أول حاكم يعتز بالجنسية المصرية وأحب بلاده بإخلاص حبا لا تشوبه المطامع والزهو، وكان لا يميل إلى الأتراك ويبذل

جهده فى تقوية العنصر الوطنى وإسعاده.

وكان سعيد باشا بن محمد على باشا عريقا فى مصريته، مجدا فى تحسين أحوال شعبه الاقتصادية والاجتماعية، ولئن
ترك حكومة فقيرة مستضعفة فقد ترك شعبا غنيا بثروته وموارده، وكان عصره عصر سلم وعدل ورفاهية.

وروى أحمد عرابى فى الفصل الخامس من مذكراته عن سعيد ما يأتى حيث قال:، “ولشدة إعجابه بى أهدانى تاريخ نابليون بونابرت طبعة بيروت،

وهو بادى الغيظ، لأن الفرنسيين تمكنوا من التغلب على البلاد المصرية، وكان يحرض

على وجوب حفظ الوطن من طمع الأجانب، وقد ازداد هذا الشعور فى تأصلا

عندما سمعت الخطبة التى ألقاها سعيد باشا فى مأدبة أدبها بقصر النيل للعلماء والرؤساء الروحانيين وأعضاء العائلة الحاكمة وأعاظم الرجال ملكيين وعسكريين قال مرتجلا:

“أيها الإخوان أنى نظرت فى أحوال هذا الشعب المصرى، من حيث التاريخ فوجدته مظلوما
مستعبدا لغيره من أمم الأرض فقد توالت عليه دول كثيرة: كالرعاة والأشوريين والفرس حتى
أهل ليبيا والسودان واليونان والرومان، هذا قبل

الإسلام وبعده تغلب عليه الكثير من الدول الفاتحة كالأمويين والعباسيين والفاطميين من العرب،
ومن الأتراك والأكراد والشركس، وقد أغارت فرنسا عليها واحتلتها فى أوائل هذا القرن فى زمن بونابرت،
وبما أنى اعتبر نفسى مصريا رأيت أن أربى أبناء هذا الشعب وأهذبه حتى أجعله صالحا لأن يخدم بلاده خدمة صحيحة ويستغنى بنفسه عن الأجانب وقد


وقال عرابى فلما انتهت الخطبة خرج المدعوون من الأمراء والعظماء غاضبين مندهشين مما سمعوا،
وأما المصريين فخرجوا ووجوههم تتهلل فرحا واستبشارا، وأما أنا اعتبرت هذه الخطبة أول حجر فى أساس “مصر للمصريين”.


منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول