بخارى
بخارى Bk7s.jpg فى مقالته عن مدينة بخارى بدائرة المعارف الإسلامية ، يقول المستشرق بارتولد : ليس لدينا عن تاريخ هذه المدينة قبل الإسلام إلا معلومات قليلة جدّاً .. وقد نشأت المدينة قبل الإسلام بقرون عدة ، وكان اسمها باللغة الصينية نومى أما كلمة بخارى فقد جاءت من الكلمة التركية المغولية بخر التى تعنى الصومعة أو الدير، وقد كان بالمدينة معبداً بوذياً كبيراً ، يُحتمل أنه السبب فى تسميتها بهذا الاسم.
وقبل الإسلام ، حكمت المدينة أسرة شهيرة باسم بخار خدات وتعنى: أمراء بخارى .. وكانوا يحكمونها لما وصل إليها المسلمون سنة 54 هجرية = بخارى Bk3s.JPG674 ميلادية ، فى جيش يقوده عبيد الله بن زياد . ولكن الذى دخلها وثبَّت الإسلام فيها ، هو : قتيبة بن مسلم فى حدود سنة 90 للهجرة .
وازدهرت بخارى فى العصر الإسلامى، وأعطت الحضارة العربية الإسلامية عديداً من مشاهير العلماء ، كالإمام البخارى صاحب: الجامع الصحيح. وفى وصف المدينة ، يقول ياقوت الحموى المتوفى سنة 626 هجرية :
بخارى من أعظم مدن ما وراء النهر، كانت قاعدة ملك السامانيين، وبينها وبين سمرقند سبعة أيام ، أو سبعة وثلاثون فرسخاً ..وهى نزهة بلاد ما وراء النهر ، متصلة خضرتها بخارى Bk5s.JPGبخضرة السماء ، فكأن السماء بها مكبة خضراء مكبوبة على بساط أخضر ، تلوح القصور فيما بينهما ، والضياع منعوتة بالاستواء كالمرآة . وليس بما وراء النهر وخراسان بلدة أهلها أحسن قياماً بالعمران على ضياعهم من أهل بخارى ولا أكثر منهم عدداً .
وكان جنكيز خان قد دمر بخارى تماماً ، وقتل جميع أهلها سنة 616 هجرية . ثم بناها مرة أخرى خلفاؤه من ملوك المغول وأمراء خوارزم .. وفى العام 671 هجرية دمرها نكبى بهادر حتى أنه لم يبق فيها كائن حى خلال الأعوام السبعة التالية !
وعادت المدينة للحياة والأزدهار فى عصر الأمير تيمور وفى عام 905 فتحها الأوزبك بقيادة شيبانى خان ، واستمر الأزابكة فى حكمها حتى تنازعوا فيما بينهم .. وجاء الروس بجيوشهم ، واستطاعوا منذ سنة 1887 أن ينفذوا فى بخارى بخط حديدى ويدخلونها فى نطاق نفوذهم الجمركى . لكن المدينة ظلت تحت حكم أمراء مسلمين ظلوا يتقربون إلى العائلة الأمبراطورية الروسية ، حتى انهارت تلك العائلة مع الثورة البلشفية ، وأدخل الشيوعيون بخارى ضمن نطاق الاتحاد السوفيتى الذى أنهار هو الآخر بتل عشر سنوات .. وعادت بخارى مدينةً مسلمةً فى حدود دولة أوزبكستان : قلب آسيا .

منقول موقع يوسف زيدان