تشكّل ثورة الإتصالات أبرز نتائج العولمة، خصوصًا، من ناحية آنية، الإتصالات وسرعتها الكبيرة التي لم يعرفها تاريخ الانسانية من قبل. إن التطور التكنولوجي الحاصل لأنظمة الإتصال أثّر تأتيرًا مباشرًا على الأمم على المستويات السياسية والثقافية والإجتماعية. من المهم جدًا معالجة موضوع القوانين التي تحكم شبكة الإنترنت وتأثيرها على المجتمعات لأن اختراق شبكة الإنترنت لحدود الدول يجعل من المستحيل تنظيمها أو مراقبتها، وبخاصةٍ من دون تعاون دولي وثيق. للشبكة العنكبوتية حسنات كبيرة من حيث نشر المعرفة ومبادىء الحرية حتى قيل أنه «إذا كنت ترغب في تحرير مجتمع ما إعطه فقط إمكان الوصول إلى الانترنت». لكن للإنترنت محاذير أهمها استعمالها للأعمال الإرهابية ولاختراق خصوصيات الأفراد ولتدمير قيم المجتمعات الإنسانية. لذلك، سعى عدد من الإتفاقيات الدولية إلى تشكيل نوعٍ من الإطار الواسع لمعالجة كل هذه التحديات.
ظهور الانترنت كشبكة إعلام اجتماعي
مع ظهور الإنترنت، صار تناقل الخبر أسرع وأقل كلفة من أي وقتٍ مضى في تاريخ الإتصالات. وقد تسبّبت الإنترنت بحصول تغييرات جذرية في حياة جميع شرائح المجتمع الانساني. وهنا لا بد من الإشارة الى أن الإنترنت أضحت في حالة تنافس مع المصادر التقليدية للإعلام مثل الراديو والتلفزيون، وحتى أن بعض الصحف آثر أن يلغي طبعته الورقية ليتستبدلها بطبعة على الشبكة العنكبوتية.
ويعود تاريخ الإنترنت للعام 1960 عندما بدأت أبحاث علمية في هذا المجال بتكليفٍ من الحكومة في الولايات المتحدة بالتعاون مع شركات تجارية من القطاع الخاص. والعام 1990، بدأ تسويق الإنترنت لتصبح شبكة عالمية تطال تقريبًا كل جانب من الحياة البشرية المعاصرة. ومنذ العام 2009، أضحى أكثر من ربع سكان العالم موصولاً على الشبكة العنكبوتية، والأرقام بارتفاعٍ مستمر.
ليس للإنترنت إدارة مركزية تدير عملية استخدامها بشكل مركزي مباشر يتحكّم بقواعد استخدامها أو بالنواحي التقنية للشبكة. إن ما يتم إدارته مركزيًا يشمل فقط بروتوكول العناوين(1) على الإنترنت ونظام إسم النطاق(2). ويتم ذلك بتوجيه من قبل مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة(ICANN) (3) ومقرها في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة منذ العام 1998.
في أواخر 1990، أشارت الإحصاءات إلى أن الحركة على شبكة الإنترنت العامة تتضاعف كل عام، وذلك يعود للنموّ المتزايد لعدد مستخدمي الشبكة ولعدم وجود إدارة مركزية تتحكّم باستخدام الشبكة، الأمر الذي يسمح بالتوسّع الطبيعي لاستخدامها من دون قيود أو موانع. فأي مستخدم جديد يستطيع الإنضمام إلى الشبكة من دون قيود تذكر. وقد قدّر عدد مستخدمي الإنترنت بحوالى المليارين العام 2011.
تنبع أهمية إدخال الإنترنت الى أي بلد من حقيقة أساسية وهي أن شبكة الانترنت تتحدى الحدود والرقابة الحكومية التقليدية على وسائل الإعلام، وتوفر صوتًا بديلاً عن وسائل الإعلام التقليدية، التي تشكّل عادةً الصدى الرئيس للسلطات الرسمية وللمجموعات الضاغطة. بعبارة أخرى، إنه يؤمّن تدفّق المعلومات من دون وجود حدود فعلية، وبالتالي يوفّر فرصًا لا تقدّر بثمن لتحريك الجمهور لعبور الحدود الوطنية، وخصوصًا بين الشباب من خلال إقامة مناطق تلاقٍ غير مكانية (virtual space).
