بالنسبة للعلماء الذين يقتفون أثر فيروس الإيبولا القاتل فى غرب إفريقيا لا يتعلق الأمر بمعضلة تتصل بعلم الفيروسات أو فك الشفرة الوراثية، بل كيف تركب الميكروبات المعدية وسائل المواصلات مثلما يركب البشر الطائرات والدراجات وسيارات الأجرة.

وحتى الآن لم تتخذ السلطات أى خطوات للحد من السفر بين دول المنطقة. وقال الاتحاد الدولى للنقل الجوى (إياتا)، اليوم الخميس، إن منظمة الصحة العالمية لم توص بفرض أى قيود من هذا النوع أو اغلاق الحدود.

ويقول خبراء الأمراض، إن خطر انتشار الفيروس إلى قارات أخرى محدود، لكن اقتفاء أثر كل من يتصل بمن أصابته العدوى أمر حيوى للسيطرة على انتشار المرض فى غرب إفريقيا.

فى نيجيريا التى اكتشفت فيها حالة واردة من الخارج أصيب فيها أمريكى من أصل ليبيرى طار إلى لاجوس هذا الأسبوع ستضطر السلطات إلى اقتفاء أثر كل ركاب الطائرة وأى شخص آخر ربما اتصل به لتجنب انتشار المرض مثلما حدث لدول أخرى فى المنطقة.

وانتشر المرض الذى ظهر فى غينيا فى فبراير الماضى فى ليبيريا وسيراليون. ويعد تفشى المرض هذا العام أوسع انتشارا من أى مرة ظهر فيها هذا المرض منذ اكتشافه قبل نحو 40 عاما إذ تم اكتشاف 1200 حالة توفى 672 من أصحابها.

وأعلنت سيراليون حالة طوارئ عامة للتصدى للمرض بينما قررت ليبيريا إغلاق المدارس وتدرس فرض حجر صحى على بعض التجمعات السكانية.

وقال ديفيد هيمان، أستاذ الأمراض المعدية ورئيس قسم الأمن الصحى العالمى بالمعهد الملكى للشئون الدولية فى بريطانيا "أهم شىء هو المراقبة الجيدة لكل من كان على اتصال بمريض أو عرضة للإصابة."

ويوضح انتشار المرض من غينيا إلى ليبيريا فى مارس مدى أهمية متابعة كل الجوانب العادية فى حياة الناس وعلاقاتهم.

ويعتقد خبراء الأمراض الوبائية والفيروسات، أن الحالة الأصلية فى هذه الحالة كانت امرأة ذهبت إلى أحد الأسواق فى غينيا قبل أن تعود إلى قريتها فى شمال ليبيريا المجاور للمنطقة وتمرض.

واعتنت شقيقة المرأة بها وأصيبت هى نفسها بالمرض قبل أن يموت أحد أطفالها من جراء الحمى والنزيف اللذين يتسبب فيهما المرض.

وشعرت الأخت بأعراض المرض وأرادت أن ترى زوجها الذى يعمل عاملا مغتربا فى مزرعة للمطاط على الجانب الآخر من الحدود الليبيرية.

ركبت الأخت سيارة أجرة عن طريق منروفيا عاصمة ليبيريا وعرضت خمسة أشخاص آخرين للإصابة بالإيبولا ماتوا جميعا فيما بعد. وفى منروفيا ركبت دراجة نارية خلف شاب وافق على توصيلها للمزرعة وحاولت السلطات الصحية فيما بعد بشتى الطرق الوصول إليه.

وقال ديريك جاذرر خبير الفيروسات بجامعة لانكستر البريطانية، والذى يسعى لاقتفاء أثر المرض فى غرب إفريقيا "هذا وضع مشابة للرجل الذى ركب الطائرة (إلى لاجوس ومات فيها)."

ويبلغ عدد حالات الإيبولا فى ليبيريا الآن 249 حالة توفى منها 129 حالة، حسب أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية رغم أنها ليست مرتبطة كلها بالحالة الأولى التى أصيبت فيها المرأة فى سوق غينيا.

وأشار جاذرر إلى أن الإيبولا لا ينتشر عن طريق الجو ولا يعد من الأمراض شديدة العدوى لكن السفر بين الدول يمكن أن يساعد فى انتشاره بكل سهولة.

ويقول خبراء الأمراض المعدية، إن خطر انتشار الإيبولا من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا وأمريكا محدود للغاية لأسباب منها شدة المرض وطبيعته القاتلة.

ويكون المرضى أشد خطورة فى المراحل النهائية من الحمى والنزيف بما فى ذلك النزيف الداخلى والخارجى والقىء الشديد والإسهال وكلها تحتوى على تركيزات عالية من الفيروس المعدى.

وقال بروس هيرش، خبير الأمراض المعدية بمستشفى جامعة نورث شور، فى الولايات المتحدة، إن المريض فى هذه المرحلة يكون قريبا من الوفاة وربما لا يستطيع السفر.

وأضاف فى مكالمة هاتفية "من الممكن بالطبع أن يحسب الإنسان أنه قد يكون مريضا بالإنفلونزا وأن يركب وسيلة مواصلات ثم تظهر عليه أعراض أخطر. وهذه من الأمور التى تقلقنا."

وقال هيمان، إن الحالة الوحيدة التى يعرف أن مرض الإيبولا خرج فيها من أفريقيا ووصل إلى أوروبا كانت عن طريق السفر جوا عام 1994 عندما أصيبت خبيرة سويسرية فى علم الحيوان بالفيروس بعد أن قامت بتشريح شمبانزى فى ساحل العاج.

وعزلت المرأة فى مستشفى سويسرى ثم سمح لها بمغادرة المستشفى بعد أسبوعين دون إصابةأحد بالعدوى.



أكثر...