عيد جلال علي أبو حمزة

يضم لفظ المعوقين سمعياً Hearing Handicapped فئتي الصم وضعاف السمع, ويمكن تصنيف الأفراد المعوقين سمعياً وفقاً لدرجة ونوع الصمم، فهو إما أن يكون صمماً كلياً أو جزئياً (ضعف سمعي) ولا إرادياً أو متكسباً، مبكراً أو متأخراً فهم يمثلون مجموعة غير متجانسة من الأفراد تتباين خصائص السمع لديهم.

ولقد أوضح كل من مختار حمزة(1979), وفاروق عبد السلام (1982)، أنه يمكن تقسيم الإعاقة السمعية اعتماداً علي ما يلي:
1- عمر الفرد عندما أصيب بالإعاقة السمعية.
2- سبب الإعاقة السمعية.
3- نوع الإعاقة السمعية.
4- درجة الإعاقة السمعية.
5- وسائل الاتصال السمعي ( لغة الإشارة - قراءة الشفاه - هجاء الأصابع .........).
6- حالة السمع لدى آباء الأطفال ذوى الإعاقة السمعية.
7- وجود أطفال آخرين مصابين بالإعاقة السمعية في الأسرة.

ومن هذا المنطلق فقد تعددت التعريفات والمفاهيم التي تناولت مصطلح الإعاقة السمعية، التي يمكن تناولها من خلال مدخلين رئيسيين هما المدخل التربوى والمدخل الطبى.
أ- المدخل التربوى:
يركز المفهوم التربوى للإعاقة السمعية علي العلاقة بين فقدان السمع وتعلم اللغة والكلام ، وقد عرف مصطفى فهمى الإعاقة السمعية بأنها خلل وظيفى في عملية السمع نتيجة للأمراض أو لأى أسباب أخرى يمكن قياسها عن طريق أجهزة طبية ، ولذلك فهي تعوق اكتساب اللغة بالطريقة العادية.
ويذكر عبد العزيز الشخص (1985) أن الشخص المعاق سمعياً هو من حُرم حاسة السمع منذ ولادته أو قبل تعلمه الكلام إلي درجة تجعله - حتى مع استعمال المعينات السمعية -غير قادر علي سماع الكلام المنطوق، ومضطراً لاستخدام الاشارة أو لغة الشفاه أو غيرها من أساليب التواصل.
ويوضح فتحى عبد الرحيم (1990) أن المنظور التربوى للإعاقة السمعية يركز علي العلاقة بين فقدان السمع وبين نمو الكلام واللغة، فالأطفال الصم الذين لا يستطيعون تعلم الكلام واللغة إلا من خلال أساليب تعليمية ذات طبيعة خاصة وقد أصيبوا بالصمم قبل تعلم اللغة Prelingualأما ضعاف السمع فهم الأطفال الذين يتعلمون الكلام واللغة بالطريقة النمائية العادية أو أصيبوا بالإعاقة السمعية بعد تعلم اللغة Post lingual .

ويعني ذلك أن الطفل الذى افتقد السمع منذ ولادته يكون له خصائص وصفات يختلف فيها عن الطفل الذى افتقد حاسة السمع بعد تعلم الكلام, فالطفل المحروم من حاسة السمع منذ الميلاد لم تتكون لديه أية معلومات عن البيئة التي يعيش فيها، وبالتالي فإنه يعيش في عالم صامت خالٍ من الأصوات - بعكس الطفل الذى حرم من حاسة السمع بعد نمو اللغة عنده في أى مرحلة ، فإنه قد تكونت لديه خبرات تساعده علي أن يكون أكثر توافقا واندماجا مع من يحيطون به عن الآخر.

