لماذا هذا التحرك, الدبلوماسي الأستخباري الكردستاني المزدوج مؤخراً والذي يجري بشكل غير معلن أحياناً, على خط علاقات أربيل – أنقرة, وخط علاقات أربيل- طهران؟ ما هي مكونات ومفاصل, دبلوماسية أربيل إزاء إيران, ولجهة تركيا أيضاً؟ ما هي عقابيل وتداعيات, هذه الدبلوماسية الكرديّة الفجائية, لجهة تركيا وإيران معاً, على مجمل التوازنات الإقليمية والدولية, والمتعلقة بمستقبل أوضاع, إقليم كردستان العراق المحتل؟.
هل للتحرك الدبلوماسي الفجائي الأخير غير المعلن لأربيل, أحبال سريّة, على مجمل كواليس وتقاطعات, خط علاقات أربيل – إسرائيل؟ هل له علاقات لجهة, التصعيد الإسرائيلي إزاء إيران؟ ما هي تفاعلات ومفاعيل, زيارة مسؤولين أكراد مقربين من مسعود البرازاني بشكل سري وغير معلن إلى إيران كما تقول المعلومات؟ وتفاعلات زياراتهم أيضا إلى تركيا؟ هل زيارتهم هؤلاء المسؤولون الأكراد وسراً كما تحدثت المعلومات، لكلا العاصمتين الإقليميتين, تعد تطويراً وتطوراً استراتيجياً, لطبيعة العلاقات ومفاصلها وفواصلها, على خط أربيل – طهران من ناحية, وأربيل – أنقرة من ناحية أخرى؟ أم تنحصر فقط, في التطور الدراماتيكي التكتيكي؟.
والسؤال المنطقي الذي يطرح نفسه الآن هو:- ما الذي حصل عليه مبعوثي مسعود البرازاني وجهاز مخابراته – في إيران وتركيا؟.
تذهب المعلومات إلى القول:- إنّ ما حصل عليه المبعوثين الأكراد, كان وما زال, موضوعاً محدداً واضحاً واحداً, يتمثل في تساوق وتطابق, في سياقات الموقفين, التركي والإيراني, لجهة ملفات الحركات المسلحة الكردية الإرهابية, وذلك عبر اعتماد كل من, طهران وأنقرة, لمقاربة سياسية ومخابراتية, وعسكرية شاملة واحدة, رغم الخلافات التركية – الإيرانية, إزاء الملف السوري, وملف مستقبل العراق, والدور الإيراني فيه, فالموقف التركي – الإيراني, متطابق ورافض بشدّة وقوّة, لرفض أي فعاليات كرديّة مسلحة إرهابية, داخل أراضي الدولتين الإقليميتين, لجهة فعاليات حزب العمّال الكردستاني التركي, وفعاليات حزب الحياة الحرّة الكردستاني الإيراني.
تركيا لم تكتفي فقط, بمطالبة أربيل, بعدم دعم حزب العمّال الكردستاني, بل طالبتها بتوقيع, اتفاقية تعاون مشترك, لجهة القيام بعمليات مشتركة, لمكافحة فعاليات الحزب, العمّالي الكردستاني نفسه, وأكدت أنّ التزام أربيل مبدأ الحياد, في صراعات حزب العمّال الكردستاني – القوّات العسكرية التركية, لم يعد يقبل ويفهم ويهضم.
ويتساوق حزب الحياة الحرّة الكردي الإيراني, العامل في شمال غرب إيران, مع حزب العمّال الكردستاني في الشمال العراقي المحتل, ومع مجموعات كردية انفصالية أخرى, في مناطق جنوب شرق تركيا, ومع مجاميع من الأكراد السوريين في الداخل السوري, حيث البعض منهم تحالف مع المعارضة السورية, في الداخل والخارج, وعلى أمل تحقيق مكاسب سياسية لهم, لجهة الانفصال عن الوطن السوري الأم, كل هذه الفسيفيسائية الكردية الانفصالية, تتشارك في هدف واحد وهو: تأسيس دولة كردية تضم أجزاء كردستان الأربع, وحسب التسميات الكردية وهي: كردستان الإيرانية, كردستان العراقية, كردستان التركية,وكردستان السورية, والذي يعطّل هذا الهدف هو: الفيتو الإقليمي على الدولة الكردية, والمتشكل من:- إيران, العراق, تركيا, وسوريا.
