اسمه : أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ( 384- 456هـ )

مولده :
ولد بقرطبة في 7 نوفمبر 994 م=30 من رمضان عام 384 هـ

تعليمه :
وسمع في سنة أربع مائة وبعدها من طائفة منهم : يحيى بن مسعود بن وجه الجنة ; صاحب قاسم بن أصبغ , فهو أعلى شيخ عنده , ومن أبي عمر أحمد بن محمد بن الجسور , ويونس بن عبد الله بن مغيث القاضي , وحمام بن أحمد القاضي , ومحمد بن سعيد بن نبات , وعبد الله بن ربيع التميمي , وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد , وعبد الله بن محمد بن عثمان , وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي , وعبد الله بن يوسف بن نامي , وأحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ . وينزل إلى أن يروي عن أبي عمر بن عبد البر , وأحمد بن عمر بن أنس العذري . وأجود ما عنده من الكتب "سنن" النسائي , يحمله عن ابن ربيع , عن ابن الأحمر , عنه . وأنزل ما عنده "صحيح" مسلم , بينه وبينه خمسة رجال , وأعلى ما رأيت له حديث بينه وبين وكيع فيه ثلاثة أنفس . حدث عنه : ابنه أبو رافع الفضل , وأبو عبد الله الحميدي , ووالد القاضي أبي بكر بن العربي , وطائفة . وآخر من روى عنه مروياته بالإجازة أبو الحسن شريح بن محمد . نشأ في تنعم ورفاهية , ورزق ذكاء مفرطا , وذهنا سيالا , وكتبا نفيسة كثيرة , وكان والده من كبراء أهل قرطبة ; عمل الوزارة في الدولة العامرية , وكذلك وزر أبو محمد في شبيبته , وكان قد مهر أولا في الأدب والأخبار والشعر , وفي المنطق وأجزاء الفلسفة , فأثرت فيه تأثيرا ليته سلم من ذلك , ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق , ويقدمه على العلوم , فتألمت له , فإنه رأس في علوم الإسلام , متبحر في النقل , عديم النظير على يبسٍ فيه , وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول . قيل : إنه تفقه أولا للشافعي , ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه , والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث , والقول بالبراءة الأصلية , واستصحاب الحال , وصنف في ذلك كتبا كثيرة , وناظر عليه , وبسط لسانه وقلمه , ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب , بل فجج العبارة , وسب وجدع فكان جزاؤه من جنس فعله , بحيث إنه أعرض عن تصانيفه جماعة من الأئمة , وهجروها , ونفروا منها , وأحرقت في وقت , واعتنى بها آخرون من العلماء , وفتشوها انتقادا واستفادة , وأخذا ومؤاخذة , ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجا في الرصف بالخرز المهين , فتارة يطربون , ومرة يعجبون , ومن تفرده يهزئون . وفي الجملة فالكمال عزيز , وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك , إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم .

محطات :
- قال أبو بكر محمد بن طرخان التركي : قال لي الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد -يعني والد أبي بكر بن العربي- : أخبرني أبو محمد بن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة , فدخل المسجد , فجلس , ولم يركع , فقال له رجل : قم فصل تحية المسجد .
وكان قد بلغ ستا وعشرين سنة . قال : فقمت وركعت , فلما رجعنا من الصلاة على الجنازة , دخلت المسجـد , فبادرت بالركوع , فقيل لي : اجلس اجلس , ليس ذا وقت صلاة -وكان بعد العصر- قال : فانصرفت وقد حزنت وقلت للأستاذ الذي رباني : دلني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون. قال : فقصدته , وأعلمته بما جرى , فدلني على "موطأ" مالك , فبدأت به عليه , وتتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحوا من ثلاثة أعوام , وبدأت بالمناظرة . ثم قال ابن العربي صحبت ابن حزم سبعة أعوام , وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب "الفصل" , وهو ست مجلدات , وقرأنا عليه من كتاب "الإيصال" أربع مجلدات في سنة ست وخمسين وأربع مائة , وهو أربعة وعشرون مجلدا , ولي منه إجازة غير مرة .