وحيث أن الإعاقة تشمل الصمم الكلي بالإضافة إلي الصمم الجزئي (ضعف السمع) فإن إيضاح مفهوم الإعاقة السمعية يقتضي بالتالي إيضاح مفهومي الصمم وضعف السمع ويعرض الباحث ذلك فيما يلي:
1- مفهوم الصمم: Deafness
قد تناول مؤتمر البيت الأبيض لصحة الطفل وحمايته الأشخاص ذوى الإعاقة السمعية بأنهم:
o أولئك الأشخاص الذين يولدون ولديهم فقدان سمع مما يترتب عليه عدم استطاعتهم تعلم اللغة والكلام.
o أولئك الأشخاص الذين أصيبوا بالصمم في طفولتهم قبل اكتساب اللغة والكلام.
o أولئك الذين أصيبوا بالصمم بعد تعلم اللغة والكلام مباشرة لدرجة أن آثار التعلم قد فقدت بسرعة.
ويعرض عادل الاشول تعريفاً مؤداه أن الأطفال الصم هم الأشخاص الذين يعانون من نقص أو إعاقة في حاستهم السمعية بصورة ملحوظة، لدرجة أنها تعوق الوظائف السمعية لديهم، وبالتالي فإن تلك الحاسة لا تكون الوسيلة الأساسية في تعلم الكلام واللغة لديهم.
وطبقاً للقرار الوزاري رقم (37) لسنة (1990) المادة (11) بشأن اللائحة التنظيمية لمدارس وفصول التربية الخاصة عرف الأطفال الصم بأنهم الذين يحتاجون إلي أساليب تعليمية تمكنهم من الاستيعاب دون مخاطبة كلامية.

2- مفهوم ضعف السمع: Hard of Hearing
عرف بعض الباحثين في مؤتمر البيت الأبيض لصحة الطفل وحمايته الأشخاص ضعاف السمع Hard of Hearing بأنهم أولئك الأطفال الذين تكون قد تكونت لديهم مهارة الكلام والقدرة علي فهم اللغة، ثم تطورت لديهم بعد ذلك الإعاقة في السمع - مثل هؤلاء الأطفال يكونون علي وعي بالأصوات ولديهم اتصال عادى - أو قريب من العادى - بعالم الأصوات الذي يعيشون فيه.
ولكن عارض ذلك مؤتمر مديرى المدارس الأمريكية للأطفال الصم وذكروا أن ضعاف السمع هم الأطفال الذين تكون حاسة السمع لديهم رغم أنها قاصرة إلا أنها تؤدى وظائفها باستخدام المعينات السمعية أو بدون استخدام هذه المعينات.
ويعرف مصطفي فهمى (1980) ضعاف السمع بأنهم أولئك الذين يكون لديهم قصور سمعي أو بقايا سمع، ومع ذلك فإن حاسة السمع لديهم تؤدى وظائفها بدرجة ما، ويمكنهم تعلم الكلام واللغة سواء باستخدام المعينات السمعية أو بدونها ويعني ذلك أن المعاق سمعياً يعاني عجزاً أو اختلالاً يحول دون استفادته من حاسة السمع لأنها معطلة لديه، ويتعذر عليه أن يستجيب استجابة تدل علي فهمه الكلام المسموع، ومن ثم فهو يعجز عن اكتساب اللغة بالطريقة العادية، بمعنى أن ضعيف السمع بإمكانه أن يستجيب للكلام المسموع استجابة تدل علي إدراكه لما يدور حوله شريطة أن يقع مصدر الصوت في حدود قدرته السمعية.
وطبقاً للقرار الوزارى رقم (37) لسنة (1990) المادة (11) بشأن اللائحة التنظيمية لمدارس وفصول التربية الخاصة فقد تم الاتفاق علي تعريف ضعاف السمع بأنهم هم الذين لديهم سمعاً ضعيفاً لدرجة تجعلهم يحتاجون في تعليمهم إلي ترتيبات خاصة أو تسهيلات ليست ضرورية في كل المواقف التعليمية التي تستخدم للأطفال الصم كما أن لديهم رصيداً من اللغة والكلام الطبيعي.
ويخلص الباحث من التعريفات السابقة أن ضعاف السمع هم الذين يتسمون ببعض صعوبات في الكلام والنطق بسبب وجود عجز أو نقص في حاسة السمع بدرجة لا تسمح لهم بالاستجابة الطبيعية للأغراض التعليمية والاجتماعية، إلا باستخدام وسائل معينة.

