تحقيق :حيدر حسين الجنابي إرث الملك فيصل الثاني مهدد بالاندثار وقفتْ في الشرفة – بحسب أحد الحضور- تنظر إلى حدائقه على نهر الفرات وبيديها فنجان قهوة ، ثم راحت تتأمل وتسترجع ذكريات جدها الملك فيصل الأول وابنه غازي وحفيده فيصل الثاني ثم تعود إلى جدران القصر باحثةً فيها هنا وهناك لعلها  تجد أثرًا يذكرها بأهلها بين الندوب التي خلفتها السنون على جدرانه. إنها د. نسرين الهاشمي حفيدة العائلة الهاشمية المالكة بنت الأمير د. محمد ابن الملك فيصل الأول وشقيق الملك غازي. الأستاذة في جامعة هارفارد . بمناسبة وجودها لإلقاء محاضرة علمية عام 2008م في كلية طب جامعة الكوفة بدعوة من عمادتها.. عمادة الكلية التي كان مبناها ذات يوم قصرًا لجدها .. قبل أن تعود إلى  مقر إقامتها في لندن وليس لدى من قابلها أي انطباع – وهي ابنة عائلة عريقة في السياسة – عن رأيها في حسم مرجعية القصر فيما لو سُئلت، إن كانت ستتحيز إلى انتمائها العائلي أم المهني فتطالب بتحويله إلى متحف أو الإبقاء عليه كليةً للطب. يقع القصر الملكي أو – الجمهوري كما أطلق عليه عقب ثورة 1958- في مدينة الكوفة ويطل على نهرها من بين البساتين وأشجار النخيل والصفصاف والمزروعات، بمساحة عشرة آلاف متر مربع ، شاهدًا على حقبة مهمة من تاريخ العراق منذ حكم الملك فيصل الثاني ووصيه على العرش الأمير عبد الإله ، إلى الرئيس عبد الكريم قاسم . هدايا فاروق ملك مصر يروي القصر حكايات كثيرة كما لكل الجمادات التي تشاركنا العيش  في مدينة الكوفة، فلبنائه  حكاية ، ولأثاثه الوارد من مصر كهدية من ملكها فاروق ، ثم للحظر الذي فرضه نظام البعث على القصر بتحويله إلى كلية ، مانعًا الاقتراب منه أو التصوير بذريعة أنه “حرم جامعي” ، لأسباب أيديولوجية ذات صلة – ربما – بصراع ثقافي مختلق بين ما يسمى بالأنظمة “التقدمية” و”الرجعية” ولازال المنع مستمرا للان بأمر رئاسة جامعة الكوفة ” ممنوع الاقتراب والتصريح ” كما ابلغنا داخل مكتب عميد كلية طب الاسنان . في نهاية الثمانينيات ومع تحسن علاقات النظام البائد بالحكم الهاشمي في الأردن الذي سانده في حربه على الجارة إيران ، سعى صدام لمجاملة الملك حسين  بإقامته تمثالًا للملك فيصل الأول في ساحة تحمل اسمه في بغداد ، وإعادة ترميم المقبرة الهاشمية في الأعظمية ، إلا أن المجاملات البعثية استثنت القصر الهاشمي في الكوفة من جدول “مكرماتها” مبقية على ملفاته طي الكتمان ، حرصًا منها – على الأرجح – على عدم تعكير المزاج المريض لنمرود العراق الذي أخذ يعاني من أعراض “داء تشييد القصور”، ويطمس ذكر أي صرح تاريخي أو أثري لحاكم عراقي سابق. برلمان النجف يَجْهُد لحماية القصر تشير د. أزهار الطريحي أمين سر مجلس محافظة النجف ” إلى أن  مجلس محافظة النجف الأشرف صَوَّتَ في حزيران من عام 2012م على مخاطبة الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي مسجلة اعتراضها على شغل جامعة ابن حيان الطبية قصر الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق، ومطالبةً بإعادته إلى وزارة السياحة والآثار كونه إرثًا حضاريًّا ومَعْلمًا تراثيًّا مهمًّا يرتبط بحقبة ماضية من تاريخ العراق ، وحرصًا منه على حماية