ان استخدام الإنترنت هو أكثر انتشارًا بين الفئات الشبابية في العالم، خصوصًا الشباب ما بين العشرين والثلاثين من العمر. فهؤلاء يستخدمون شبكة الإنترنت على نطاقٍ أوسع مقارنةً ببقية النشطاء. وعلى سبيل المثال فقد شكّل هذا العامل سببًا رئيسًا لتنشيط الشارع العربي من خلال المساعدة على التحرّكات وتنظيم احتجاجات وتعزيز شكل جديد من الصحافة التي توفّر منصة للمواطنين العاديين للتعبير عن آرائهم وعرض الحقائق من وجهة نظرهم. كما سهّل استعمال خدمات مواقع الفيسبوك والتويتر الاجتماعية في الترويج للنشاطات الشبابية المختلفة الأشكال. كذلك، تم إنشاء مواقع جديدة خاصة بالمواطنين على شبكة الإنترنت لتوفير منتديات للنقاش السياسي والإجتماعي. من ناحية أخرى، لا بد من الإشارة الى أن الإنترنت والأقمار الصناعية تعمل بشكلٍ متواصل على بث تحرّكات المواطنين والسلطات العامة وكذلك للعالم بأسره، لذلك لم يعد بالإمكان إخفاء الكثير من الحقائق لفترةٍ طويلة.
ولكن هذا التطوّر الكبير لشبكة الإنترنت لم يكن مصحوبًا بقواعد قانونية واضحة، الأمر الذي أثار عددًا من المخاوف المتعلقة بجرائم الإنترنت، وخصوصيات الافراد، وحدود الرقابة والثغرات العديدة الأخرى. وقد استحوذ الخطر المتزايد للجرائم المرتكبة عن طريق الانترنت على اهتمام جميع الدول. ولا تزال حتى هذا اليوم الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة السيبرانية (4) قائمة بشكلٍ جديّ في معظم البلدان. ولكن في الواقع، إن القوانين الوطنية القائمة لا تزال متأخّرة في موضوع تنظيم الشبكة العنكبوتية، إذ أنها لا تغطي مجموعة واسعة من الجرائم عبر الإنترنت ولا تقيم حدودًا واضحة لما هو مقبول أو مرفوض. هذا النقص في الحماية القانونية يجبر الشركات والحكومات على الإعتماد بشكلٍ فردي على تدابير تقنية محدودة لحماية مصالحها من قراصنة الإنترنت الذين يحاولون الوصول إليها، أو تدمير المعلومات القيّمة الموجودة لدى الشركات او المؤسسات العامة أو الافراد.

هذا التطبيق الضعيف لقوانين مكافحة هذا النوع من الجرائم وخطورة هذه المسألة يتطلب المزيد من التشريعات والتعاون الدولي.
أمام هذا الواقع القانوني الذي يتخطى الحدود الوطنية، حاولت مؤخرًا عدة دول، من خلال عدد من المعاهدات، معالجة هذه التحديات لأنه لا يوجد حتى هذه اللحظة نظام عالمي لمكافحة مساوئ الإنترنت كالرسائل الملغومة (spam) أو الأمور التي تتعلّق بالأخلاق العامة.
في الواقع، لا يمكن معالجة التحديات القانونية والفنية والتنظيمية المتعلّقة بالأمن السيبراني بشكلٍ صحيح إلا من خلال اعتماد استراتيجية على المستوى الدولي يشارك فيها جميع ذوي العلاقة لمعالجة الأمر.
وقد اتخذت مبادرات من قبل العديد من المنظمات منها: الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، الإنتربول/يوروبول، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، ومنظمات الأمم المتحدة المعنية بمشاكل المخدرات والجريمة (UNODC)، معهد الأمم المتحدة الأقليمي لدراسة شؤون الجريمة والعدالة، معهد بحوث (UNICRI) ومؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة (ICANN) والمنظمة الدولية لتوحيد المقاييس (ISO)، واللجنة الكهروتقنية الدولية (IEC) وفرق عمل هندسة الإنترنت وFIRST منتدى الاستجابة للأحداث ومجموعات الأمن لآسيا والمحيط الهادئ، ومنظمة التعاون الإقتصادي للمحيط الهادىء وآسيا (APEC) ومنظمة الدول الأميركية (OAS) ورابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) وجامعة الدول العربية، والإتحاد الأفريقي. ومبادرات فردية من جانب دول نامية أوفي طور النمو.
