نقلا عن اليومى ..

لا يعرف قاطنو المدينة كيف يعيش الإنسان فى جنوب الصعيد، إلا من خلال الأعمال الدرامية التى تقدم على شاشة التلفزيون، والتى اختزلت ذلك العالم الذى تحكمه قوانين وعادت وتقاليد خاصة، فى عدة أشياء أبرزها "الجلباب والعمامة واللهجة الصعيدية، والبحث عن الثأر، وتجارة الآثار وبيعها للتربح منها"، وابتعدت عن التنقيب فى عمق هذا المجتمع، وبُعد الشخصية الصعيدية المليئة بالدراما الحقيقية.

فى الجنوب تعيش الفتاة الجامعية المثقفة بفكر والداتها الأمية، وخريجو الجامعات تحكمهم أفكار القبائل وعرف العائلات، والقهر المجتمعى يسود بين الطبقات بسبب "التمييز" بين العائلات الفقيرة والغنية، وبين من يمتلك أرضاً ومن يعمل بها أجيراً، رغم أن أرض الصعيد الطيبة هى التى أنجبت رفاعة الطهطاوى، وعباس محمود العقاد، وطه حسين، ومصطفى لطفى المنفلوطى، والشاعر محمود حسن إسماعيل، وحافظ إبراهيم، وغيرهم من المفكرين والأدباء.

وتعمدت الأنظمة الحاكمة فى العقود الماضية بسياستها تهميش الوجه القبلى، وعلى الرغم من الطبيعة التى تتمتع بها أرض الجنوب من نهر ساحر عميق، وصحراء واسعة، ونخيل وزرع وشجر، إلا أن الأهالى يعانون من نقص وحرمان فى كل شىء، خاصة التعليم، والصحة، والأمن، فهم دائما على موعد مع الخوف والقلق والتوتر، بسبب طبيعة ما يجرى من مشاكل، ومع تفاقم هذه القضايا تبتعد الدراما عن طرحها وتلجأ للتكرار، حيث طرحت دراما صعيد 2014 قضايا استهلكت من كثرة تناولها وهى تجارة السلاح وكيفية تهريب الآثار.

وللأسف لا ينتبه مؤلفو الدراما الصعيدية إلى المشاكل الحقيقية التى تواجه الشباب فى المجتمع الصعيدى، واكتفوا فقط بطرح الظواهر المتعارف عليها، فقضية السلاح أو الآثار ليست الدراما بحاجة لمناقشتها، لأن الأجهزة الأمنية تعى هذا الأمر جيدا وتدرك مخاطره، وتم طرحها عشرات المرات، والغريب أن مؤلفى هذه الأعمال يتفاخرون بتقديمها ويشعرون أنهم يقدمون جديدا للدراما.



أكثر...