أرسلت (...) إلى افتح قلبك تقول: أنا زوجة عمرى 38 سنة، أم لطفلين، تزوجت زواجا تقليديا ولكنى أحببت زوجى بشدة، لأنه كان شخصا قادرا على إبهار أى أحد، وبإمكانه دائما أن يكون محور أى جلسة أو أى مكان يتواجد فيه، ولأنى تزوجت صغيرة فى السن، ولأنه كان أول رجل فى حياتى، ولأنى لا أعمل وبالتالى لا أحتك بالآخرين كثيرا، فقد أصبح زوجى هو عالمى لفترة طويلة من حياتى، أرى الحياة بعينيه، وأثق فى رأيه وحكمه على الأشياء دائما.

أنجبت طفلى الأول بعد 9 أشهر فقط من الزواج، وكنت حينها فى العشرين من عمرى، لهذا فقد كنت مشغولة جدا، ومرتبكة جدا، ومضغوطة جدا بشكل لا تتخيلينه، فها أنا فجأة أصبحت مسئولة عن بيت وزوج وطفل فى أقل من عام واحد، وأنا فى مثل هذه السن، ولا أخفيك سرا أنى لم يكن لدى أى خبرة بأى شىء فى الحياة، فأنا الابنة الوحيدة لوالدى، لهذا فقد كنت محمولة على كفوف الراحة دائما.

بدأت أتمالك نفسى بعدما أصبح طفلى فى الثالثة من عمره، ولكنى كنت قد أصبحت حاملا فى ابنتى الثانية، والتى كنت أفضل فى قدرتى على رعايتها بكل تأكيد، ولكنى أصبحت مثقلة بالمسئوليات أكثر وأكثر، خاصة بعد أن انتقل زوجى للعمل فى مكان جديد يتطلب الكثير من المجاملات والعزومات والحفلات، لهذا لم يكن لدى وقت لالتقاط أنفاسى بين رعاية أطفالى، وبين الوفاء بمتطلبات زوجى من اهتمام به وبنفسى، كى أكون مشرفة له عندما يصطحبنى إلى مناسباته، وقد ساعدنى الله فى هذا، فأنا جميلة بشكل طبيعى والحمد لله، ولم أكن أحتاج إلا إلى بعض اللمسات البسيطة حتى يصبح زوجى راضيا عنى وعن مظهرى.

كنت أعرف أن زوجى ينظر هنا وهناك، ويحدث هذه وتلك بين الحين والحين، ولم أكن أصارحه بأنى أعرف، لأن جزءا منى كان يعذره لأنى لم أكن متفرغة له بالشكل الكافى، خاصة أن زوجى من النوع الذى يحتاج إلى اهتمام من نوع خاص، فهو لا يأكل أى شىء، ولا يلبس أى شىء، ولا يقبل بأى مستوى من النظافة والترتيب والمعاملة.

لكنى وبشهادة الجميع تغيرت 180 درجة بعد دخول أطفالى (الحضانة)، فقد أصبح لدى وقتى الخاص الذى ركزت فيه مع نفسى، ومع زوجى، وأصبحت أرتب من يجلس بأولادى حتى أخرج أنا وزوجى بمفردنا، حتى إننا سافرنا بمفردنا إلى الخارج لمدة أسبوع كامل تنفيذا لرغبته، حتى أشعره بأنه لا زال محور اهتمامى الأول رغم كل شىء.

لكن زوجى لم يتوقف عن أفعاله، فلا زال ينظر، ويتكلم، ويختلق المواقف للتعرف على الأخريات، وكنت أتعامل مع الموضوع بالصمت دائما كما اعتدت، حتى بلغنى أنه طور علاقته بإحداهن بشكل كبير لا يمكن السكوت عليه، وبعد أن تأكدت واجهته بما عرفت، فقال لى إنها مجرد علاقة عمل، وإنه مطالب بتقديم بعض المجاملات لها ليس إلا، كان من الممكن أن أصدقه لولا (الحاسة السادسة) الكامنة بداخل كل امرأة، والتى كانت تخبرنى دائما أن هناك شيئا ما أكبر من ذلك.