ويسعى حزب الحياة الحرّة الكردي الإيراني, وبالتنسيق مع حزب العمّال الكردستاني العراقي, والمجموعات الكردية في كردستان – تركيا, وكردستان - سوريا, يسعون بجهد إلى تأسيس جبهة قومية, تضم مختلف القوى الكردستانية في أجزائها الأربع, والمفارقة العجيبة, أنّه في مؤتمرات مجلس اسطنبول للمعارضة السورية الخارجية, والتي تتميز بحضور كبير لجماعة الأخوان المسلمين السورية, كشف الأداء السلوكي لها, سعي حثيث للفصائل الكردية السورية, إلى استغلال انعقاد فعاليات ومفاعيل جولات مؤتمرات اسطنبول, من أجل الحصول على مكاسب ومزايا نوعية في غاية الخطورة, كونها تتعلق بدفع المؤتمرات( الإثم ومؤتمرات الخطيئة الكبرى)إلى أن يدرج في طلباتها لاحقاً, بعض المزايا الخاصة لصالح الأكراد السوريين, بما يفسح المجال أمامهم, لجهة إقامة "إقليم كردستان السوري", والذي سوف يكون على غرار " إقليم كردستان العراقي", لجهة وجود رئيس جمهورية, وبرلمان كردستاني سوري منفصل, ومجلس وزراء كردستاني سوري منفصل, وعلاقات دبلوماسية كردستانية سورية منفصلة, وهذا ما تسعى له أطراف مربع المؤامرة الأممية على سوريا الآن, وبمشاركات من بعض العربان, لتقسيم الوطن السوري الواحد.
فهل ترضى تركيا, وإيران, وبغداد ذاتها بذلك؟ لننتظر ونرى, فما يحكم العلاقات بين الدول المصالح المشتركة.
إنّ مساندة حزب الحياة الحرّة الكردي الإيراني, للحركة الشعبية الإيرانية, التي يقودها كل من موسوي وكروبي, واعتبار نفسه كحزب إيراني معارض, جزء هام من هذا الحراك الشعبوي الإيراني, لهو دليل ومؤشر قوي ومقنع, على وجود الأيادي والأصابع الخفية, المخابراتية الغربية الأمريكية الإسرائيلية, في وضع سيناريوهات المؤامرات على إيران ودورها ومجالاتها الحيوية, وعبر أدواتها ومنها: زمرة بيجاك, منظمة جند الله, زمرة خلق, وغيرها في الداخل الإيراني, لزعزعة قوامهم السياسي والاجتماعي الداخلي للإيرانيين, مع تصعيدات هنا وهناك, لما يراد له من خلق للأحداث, والاحتجاجات السياسية المختلفة. لقد صارت سلّة الأدوات المخابراتية الأمريكية – الغربية – الإسرائيلية, في الداخل الإيراني عديدة ومتعددة, وتحت مسميات مختلفة, ويتم توظيفها وتوليفها, توظيفاً وتوليفاً سليماً, من شأنه أن يتيح ويقود إلى, خلق ما يسمّى بالربيع الإيراني, على غرار ما يسمّى بالربيع السوري.
