الدكتور درباز محمد عضو مجلس النواب العراقي عن كتلة التغيير   من طرائف الامور أن قناة الشرقية نيوز كتبت في شريط الاخبار عن طريق الخطأ عبارة (نوري العبادي) بدلا من حيدر العبادي ، وهذه التوليفة بين الاسمين التي جاءت نتيجة خطأ مطبعي تستحق الوقوف عندها في ظل توديع المالكي منصبه وتكيلف العبادي بتشكيل الحكومة الجديدة . وللتأريخ أقول : صحيح ان الجميع كانت لديهم مشاكل مستعصية مع كيفية ادارة المالكي للسلطة ، وإن اغلب الكتل الشيعية وجل الكورد والسنة اتفقوا على استبداله بشخص آخر ، وكان اختيار هذا الشخص (العبادي) شأناً خاصاً بالبيت الشيعي ، لا دخل للآخرين فيه ، ولكن ثمة سؤال بسيط وإجابة قد تكون معقدة : هل سيختلف العبادي عن المالكي؟! أو هل سنلمس اختلافاً بين فترتي حكمهما؟! سيما وأن العبادي من نفس القومية والدين والمذهب ومن ذات الحزب والفئة الحاكمة والمسيطرة على القرار السياسي . وهناك خطأ سياسي شائع ، أن ترتبط المشاكل بالاشخاص فقط ، لأن أي قائد سياسي يمثل مصالح محيطه السياسي (المذهبي) وجبهته السياسية في بلد يتصارع فيه الفرقاء حول أبسط التفاصيل ، كما تمثل دوافعه الستراتيجية والايديولوجية رؤية حزبه وفئته ، لأنه ينتظر التصفيق والتأييد من جمهوره الذي يرجع اليه كل أربع سنوات . وحقيقة الأمر ان مشكلة الآخرين لم تكن مع من كان رئيساً للوزراء قبل المالكي ، ولا مع المالكي بشخصه ولا مع من سيأتون من بعده ، إذ تكمن المشكلة في اختلاف رؤى الفرقاء (الكورد والسنة والشيعة) لعراق ما بعد صدام ، لاسيما في كيفية إدارة (السلطة والثروة والقوة) بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وبين المكونات الثلاثة أيضا . ومن الصعب على من يحكم في المركز ويتربع على قمة هرم السلطة التنفيذية وينتمي لمكون يمثل أغلبية الشعب وله تطلعات لإحكام القبضة على كافة أنحاء العراق ، أن ينظر من نفس زاوية المكونين الآخرين (الكورد والسنة) الى ادارة البلد. وبالمختصر المفيد ، إن حالة الكورد في نظر الشيعة (دولة داخل دولة) ، وفي نظر الكورد أنفسهم فيدرالية إجبارية لا إختيارية ، وفي نظر السنة سلبٌ للسلطة في وتهميش وإقصاء في عقر دارهم (إقليم السنة) ، أي أن كل مكون له وجهة نظره المختلفة تماما بشأن العراق وحكومته وسيادته . الآن.. لا العبادي يختلف عن المالكي ولا المالكي يختلف عن العبادي ، فما يختلف الآن هو تغيير موازين القوى بين المكونات الثلاثة ، فحتى وقت قريب كان المالكي يعتقد أنه أحكم قبضته على الدولة وبات يمتلك جيشاً قوياً جباراً ، ولكن العكس كان صحيحاً ، ففي غضون أقل من اسبوع أفلت الزمام من هذا الجيش ففقد السيطرة على أكثر من ثلثي المناطق السنية التي لم تسقط بيد داعش فقط ، بل بأيدي أبناء تلك المناطق أيضا ممن لاعلاقة لهم بداعش . واستخدم المالكي سلاح المال ضد الإقليم ، لكن الاقليم صبر على هذا الحال وحصل أخيرا على دعم دولي لم يسبق له مثيل . إن ما يختلف الآن ، هو أن الكورد والسنة لن يدخلوا في حكومة تحكم العراق على الطريقة (المالكية) ، إذ يجب ايجاد آلية جديدة للتفاهم والوصول الى اتفاق جديد ، وإذا كان الشيعة بشكل عام والعبادي بشكل خاص يرتأون إدارة العراق بكيفية ما قبل 2014 ، فمن الممكن أن لاتولد الحكومة اساسا ويعود كلٌّ الى بيته ، و(يا دار ما دخلك شرّ) !  

أكثر...