حمزة الجواهري إن السياسة النفطية، أو أي سياسة أخرى، ولأي موضوع، يجب أن توضع على اساس منطقي يقبله العقل أولا، قبل أن تتوافق مع دستور البلد، لكن ما نراه من سياسة اقليم كردستان النفطية، نجدها أبعد ما تكون عن العقل والمنطق وعما جاء بالدستور العراقي، ولا يمكن تسميتها بسياسة، ولا علاقة لها أصلا بمعنى كلمة “سياسة” لا من قريب ولا من بعيد، بل تعتبر إساءة لمفهوم السياسة. الاقتصاد العراقي ريعي: لعل الكل يعرف أن العراق بلد ريعي، أي يعتمد من حيث الأساس على ريع النفط، ومن ثم توزيع هذا الريع بشكل عادل على المحافظات والأقاليم، لكن الإقليم الواحد، المدلل، عندنا في العراق رأينا منه العجب العجاب، فهو يطالب بكل قوة بالحصول على حصته من ريع النفط المنتج من عموم البلد، وهذا حقه بلا ريب، لكن يمتنع بكل بما أوتي من قوة “أيضا” من تسليم النفط المنتج في أرضه للحكومة الاتحادية، كون الحكومة هي التي تتولى جمع النفط من كل أنحاء العراق وتبيعه لكي تستطيع توزيع العائدات، أو الريع، على الجميع بشكل عادل، وذلك وفق الدستور. لكن…. نفط كوردستان للكوردستانيين!!!! هذا ما نصت عليه مسودة دستور اقليم كوردستان، لكن بذات الوقت نجد أن المادة111 من الدستور الاتحادية تنص على “النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات “، أي أن النفط والغاز أينما وجد في الأراضي العراقية هو ملك لجميع أبناء العراق وفي أي مكان، فالمادة لا تقبل التأويل، لكن بعض الساسة الأكراد فسروها بطريقة عجيبة لا يقبلها المنطق، حيث نص دستورهم الذي مازال مسودة على أن “نفط كوردستان للكوردستانيين، كما اسلفنا، في الوقت الذي يأخذون نسبة17% من عائدات النفط المنتج من باقي أنحاء العراق، كما ويطالبون باستماتة عن حصة بالقروض وحتى البترودولار حتى لو لم يقدموا قطرة نفط واحدة للحكومة الاتحادية! ومع ذلك نسمعهم يقولون بمناسبة وبدون مناسبة أن كل شيء وفق الدستور!! لذا عليهم تحديد الدستور الذي يستندون إليه، فقد لا يقصدون الدستور العراقي النافذ. اختصاصات الحكومة الاتحادية وفق الدستور العراقي: “اختصاصات الحكومة الاتحادية” التي وردت في الدستور في “الباب الرابع” كثيرا ما تجاوز عليها الكتاب والمفسرون، فالمواد109 و110 و111 تعتبر اختصاصات حصرية للحكومة الاتحادية، والمواد112 و113 و114 تعتبر اختصاصات تسمح بمشاركة حكومات الأقاليم والمحافظات، لذا فهي اختصاصات غير حصرية، ولكن بقيادة الحكومة الاتحادية، فلو لم تكون هناك قيادة لما وضعت في الباب الرابع الذي يحدد اختصاصات حكومة الاتحادية، أما المادة115 فقد اعطت الحق للمحافظات والأقاليم بالتصرف بكل ما لم تضمنته مواد هذا الفصل. مما تقدم يجب أن نعرف أن حتى حق المشاركة بين المركز والاقليم او المحافظة يجب أن يكون بقيادة المركز وتكون المشاركة من قبل الأطراف الأخرى محصورة بالأمور التي تتعلق بمناطقهم، فليس لحكومة القادسية، على سبيل المثال، أن تشارك الحكومة المركزية بالتصرف بشأن يهم محافة النجف، حيث تبقى هذه المشاركة مقتصرة على النجف فقط. مخالفات دستورية بلا حساب!!!!!! وعندما نعود لسياسة الاقليم النفطية، نجد أن الاقليم، وعلى وفق سياسته النفطية، تصرف بشكل منفرد بالشؤون النفطية، منها: تخطيط الاقليم منفردا للمشاريع النفطية ووضع سياسة مختلفة عن سياسة المركز. وضع العقود النفطية التي لا يقبلها الدستور العراقي، وتختلف من حيث المضمون عن عقود الحكومة الاتحادية. والتفاوض مع الشركات النفطية التي اختارها الاقليم على وفق ضوابطه وليس الضوابط المركزية للدولة الاتحادية. وتعاقد مع الشركات حتى على الحقول في المناطق المتنازع عليها، معتبرا هذه المناطق تابعة للاقليم بلا منازع، وهذا خلافا للدستور. واستكشف واستخرج النفط والحكومة الاتحادية ترفض، لكن لا توجد آذان صاغية من قبل الأكراد. وباع الاقليم النفط المستخرج في الأسواق السوداء تهريبا أمام أعين العراقيين والعادون وازع أو حياء، وأغلق الآبار المنتجة للنفط وهذا هدر للمال العام وفق المادة27 من الدستور. وأخيرا باع النفط عبر شركة خاصة به للأسواق العالمية بعقود بظل استمرار رفض الحكومة الاتحادية بعقود لا أحد يعرف محتواها، ولا أسعار النفط المباع، ولا قياس حقيقي لكميات النفط لعدم وجود عدادات، كما واستغل البنية التحتية للدولة العراقية للتصدير في تركيا بتواطؤ معلن مع الحكومة التركية. أكثر من سبعة مخالفات دستورية كما سنرى في السياق، فعلها الاقليم بتحد سافر للحكومة الاتحادية. الحكومة الاتحادية والاقليم معا: في حين نقرأ في المادة112 أولا ” تقوم الحكومة الاتحادية بادارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة، على ان توزع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للاقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورةٍ مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون. ونقرأ في ثانياً من هذه المادة “تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعةٍ للشعب العراقي، معتمدةً احدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار”. أترك التفسير لهذه المادة للقارئ الكريم، فهل محتوى هذه المادة في أولا وثانيا منها ما يتطابق مع سياسة الاقليم وما ذهب إليه بعيدا عن المركز؟ الموازنة: ونقرأ ايضا في الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية، وفي المادة110 التي تحدد الاختصاصات الحصرية للحكومة الاتحادية ما يلي: اولاً :ـ رسم السياسة الخارجية…….إلى قوله “ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية”. وتحدد المادة110 في سابعاً منها إلزام الحكومة الاتحادية بوضع الميزانية الاتحادية، والتي تنص على “وضع مشروع الموازنة العامة والاستثمارية”. وهنا أشدد على عبارة “ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية” وأتسائل، هل للعراق تجارة خارجية ترفد ميزانيته سوى النفط؟ أي ميزانية تعني وضع توازن بين الداخل من أموال لخزينة الدولة والذي سيصرف خلال سنة، وحين تم الامتناع عن دفع حصة الاقليم من الميزانية برغبة الاقليم عندما امتنع من تسليم نفطه للحكومة الاتحادية، حيث لم يدخل شيء لهذه الخزينة من نفط كردستان، لذا قررت الحكومة أن لا تمنح حصة للاقليم من تخصيصات الموازنة، وهذا ما أقره قانون الميزانية لعام2013 وما هو مدرج أيضا في ميزانية عام2014 التي لم تقر لحد الآن بسبب التعنت الكردي وتواطؤ الكتل السياسية التي تروم إسقاط المالكي، وإذا دفعت الحكومة […]

أكثر...