تطل علينا يوميا الصحف والنشرات الطبية العالمية بأبحاث ودراسات جديدة لعلاج العديد من الأمراض، بينما يقف التطور العلمى والطبى فى مصر موقف المشاهد، انتظارا لبدء تطبيق العلاج الجديد، وانتظارا لإجازته من الدولة ليبدأ استخدامه فى مصر بعد سنوات من بدء العلاج به فى الخارج، وبعد أن يبدأ بحث جديد وعلاج أحدث، وطوال تلك المدة يبقى المريض متلهفا ومنتظرا وحالما.

وقد أطلت علينا الصحف الطبية فى منتصف هذا الشهر بدراسة أجراها بعض الأطباء الأمريكان والبريطانيين، تفيد توصلهم إلى علاج لمرض الصلع عند الرجال والنساء، من خلال إستنساخ خلايا لبصيلات الشعر وزرعها فى فروة الرأس، وهو ما يعنى حلا سحريا لمرضى الصلع، وخاصة هؤلاء الذين فقدوا شعرهم بشكل كامل جراء خضوعهم لعلاجات معينة كالعلاج الكيميائى للأورام، والذى لا يصلح معه العلاج بأحدث الطرق المتاحة حاليا وهى "الخلايا الجذعية"، فهل يمكن المريض المصرى تحقيق هذا الحلم قريبا؟

يرى الدكتور حسن الفكهانى، مدرس الأمراض الجلدية والتناسلية، أن هذا العلاج مازال فى طور البحث، وبالتالى فهو يحتاج إلى سنوات من إجراء التجارب عليه وتحديد الحالات التى يصلح معها، ثم يدخل مرحلة الإيجاز، وهو الأمر الذى قد يستغرق عدة سنوات، وربما لا يمكن تطبيقه فى بعض الدول وخاصة تلك التى صدر بها قانونا يحظر إستنساخ الخلايا بجميع أنواعها.

وعن أحدث العلاجات المتاحة فى مصر حاليا يقول الفكهانى: أن العلاج بالخلايا الجذعية يعتبر من أفضل وأحدث الطرق المتبعة لعلاج مرض الصلع.

والمعروف أن الخلية الجذعية هى الخلية الأم لجميع خلايا الجسم، وقد توصلت الأبحاث الحديثة إلى أن أفضل المصادر التى يمكن الحصول منها على خلايا جذعية هى السائل الأمينوسى المحيط بالجنين حتى الشهر الرابع، وتعرف "بالخلايا البدائية" وبعد استخلاص تلك الخلايا يتم فصل مواد النمو منها، وهى المواد التى تساعد الخلايا الجزعية على التكاثر بمعدل قد يصل إلى 250 مرة، وتلك المواد هى التى يتم حقنها فى فروة الرأس لتعمل على تحفير ونمو الخلايا الجزعية القديمة الموجودة بالجلد والتى قد تكون توقفت عن النمو مسببة الصلع.

ولكن هذا العلاج لا يصلح لجميع حالات الصلع، فعلى سبيل المثال يحظر استخدامه لمرضى الأورام السرطانية حتى لو تم الانتهاء من علاج السرطان بشكل كامل، كما يحظر استخدامه لدى النساء اللاتى لديهن تاريخ وراثى لأورام الثدى، وذلك لأن مواد تحفير النمو التى تستخدم فى تحفيز الخلايا الجزعية يمكنها أن تنتقل إلى الدم ومنه إلى الخلايا السرطانية الكامنة أو القابلة للتحول، وهو ما يؤدى إلى تحفيزها أو نموها مرة أخرى، ولذا يجب على الطبيب سؤال المريض عن تاريخه المرضى قبل بداية هذا العلاج.. وربما يكون العلاج من خلال استنساخ الخلايا هو أفضل علاج لحالات الصلع الناتجة عن العلاج الكيميائى للأورام وفى حالة تطبيقه سيمثل طفرة حقيقة لعلاج تلك الحالات.

كما يؤكد دكتور حسن أن حالة المريض وسبب الصلع هما ما يحددان طريقة العلاج الأنسب، وأنه حتى أحدث العلاجات فى العالم قد لا تكون ملائمة للجميع، فعلى سبيل المثال استخدام مستحضرات المينوكسيديل (والذى يعتبر أقدم الوسائل المتبعة لعلاج الصلع) يمكن أن يمثل أفضل طريقة لعلاج حالات معينة، وخاصة تلك التى لاتزال جذور الشعر باقية به على الرغم من ضعفها.

فى حين ترى الدكتورة هديل جهاد، أخصائية الأمراض الجلدية والعلاج بالليزر، أن الأبحاث والدراسات التى أجريت بخصوص عملية استنساخ الخلايا البشرية كثيرة جدا ومستمرة منذ سنوات طويلة، وعلى الرغم من أن تلك الأبحاث أجريت لعلاج حالات أشد خطورة من زراعة بصيلات الشعر، إلا أنها لا تزال جميعا تحت التجربة.. فمنذ سنوات أعلن الأطباء عن بداية أبحاثهم عن إمكانية زراعة صمامات قلب، وأجزاء من الكبد، وخلايا عصبية، بل هناك أبحاث عديدة أجريت عن إمكانية إستنساخ أعضاء بشرية كاملة، كالأيدى والأرجل لهؤلاء الذين فقدوا أطرافهم فى حوادث أو أمراض معينة، وعلى الرغم من أهمية تلك الأبحاث واستمرارها منذ سنوات طويلة، إلا أنه لم تظهر أى نتائج طبقت بشكل فعلى للعلاج بها حتى الآن.

وبالتالى فإن الحديث عن أبحاث استنساخ خلايا بصيلات الشعر يعد نوعا من الرفاهية بجانب الأبحاث الأخرى التى أجريت فى نفس الشأن، ولم تطبق إلى الآن، وهو ما يعنى أن بداية ذلك العلاج قد تتم بعد سنوات عديدة جدا، وإن كانت بالطبع ستمثل طفرة كبيرة فى علاج الصلع.

وقد أكدت جهاد أيضا أن استخدام الخلايا الجزعية يعد أحدث العلاجات المتبعة فى مصر، فبجانب أنه علاج فعال يساعد على وقف تساقط الشعر ونمو بصيلات جديدة، إلا أنه أيضا يحقق نتائج هائلة بعد عمليات زراعة الشعر، حيث يعمل على تقوية وتعزيز نمو البصيلات المزروعة، وهو ما يساعد على نجاح تلك العمليات بشكل أفضل مما كانت عليه قديما.



أكثر...