقة برمتها ، وأصبح في السنوات الماضية مركزا إقليميا للمستثمرين وأصحاب الأعمال الذين وضعوا فيه ثقتهم من خلال أفتتاح الاف المشاريع لشركات متعددة الجنسيات التي اسهمت بنمو الاقتصاد وتطور البلاد وتجلّى ذلك في الحركة العمرانية والصناعية والسياحية المزدهرة ، وحتى في مجال الطب مما جعلها تحتل مراكز متقدمة عالميا في مجال السياحة العلاجية يدعمها في ذلك الاف الاطباء المتميزين وعشرات المستشفيات الخاصة ذات الامكانيات المتطورة التي تواكب احدث الاجهزة والعلاجات في الدول الغربية وامريكا . ويمتلك الأردن جيشا وجهاز شرطة متطورين ومدربين تدريبا جيدا أثبتا فاعلية في الحفاظ على الأمن والاستقرار وسرعة في التعامل مع أي طارئ ،ويضع تقرير التنافسية العالمية في سنوات سابقة الأردن في المرتبة 14 بين دول العالم، والأول في المنطقة، من حيث فاعلية خدمات الشرطة، في حين حصلت اسرائيل على المرتبة 53 وأمريكا 20 وبريطانيا 29. كما حصل الأردن في إطار مكافحة الجريمة المنظمة على المرتبة التاسعة عالميا ، وهي الاولى بين دول الشرق الأوسط، وهذه الإحصائيات تثبت ان الأردن من إكثر الدول أمنا في العالم وهذا انجاز كبير لبلد يجاهد ليبني مستقبله رغم كل الصعاب التي تحيط به . الاردنيون يعلمون مايحيط بهم من مصاعب وهم ملزمون  بالحفاظ على منجزات بلدهم  التي تحققت خلال السنوات الماضية بشقّ الانفس، وعليهم تقع مسؤولية الحفاظ على كل هذا ،فهم ينعمون بالامن والامان والاستقرارالاقتصادس فمثلا ان سعر صرف الدينار الاردني تجاه العملات الاجنبية لم يتغير خلال سنوات طويلة الا بشكل طفيف لايكاد يذكر ، وهذا لم يتحقق عبثا الّا من خلال حنكة قيادتهم  واقل ماعليهم ان يكونوا عيونا ساهرة على هذا البلد فتحدياته كبيرة واذا حدث مالا يحمد عقباه فستكون كارثة لن تبقي ولن تذر . حمى الله الاردن وملكها وشعبها وكل عيد استقلال والاردن بالف خير . * كاتب وصحفي عراقي

التدوينة في الذكرى 68 لإستقلال الاردن .. مسيرة دولة و..حنكة ملك ظهرت أولاً على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...