ب- المدخل الطبي
يتعلق المفهوم الطبي للإعاقة السمعية بالعجز والتلف السمعي نتيجة لسبب عضوي ولادى أو مكتسب، وفيما يلي عرضاً لمفهومي الصمم والضعف السمعي من الناحية الطبية:
1- مفهوم الصمم: Deafness
يشير ستارك Starkوكذلك روس وجيولاز Ross & Giolas إلي أن الأصم هو من تعدت لديه عتبة الحس السمعي 90 ديسيبل Decibelعلى جهاز الأديوميتر * في ترددات اللغة وهو المعوق سمعياً الذي مهما كانت درجة التكبير المقدمة له ، لن يكتسب اللغة عن طريق القناة السمعية وحدها بل لابد من اللجوء إلي القنوات الحسية الأخرى كالبصر، واللمس ، والاحساسات العميقة.
ويصفهم هل (1996) Hall et al.بالذين لا يسمعون بكلتا الأذنين، وتكونان غير قادرتين تماماً علي الاستقبال أو التعامل مع الأصوات البشرية حتى مع أقصي درجة في التكبير السمعي. ويعرف إيسلديك وآخر Eysseldyke et al.الأصم بأنه الشخص الذي يعجز سمعه عند حد معين (70 ديسيبل) عن فهم الكلام عن طريق الأذن وحدها، أي بدون استخدام معينات سمعية.
ويخلص الباحث مما سبق أن الصم هم أولئك الذين تعطل لديهم المجال السمعي نتيجة ظروف طبيعية ولادية أو مكتسبة بيئية وبالتالي فإنهم فقدوا القدرة السمعية، حتى مع استعمال معينات في أقصي حدودها التكبيرية.

2- مفهوم ضعف السمع:
يعرف جاكسون Jackson (1997) ضعيف السمع بأنه ذلك الشخص الذي فقد جزءاً من سمعه بالرغم من أن حاسة السمع لديه تؤدى وظيفتها، ولكن بكفاءة أقل ويصبح السمع لديه عادياً عند الاستعاضة بالأجهزة السمعية.
يعرف ايسلديك وآخر et al. Eysseldyke ضعيف السمع بأنه هو الشخص الذي يعجز سمعه بمقدار فقد فى السمع (35 - 65 ديسيبل) ، مما يصعب عليه فهم الكلام، ولكن ليس إلي الحد الذي يضطره إلي استخدام أداة سمعية، بمعني أنه مازال يستطيع فهم الكلام عن طريق الأذن ولكن بصعوبة.
ويشير جمال الخطيب (1997) إلى ضعف السمع بأنه فقدان سمعى يبلغ من الشدة درجة يصبح معها التعليم بالطرائق العادية غير ممكن وغير مفيد ، وبالتالى فلابد من تقديم البرامج التربوية الخاصة ، وتكون درجة الفقدان السمعى لدى ضعاف السمع تتراوح بين 26-89 ديسيبل. ويصف حسن سليمان (1998) شكوى ضعاف السمع بأنها نتيجة للمعاناة من ضعف في السمع بالأذنين علي آلا تقل درجة فقدانه في الأذن الأحسن سمعاً عن 40 وحدة سمعية أو أكثر، وذلك يخرج عن نطاق تقدير كل مصاب بضعف أو صمم في أذن واحدة فقط مهما كانت درجته. ويعرف ناصر قطبى ضعيف السمع بأنه هو الشخص الذي تكون عتبة الحس السمعي في ترددات اللغة الحرجة (500 - 1000 - 2000 هرتز) أعلي عنده من الطبيعي، ولكنها ما زالت أقل من 90 ديسيبل، والذي إذا زُود بالمعين السمعي المناسب، يكون قادراً علي اكتساب اللغة عن الطريق السمعي أساساً، ويستخدم القنوات الحسية الأخرى كقنوات مدعمة.
ويتضح مما سبق أن نسبة السمع المتبقية لدي الفرد تعد من أهم العوامل التي تفضل بين الصمم وضعف السمع، إلا أنها في الواقع ليست كل شئ، فهناك عوامل أخرى منها: وقت حدوث ضعف السمعي، قبل أو بعد اكتساب اللغة، وفترة بقائه واستمراره، ومتى تم اكتشاف الإعاقة؛ والتدخل العلاجي المبكر، ومدى فاعليته, وحماس الأسرة وتفاعلها في العلاج للتقليل من آثار تلك الإعاقة، كما تعتمد أيضاً علي القدرات العقلية والحالة النفسية والانفعالية للمعاق سمعياً؛ والتي تؤثر علي إدراكه وقدراته التعليمية.
المصدر اطفال الخليج