بقلم خليل الدليمي
يقسم كتاب الانساب الى ثلاثة اقسام :-
1.الجماع :
وهو الذي يجمع الانساب من بطون الكتب او من افواه الناس ثم يعزو كل ما يجمعه الى من اخذ عنه او منه … والجامع هو اول من يخدم علم الانساب ويكون النواة الاولى التي يعتمد عليها الباحث والمحقق في الانساب ، والجماع يمتاز بالامانة فلا يطرح شيئا الا بعد ان يذكر من قال ذلك او من اين جاء بهذه المعلومة او تلك ولا يطرح رأيه الا عند الظرورة القصوى (ويدخل في هذا الصنف الراوي او القصاص والسارد ).
2.الباحث :
وهو الذي يطرح التساؤلات في الانساب ويجيب عنها ، ويبحث في الشبهات ويرد عليها ، والمتشابهات فيعيدها الى اصولها . والباحث هنا يعتمد اعتمادا كليا على الجماع وعلى كتب التاريخ وعلى افواه الناس لكنه يميز ويقارن ويرجح والنتيجة التي يصل اليها اما ان تكون جديدة او مؤيدة لاحد الطروحات السابقة التي قيلت ، والباحث في الانساب ركن من اركان هذا العلم الذي لولاه لاصبح علم الانساب عرضة لتعددية الاراء فتصبح الانساب متضاربة يقول فيها هذا او ذاك رايه والباحث ينضبط بضوابط علمية حقيقية لايدع مجالا لهواه او رغبته فالانساب امانة والناس فيما يُكتب فيها انواع منهم من لايمحص ولا يدقق ويتلقى ما يقرأ على انه حقيقة فما دامت كتب الانساب مطبوعة فيعتبر كل ما فيها صحيحا ويتلقفه وينقله على انه حقيقة من الحقائق وهذا هو الخطر بعينه فهناك اناس متطفلون على هذا العلم من كتاب ومن متلقين ينشرون كل ما يقرؤون ويتباهون فيها بين الناس او في المجالس على ان ما فيها هو النهاية في العلم وما سواها فهو خاطيء ، ولا يعلمون ان هذا الجانب هو احد جوانب العلوم الانسانية يخضع للرد والمناقشة والمحاكمة والدليل وما لا نقاش عليه ولا رد ولا شائبة يصبح من الامور العلمية المسلم بها .وهناك اناس اخرون قد حفظوا او سمعوا بعض المعلومات وكل من يكتب او ينشر عكس هذه المعلومات يكون مخطئا في نظرهم لا مجال لمناقشته او الاستئناس برأيه علما ان لكل باحث طريقته في اظهار الحقيقة وتمحيص المعلومات واقربهم الى الحقيقة ان شاء الله هو من يضع امام عينيه انه سيُسئل عن نواياه وارائه امام الله فليجد الاجابة مقدما لان من يخاف الله يلتزم باوامره وينضبط بها .. وهذا العلم لا يختلف عن غيره من العلوم فمن لديه راي معزز بالحقائق والمعلومات فليطرحه للمناقشة ، وقد يصل الى رأي صحيح او قد تكون كتابته سبيلا لاتخاذ قرار او رأي قاطع له او لمن ياتي من بعده ممن يبحث في نفس الموضوع فكل من كتب ويكتب في علم الانساب فهو مفيد ودرجة الفائدة تتناسب والمعلومات المقدمة فعلينا ان نتقي الله فلا نشتم ولا نسب ولا نقذف فلكل منا اخطاؤه فمن عرفت اخطاؤه خير ممن له نوايا مبطنة ولا تعرف اخطاؤه والله الموفق للصواب.
3.المحقق والناقد في الانساب :
وهو اعلى درجة ومرحلة من الجماع والباحث وهو ممن له باع طويل في هذا العلم كتب وناقش وحقق ومحص ودقق وقرأ حتى اصبح كالموسوعة في هذا العلم فما يخفى على الباحث في جانب لا يخفى عليه فهو ذو نظرة شمولية ثاقبة نظرا لسعة اطلاعه وتجربته العميقة في جوانب متعددة من هذا العلم ….فالباحث قد يتخصص في جانب من جوانب هذا العلم ولكن المحقق يفوقه في الجوانب الاخرى لا يعرف عنها هذا الباحث او ذاك .. فقد يتخصص باحث ما في القبائل الزبيدية ويكون حجة في هذا الجانب الا انه قد لا يكون حجة في معرفته بالقبائل الطائية …..
اما المحقق والناقد فقد يكون ذا باع طويل في هذا العلم يستطيع من خلال تتبعه لطريقة الباحث واسلوبه في البحث ان يتلمس نقاط الخلل وجوانب الزلل في المعلومات التي يطرحها ومن خلال اسلوب الباحث يفطن حتى الى نوايا الكاتب وماذا يريد ان يقول فيضع هذه النوايا في حسابه عندما يحقق كتابه او ينقده ليصل الى الحقيقة الناصعة فلولا التحقيق والنقد لاصبح هذا العلم عرضة لتعددية الاراء ولخاض فيه من يعرف ومن لا يعرف وهذا ما لاحظناه في الاونة الاخيرة عندما غاب التحقيق والنقد فاتاح الفرصة لكل من لديه معلومة من هنا وهناك ليخوض في هذا العلم ويدلي بدلوه فيه .


منقوول