يلتفت حوله، يتخفى خلف شجرة، ينطلق مسرعاً أثناء انشغال الضابط بتفقد أرقام لجان الناخبين، يهرول نحو اللجنة التى يعلم مكانها جيداً، فهى مقر فصله الدراسى الذى تركه منذ أيام قليلة بعد انتهاء امتحانات الصف الثالث الابتدائى، يدخل اللجنة متسللاً ويقف بجوار المراقبين المنهمكين فى استطلاع الكشوف وتنظيم التصويت، يبتسم للمستشار قائلاً: "أنا عايز انتخب يا عمو"، قبل أن يسمح له المستشار بغمس أصابعه فى الحبر قائلاً: "أنت كده انتخبت يا عم".

"يوسف أيمن، وإسلام أيمن".. اثنين من طلبة مدرسة عبد العزيز جاويش الابتدائية التى تغيرت معالم فصولها أثناء فترة الانتخابات بعد أن تركها الطلبة ليفسحوا المجال للناخبين، ولم يتركها "إسلام أو يوسف" القانطين بجوار المدرسة التى اعتادوا التسلل إليها لغمس أصابعهم فى الحبر، والاختفاء من قوات التأمين للجرى فى حوش المدرسة بين الناخبين، وأثناء انشغال الجميع بالانتخابات.

"ولله انتخبت 3 مرات، واخترت السيسى"، بطفولة واضحة ينطقها يوسف الذى ظهرت على أصابعه بالكامل أثر الحبر الفسفورى، وتحول التسلل إلى مدرسته والمدارس المجاورة لعبة الإجازة الأكثر مرحاً بالنسبة له، ويكمل "يوسف" بستخبى من الظابط وأدخل اللجنة، وأقول أنا عايز انتخب بيسبونى أنتخب وأحط أيدى فى الحبر"، يختطف منه إسلام أخيه الأكبر قائلاً: "طب ما أنا كمان انتخبت"، استكمالاً للتحدى جمع يوسف وإسلام باقى أصدقائهم وجيرانهم من أطفال نفس السن وبدأوا فى وضع بعض قواعد اللعبة، من يتمكن من التوجه لأكبر عدد من المدارس، من الأمهر فى التسلل للجان وغمس أصابعه فى الحبر أكبر عدد من المرات، وتحول الأمر فى نهاية اليوم الثانى إلى لعبة بين أطفال مدينة التوفيق فى مدينة نصر التى حوت ثلاث مدارس هادئة، توافد عليها الناخبون بإيقاع بطيئ سمح للأطفال بالتسلل والتصويت "على حد تعبيرهم" كلما يحلو لهم الأمر.



أكثر...