وفعلا أفقت على صدمة زواجه بها عرفيا، فى يوم من الأيام منذ 3 سنوات، حتى ومع صدمتى تلك حاولت تمالك نفسى، وكبح زمام غضبى، وحاولت أن أعبر معه الأزمة بسلام، علها تكون نزوة عابرة كما أكد لى البعض، ولكنى تيقنت بعد عامين كاملين من الشد والجذب والمعاناة أنها ليست أزمة عابرة، وأنه ليس بالوضع المؤقت، وأنى لم يعد لدى طاقة لتحمل المزيد، لهذا قررت الانفصال منذ سنة تقريبا.

أنا لست نادمة على قرارى لأنى فعلت كل ما بوسعى ليظل هذا البيت قائما، وليظل هذا الرجل، الذى لم أحب غيره، زوجى، لكن شيئا لم ينجح، لأنه هو لم يكن يريد، لكن ما يقتلنى ويكاد يصيبنى بالجنون هو.. لماذا؟.. لماذا خاننى؟.. وهل أنا السبب أم أنه هو المخطئ؟، أعرف أنه أيا كانت الإجابة فلن تغير شيئا من الواقع، لكنك لا تتصورين كم سيريحنى أن أعرف السبب، حتى لو اكتشفت أنى كنت أنا المخطئة بالفعل.. فهل أجد لديك أى إجابة؟.

وإليك أقول:
لا يمكننى أن أخبرك عدد الرسائل التى تصلنى والتى تحمل نفس شكواك، مع اختلاف الظروف والتفاصيل طبعا، لكن المضمون واحد، والسؤال واحد، وهو لماذا يخون بعض شركاء الحياة؟.. وسأدخل فى الموضوع مباشرة.

فى علم النفس هناك ما يسمى بـ(مستويات الاحتياج الإنسانى) لدى الأزواج، وهى باختصار:

1) المستوى الجسدى: وهو الذى يبحث عن الإشباع الحسى، والذى يأتى بالحصول على علاقة حميمة مرضية، وهو الشىء الذى يتفاوت كما وكيفا من شخص لآخر، ومن مرحلة عمرية إلى غيرها.

2) المستوى العاطفى: وهو الذى يبحث عن المشاعر والأحاسيس، ويهفو إلى الرومانسية الخالصة، حتى دون علاقة كاملة.

3) المستوى العقلى: وهو الذى يبحث عن إشباع رغبة التفاهم، ووجود مجالات تواصل بين الزوجين كأصدقاء.

4) المستوى الروحى: وهو المستوى الذى يبحث عنه الأشخاص ذوو الطباع والملكات الخاصة، كالفنانين، والمبدعين، والمتدينين بدرجات معينة، حيث يبحثون عن صفات روحية خاصة فى شركاء حياتهم، ولا يكتفون بالمستويات العادية معهم.

وعليه، فإن السبب الأول لخيانة شريك الحياة- رجلا أو امرأة- هو الرغبة الملحة فى إشباع مستوى مفقود من هذه المستويات، ولك أن تعرفى أنه ليس كل الناس يهتمون بكل المستويات، ولك أن تعرفى أيضا أنه نادرا جدا ما يوجد إشباع كامل لجميع المستويات فى كل العلاقات، ولكن العلاقات التى تستمر هى التى يكون فيها قدر كاف من الإشباع فى المستويات المهمة و(الفارقة) مع كل شخص.