الأماكن الأثرية والتراثية في المحافظة  والاهتمام  بها وصيانتها وعدم السماح لجامعة الكوفة بتغيير معالم  القصر وحدائقه لإنشاء جامعة لأنه مكان يصلح لأن يكون متحفًا ورفع الابنية التي استحدثتها الجامعة على ارض القصر”. قصر ملكي .. ويذكر المؤرخ والمدير السابق للمتحف الوثائقي لثورة العشرين الدكتور كامل سلمان الجبوري ” أن تاريخ تأسيس القصر الملكي و بنائه كان سنة 1366هجرية الموافق لسنة 1946م والذي أرخه الشاعر قائلًا : يا سمو الوصي اهنأ بقصر فاق قصر النعمان فخرًا  ومجدا وسما رفعة ( الخورنق ) شأوًا مثلما قد سموتَ بانيه جدًّا أخصب الربع حينما أسسوه ولأهليه أصبح العيش رغدا وإليه غدت  تحج  فأرخ ( ولها حوله رواح ومغدا ) أما تأريخ انتهاء البناء وافتتاحه من قبل الوصي عبد الإله فكان في 23 جمادى الأولى سنة 1368 هجرية الموافق لسنة 1948ميلادية والتي أرخها الشاعر أيضًا بقوله: شيدوه على طراز حديث   يمنح الوافدين نيلا ورفدا قيل لي ما تقول إذ تم أرخ ( قلت أرخ قصر علا السماكين سعدا ) ويورد الدكتور الجبوري في كتابه تاريخ الكوفة الحديث تفاصيل إضافية : ” بلغت مساحة القصر أكثر من عشرة آلاف متر مربع منها ألف متر مربع شيدت فيه قاعات وغرف للمنام والاستراحة والطعام ومطبخ وبهو كبير والباقي من المساحة حدائق مملوءة بالورود والزهور وكأنها قطعة من السجاد المزخرف  “. قصر يتحول الى فندق ” بعد ثورة 1958م سمي بالقصر الجمهوري ، وفي سنة 1960م استملكته مصلحة المصايف والسياحة واضعةً يدها عليه ، لتحوله إلى فندق من فنادقها ذات الدرجة الأولى باسم فندق الكوفة “. إتلاف الأثاث الملكي ويضيف الجبوري ” استلمتُ القصر عام 1978م ‘ ليكون مقرًّا للمتحف الوثائقي، وفي سنة 1979م استلمته منا وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، واستُخدِم  مقرًّا لكلية الطب التابعة للجامعة المستنصرية آنذاك ، وبقيت مقتنيات القصر بذمتي  من أثاث غرف النوم وطاولات الطعام وأطقم خزفية وفرفوري وزجاجيات وستائر وفرش وعدد من السجاد وكراسي وغيره، وكان أثاث القصر برمته هدية من  الملك فاروق الأول ملك مصر. وعندما سلمتُ القصر للكلية خاطبت المؤسسة العامة للآثار لتنقله إلى عهدتها لكنها تقاعست طويلًا، في الوقت الذي بدأت كلية الطب بترميم  القصر وإعماره، وانتهى المطاف بالأثاث إلى ركام وقطع خشبية مهشمّة مركونة في حدائق القصر كيفما اتفق. وللتراث لصوصه أيضًا ويقول شاكر عبد الزهرة خبير الآثار والتراث المتقاعد :” تبرَّع الملك فاروق ملك مصر بأثاث القصر الذي سرقت بعض مقتنياته أثناء تسليمه إلى دائرة السياحة عام 1978 مثل ثريات الكريستال الحمراء والراديو وبعض المزهريات والتحف والبلاطات النادرة ولم نستلم إلا الأثاث وبعض الموبيليات ، فضلًا عن أن القصر كان مقرًّا للعائلة الملكية والهاشميات التي كانت تزور مرقد الإمام علي (ع)”. الكوفيون يستنكرون التلاعب بجيناتهم التراثية ويصف  قائمقام قضاء الكوفة المهندس أباذر يوسف الجنابي تدمير القصر بتشويه تاريخ المدينة  ” إن أهالي […]

التدوينة القصر الملكي في الكوفة يستنجد لاستعادة هويته الضائعة ظهرت أولاً على وكالة الصحافة المستقلة - اخبار العراق.



أكثر...