أنّ حزب العمال الكردستاني, مخلب قط شبكات المخابرات الإسرائيلية المختلفة, في إقليم كردستان العراق, ولجهة إيران وسوريا وتركيا, يقوم هذا الحزب وفروعه في الدواخل الإقليمية(إيران, تركيا, سوريا, العراق), بعمليات عسكرية إرهابية, تنطوي على سياق إرهابي – سياسي, وتوظيفات وتوليفات أمنية ابتزازية أخرى, مستغلاً ما يجري في سوريا, عبر استهداف مدروس لسلّة من الأهداف التكتيكية, والتي تقود إلى الإستراتيجي من الرؤى, وفي ذات السياق والهدف, والتوظيفات العابرة للحدود في محيط المربع الإقليمي الإيراني – العراقي – التركي - السوري, وبصورة تطورات دراماتيكية موازية, لعمليات حزب العمال الكردستاني, لكنها مدروسة ومقصودة ومتعمدة, تم العمل على نشوء وإحداث, مناوشات واشتباكات عسكرية على خط الحدود العراقية - الإيرانية, مع وجود توجهات كردية انفصالية انشقاقية, داخل حزب مسعود البرازاني, ومع ظهور معلومات استخباراتية تقول: أنّ الحركات الكردية الانفصالية, تسعى إلى تفعيل صياغات جديدة, عبر سياقات سياسية وحدوية, قومية, تجمع ما بين حزب العمال الكردستاني الكردي, وحزب الحياة الحرّة الكردي الإيراني, والأخير هو بمثابة محطة مخابراتية متقدمة, لشبكات المخابرات الإسرائيلية في الداخل الإيراني. وتؤكد معلومات المخابرات والاستخبارات الإقليمية, العاملة في الكتلة الكردية بأجزائها الأربع, الراصدة لمجرى نشاطات حزب العمال الكردستاني وإخوانه وأولاده, وحليفه حزب الحياة الحرّة الكردستاني الإيراني, أنّ أحد كوادر حزب العمال الكردي( مورات كيريالين, وهو ضابط مخابرات أرميني)في الميدان, هو وراء تفعيل الشراكات العسكرية العملياتية التي جرت وتجري وستجري وبالتنسيق, مابين حزبه وحزب الحياة الحرة الكردستاني الإيراني , وكذلك مع العديد من الفصائل الكردستانية المسلحة الصغيرة, والحركات السياسية الكردية ذات الأهداف والرؤى والعوامل والقواسم المشتركة, وذات التوجهات الانفصالية, ومن شأن كل ذلك, أن يزيد من حدّة وفعالية, التنسيقات العملياتية السياسية والعسكرية ضمن إطار كردي – إرهابي وحدوي. إنّ محور واشنطن –تل أبيب, يدفع إلى إشعال الصراع الأرميني – الأذربيجاني من جديد, لتشتيت وإجهاد القدرات, والإمكانيات التركية, وبالتالي دفعها إلى الموافقة على إنشاء المنطقة العازلة في الداخل السوري, وبالتالي فانّ أنقرة وبكافة حساباتها السياسية – المخابراتية, سوف تكون مجبرة للوقوف بجانب أذربيجان, وهذا معناه تسميم العلاقات التركية – الأرمينية, وتبتعد أرمينيا عن أنقرة, كما أنّه من شأن ابتعاد أرمينيا عن تركيا, أن تبتعد أرمينيا عن روسيا وتتحالف مع محور واشنطن – تل أبيب, مما يسيء ذلك لموسكو ومصالحها.
وفي حالة وقوف أرمينيا مع روسيا, من شأنه أن يصعّد الخلافات الروسية التركية, وبالتالي سوف تتضرر علاقات التعاون النفطي التجاري الروسي التركي. من الزاوية الإيرانية, في حالة تجدد الصراع الأرميني – الأذربيجاني, سوف تقف طهران طبيعياً وتاريخياً إلى جانب أرمينيا, وبالتالي وقوف تركيا إلى جانب باكو, قد يؤدي إلى تسميم العلاقات التركية – الإيرانية, حيث باكو حليفة لكل من واشنطن وتل أبيب, وسوف تضغط أذربيجان على تركيا لكي تتخذ الأخيرة, مواقف ايجابية لتوجهات واشنطن على الأقل دون تل أبيب, وهنا من المستحيل أن ترفض تركيا ذلك, فهناك إمدادات نفط وغاز أذربيجان, وكل أسيا الوسطى, تمر إلى تركيا عبر الأراضي الأذرية, وهناك سبب تركي آخر داخلي مهم يتمثل, في أنّ التيار القومي الاجتماعي التركي, سوف يصب حام غضبه وسخطه, في الشارع السياسي التركي, في حالة عدم استجابة تركيا لمطالب باكو, كون هؤلاء القوميون الاجتماعيون الأتراك, ينظرون إلى أذربيجان باعتبارها, امتداداً وطنياً وقومياً للآمّة التركية الواحدة.


*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*