- مما حط كثيرًا من مكانة ابن حزم عند العلماء هو لسانه الذي كان يضرب به المثل في الحدة، فقيل عنه: سيف الحجاج ولسان ابن حزم شقيقان. فلقد كان ابن حزم يبسط لسانه في علماء الأمة وخاصة خلال مناظراته مع المالكية في الأندلس، وهذه الحدة أورثت نفورًا في قلوب كثير من العلماء عن ابن حزم وعلمه ومؤلفاته، وكثر أعداؤه في الأندلس، حتى نفوه من قرطبة وأحرقت كتبه في محاضر عامة بأمر من المعتضد بن عباد، وصار ابن حزم ينتقل من مكان لآخر حتى مات .

آرائه :
- ظاهري في الفقه, ترك ظاهريته وأعمل عقله في العقيدة فأتى بالعجائب، ففي بعض الأمور يوافق الجهمية ، وفي بعضها وصل به الحال أنه كاد أن يوافق الباطنية والقرامطة وفي بعض الأمور وافق أهل السنة ،كل ذلك كان باجتهاده الخاص وترك ما أجمع عليه السلف في موضوع الأسماء والصفات وغيرها، و له ردود قيمة وعظيمة على اليهود والنصارى وعلى الصوفية والخوارج والشيعة.

- أسس ابن حزم ما يعرف عادة بالمذهب الظاهري -كما يسميه من هم خارجه- و هو ما يعرف عادة بأنه ينادي برفض القياس الفقهي الذي يعتمده الفقه الإسلامي التقليدي و ينادي بوجوب وجود دليل شرعي واضح ( من قرآن أو سنة لتثبيت حكم ما ، لكن هذه النظرة الاختزالية لا توفي ابن حزم حقه فالكثير من الباحثين يشيرون إلى انه كان صاحب مشروع لإعادة تأسيس الفكر الإسلامي من فقه و أصول فقه و فلسفة.

- كان الإمام ابن حزم ينادي بالتمسك بالكتاب و السنة و إجماع الصحابة و رفض ما عدا ذلك في دين الله ، فلا يقبل بالظن و الرأي الذي هو في حقيقته ظن (كالقياس و الاستحسان و المصالح المرسلة ... )

ما قاله النقاد :
يقول عنه ( ابن كثير ) : كان ينهض بعلوم جمة , ويجيد النقل , ويحسن النظم والنثر . وفيه دين وخير , ومقاصده جميلة , ومصنفاته مفيدة , وقد زهد في الرئاسة , ولزم منزله مكبا على العلم , فلا نغلو فيه , ولا نجفو عنه , وقد أثنى عليه قبلنا الكبار .

قال ( أبو حامد الغزالي ) : وجدت في أسماء الله -تعالى- كتابا ألفه أبو محمد بن حزم الأندلسي يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه .
وقال ( الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد ): كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام , وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان , ووفور حظه من البلاغة والشعر , والمعرفة بالسير والأخبار ; أخبرني ابنه الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربع مائة مجلد , تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة .

قال ( أبو عبد الله الحميدي ) : كان ابن حزم حافظا للحديث وفقهه , مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة , متفننا في علوم جمة , عاملا بعلمه , ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء , وسرعة الحفظ , وكرم النفس والتدين , وكان له في الأدب والشعر نفس واسع , وباع طويل , وما رأيت من يقول الشعر على البديهة أسرع منه , وشعره كثير جمعته على حروف المعجم .

وقال أبو القاسم صاعد : كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر , مدبر دولة المؤيد بالله بن المستنصر المرواني , ثم وزر للمظفر , ووزر أبو محمد للمستظهر عبد الرحمن بن هشام , ثم نبذ هذه الطريقة , وأقبل على العلوم الشرعية , وعني بعلم المنطق وبرع فيه , ثم أعرض عنه . -قلت : ما أعرض عنه حتى زرع في باطنه أمورا وانحرافا عن السنةـ قال : وأقبل على علوم الإسلام حتى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالأندلس قبله .