لهذا قد تبدو حياة أحدهم مثالية ومتكاملة فى نظر الآخرين، ومع ذلك نجده يهدم هذه الحياة بحثا عن أخرى لأنه هو وحده الذى يشعر بأهمية الشىء الذى يفتقده فى علاقته القديمة، وعليه فإن السبب الأول لخيانة زوجك أو غيره، هو ربما لأنه كان يفتقد شيئا ما فى العلاقة، وعندما وجده فى علاقة أخرى لم يتردد لحظة فى الحصول عليه أيا كان الثمن.

أما عن السبب الثانى فهو (مشكلات نفسية) بحتة تخص الطرف الخائن، فهناك أنواع متعارف عليها من الشخصيات التى تميل إلى الخيانة أكثر من غيرها، ومنها على سبيل المثال:

1) الرجل السيادى: الذى يستمتع بالسيطرة والتحكم، وأحيانا بتعذيب من حوله، لهذا فهو يبحث دائما عن المرأة التى تسمح له بفعل ذلك معها.

2) الرجل "الدونجوان": وهو إما شخص صارخ الوسامة، يهوى الغزو المستمر لقلوب العذارى، أو على العكس تماما يكون شخص يفتقر إلى الوسامة تماما، ولكنه جرىء، مقدام، يتميز بقدرته على اقتحام حياة وشخصية من حوله، لهذا فهو مفضل لدى كثير من النساء اللواتى يفتقدن إلى الثقة فى أنفسهن.

3) الرجل المتصابى: الذى يشعر أنه فقد جزءا كبيرا من حياته وشبابه فى تكوين نفسه، وتأمين حياته ماديا، ويندم على عدم استمتاعه بحياته كما يجب، فيبدأ بالبحث عمن تعيد له شبابه المفقود حتى أن كانت فى عمر أولاده.

4) الشخص "الاستعراضى": وهو الشخص الذى يهتم جدا بشكله ومظهره أمام الآخرين، وبرأيهم فيه، ولا يرضى إلا إذا شعر بأنه يبهرهم ويجذب انتباههم، ويجعل من (الإيقاع) بالآخرين تحت تأثيره هدفا مستمرا له فى الحياة، وعلى حسب روايتك أرجح أن زوجك من هذا النوع.

5) الجوع العاطفى: وهذه حالة شائعة جدا تظهر عند من يفتقدون حنان واهتمام الوالدين فى الطفولة، حيث يكبرون لديهم عطش لا يرتوى نحو العاطفة والجنس، حتى أن الأمر قد يصل إلى (التسول العاطفى) أحيانا كثيرة.

كل هذه المشاكل أذكرها على سبيل المثال لا الحصر، فالحالات النفسية التى تؤدى إلى الخيانة وتعدد العلاقات أكثر بكثير من أن تحصر هنا.

فقد يكون زوجك يا سيدتى أحد هذه الشخصيات (غير السوية) نفسيا- وهذا ما أرجحه- لهذا فهو كان سيخونك أو يخون شريكة حياته أيا كانت، وكان سيخونك مهما فعلت أو لم تفعلى معه لإرضائه.

وفى النهاية أقول لك ولكل من هى فى مثل موقفك، لو كنت مطمئنة إلى أنك لم تتجاهلى أيا من احتياجات زوجك التى ذكرناها فى البداية، وأنك لم تتكاسلى عن إشباعه مع علمك بحاجته، فاهدئى وارتاحى بالا، فالرجل الخائن خائن مهما فعلت، والخطأ فى أغلب الأحوال يكون فى شخصه هو، بدليل أن هناك الكثير من الأزواج غير الراضين وغير المشبعين فى علاقاتهم، ومع ذلك لا يفكرون فى الخيانة، وحتى أن فكروا فيها لا يدخلوها حيز التنفيذ أبدا، بينما يقدم الرجل (الخائن بطبعه) على الخيانة وتعدد العلاقات مع أتفه الأسباب، ومع أقل الإغراءات، حتى مع توفر كل أسباب الرضا والراحة فى علاقته الأولى.

الصفحةالرسمية للدكتورهبة يس على فيسبوك:

Dr.Heba Yassin



أكثر...