قال (اليسع ابن حزم الغافقي ) : وذكر أبا محمد فقال : أما محفوظه فبحر عجاج , وماء ثجاج , يخرح من بحره مرجان الحكم , وينبت بثجاجه ألفاف النعم في رياض الهمم , لقد حفظ علوم المسلمين , وأربى على كل أهل دين , وألف "الملل والنحل" , وكان في صباه يلبس الحرير , ولا يرضى من المكانة إلا بالسرير . أنشد المعتمد , فأجاد , وقصد بلنسية وبها المظفر أحد الأطواد .

قال( الشيخ عز الدين بن عبد السلام ) -وكان أحد المجتهدين- : ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل "المحلى" لابن حزم , وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين . قال ( أبو مروان بن حيان ): كان ابن حزم -رحمه الله- حامل فنون من حديث وفقه وجدل ونسب , وما يتعلق بأذيال الأدب , مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة , وله كتب كثيرة لم يخل فيها من غلط لجراءته في التسور على الفنون لا سيما المنطق .

وقال (الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد ) :كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام ، وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان ، ووفور حظه من البلاغة والشعر ، والمعرفة بالسير والأخبار ; أخبرني ابنه الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربع مائة مجلد ، تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة ..

وقد حط (أبو بكر بن العربي )على بن حزم في كتاب "القواصم والعواصم" وعلى الظاهرية: وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغربَ سخيفٌ كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم ، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي ، ثم انتسب إلى داود ، ثم خلع الكل ، واستقل بنفسه ، وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع ، ويحكم ويشرع ، ينسب إلى دين الله ما ليس فيه ، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرا للقلوب منهم ، وخرج عن طريق المشبِّهة في ذات الله وصفاته ، فجاء فيه بطوام ، واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل ، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا فيتضاحك مع أصحابه منهم, وعضدته الرئاسة بما كان عنده من أدب".

من أكثر المهتمين بفقه ابن حزم و تراثه من المعاصرين الشيخ أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري و كذلك الشيخ محمد أبو زهرة, و كذلك الأديب سعيد الأفغاني و غيرهم كثير جدا .

فيلسوف عربي آخر هو محمد عابد الجابري يضع ابن حزم ركنا أساسيا في رؤيته لمشروع النهضة العربية الذي لم يتم و إن كانت الرؤية تختلف عن رؤية المرزوقي فهي عند الجابري تبدأ من ابن حز
م و ابن باجة فابن طفيل إلى ابن رشد و الشاطبي و ابن خلدون .
ان رؤية ابن حزم الفلسفية التجديدية تجعله ركنا أساسيا في أي قراءة للتراث العربي الإسلامي رغم أن مدرسته الفقهية رفضت أشد الرفض من قبل المدرسة الإسلامية التقليدية التي اعتمدت المذاهب الأربعة للسنة و أغلقت الباب أمام أي تعديل أو اجتهاد .

مؤلفاته :
- الفصل في الملل والنحل .
- المحلى .
- طوق الحمامة .
- الإحكام في أصول الأحكام .
- مداواة النفوس .
-التلخيص لوجوه التخليص .
-الرسالة الباهرة .
- ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل .
- الإيصال إلى فهم كتاب الخصال.
-الخصال الحافظ لجمل شرائع الإسلام.
- ما انفرد به مالك وأبو حنيفة والشافعي.
- اختلاف الفقهاء الخمسة مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، وداود.
- التصفح في الفقه.
-الإملاء في شرح الموطأ.
- در القواعد في فقه الظاهرية.
- الإجماع.
- الرسالة البلقاء في الرد على عبد الحق بن محمد الصقلي.
- الرد على من اعترض على الفصل.
- اليقين في نقض تمويه المعتذرين عن إبليس وسائر المشركين.
- الرد على ابن زكريا الرازي.
- الرد على من كفر المتأولين من المسلمين.
- مختصر في علل الحديث
- التقريب لحد المنطق بالألفاظ العامية.
- الاستجلاب.
- نسب البربر.
- نقط العروس.

وفاته :
28 شعبان 456هـ، الموافق 15 اوغست 1064 م. في ارض ابويه (كاسا مونتيخا ) قرية "لبلة" غربي الأندلس،من نواحي مدينة " ولبة "