اما المبادرة الأكثر تقدمًا لتنظيم الشبكة العنكبوتية ومحاربة الجرائم الإلكترونية فهي إتفاقية المجلس الأوروبي (European Council) بشأن الجريمة السيبرانية (5)، وقرارات الأمم المتحدة المختلفة لمنع جرائم الكمبيوتر ومكافحتها، وخطة عمل مؤتمر دول الـ G8 (الدول الصناعية الثمانية)، وجهود الإتحاد الدولي للإتصالات بشأن توحيد آليات تطوير الإتصالات السلكية واللاسلكية.

جرائم الإنترنت
وفق الاتفاقية الأوروبية بشأن الجريمة السيبرانية التي عقدت في بودابست العام 2001، إن مصطلح «جرائم الإنترنت» يتناول النشاطات غير القانونية أو غير المشروعة المرتبطة بأجهزة الكومبيوتر وباستخدام الشبكة العنكبوتية، مع استثناء استخدام آلة الكمبيوتر كآلة مادية لارتكاب الجريمة، عندها يعتبر الجرم عاديًا.
وفي المقابل، يعتبر حذف المعلومات بواسطة جهاز الكمبيوتر من دون استخدام الشبكة العنكبوتية مشمولاً بجرائم الإنترنت وفق الاتفاقيات الدولية كاتفاقية المجلس الأوروبي بشأن الجريمة السيبرانية.
وقد صنّف المجلس الأوروبي جرائم الإنترنت بأربعة أنواع مختلفة هي:
- الجرائم ضد سلامة المعلومات وخصوصيتها
- الجرائم ذات الصلة بالكمبيوتر
- الجرائم المتعلقة بمحتوى الكمبيوتر
- الجرائم التي تتعلّق بالعلامات التجارية والملكية الفكرية:

الجرائم ضد سلامة المعلومات وخصوصيتها
تشمل هذه الجرائم:
أ. الدخول غير المشروع (أعمال القرصنة)
ب. التجسس على البيانات والمعلومات
ج. الإعتراض غيرالقانوني
د. التدخل في البيانات والمعلومات
ه. التدخل في أنظمة الكمبيوتر وبرامجه
الجرائم المتصلة بالكمبيوتر وتشمل:
أ. الغش والإحتيال ذات الصلة بالكمبيوتر
ب.استخدام الكمبيوتر للتزوير
ج. سرقة الهوية

الجرائم المتصلة بالمحتوى وتشمل:
أ. وجود مضمون جنسي أو إباحي
ب. مواد إباحية ذات علاقة بالأطفال
ج. بيانات التحريض على العنصرية، الكراهية وتمجيد العنف
د. التعرّض للأديان
ه.ألعاب القمار غير المشروعة والألعاب على الإنترنت
و. التشهير والمعلومات الكاذبة
ز. البريد المزعج (spam)
ح. مواد أخرى
الجرائم ذات الصلة بحقوق الطبع والنشر والعلامات التجارية وتشمل:
أ. تبادل الأغاني والملفات والبرامج المحمية في حقوق التأليف والنشر من خلال برامج تبادل المعلومات
ب. التحايل على نظم إدارة الحقوق الرقمية
ج. إستخدام العلامات التجارية في أنشطة إجرامية بهدف التضليل
د. الجرائم ذات الصلة بإسم المواقع الإلكترونية
وبالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام بعض المصطلحات لوصف الأعمال الإجرامية التي تقع ضمن فئات عدة كالمذكورة أعلاه، مثل:
أ. الإرهاب السيبراني
ب. الحرب الإلكترونية
ج. غسل الأموال السيبراني
د. الخداع (philsing)
التحديات القانونية الوطنية والدولية
حتى وقتٍ قريب، كان للحكومات مقاربات مختلفة بشأن التشريعات الخاصة بالإنترنت. فمعظم دول العالم تنظّم الإنترنت ضمن حدود قيمها السياسية والقانونية والأخلاقية والثقافية. لكن بما أن تطوّر تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات يجري على مستوى دولي خارجًا عن نطاق سيطرة هذه الدول، فإن اعتماد تشريعات فعالة وتنفيذها لمكافحة جرائم الإنترنت يشكّل تحديًا كبيرًا للحكومات. وبالتالي، إن جرائم الإنترنت تمثّل تحديًا كبيرًا للأجهزة القانونية في كلّ من البلدان المتقدمة والنامية، ذلك أن عملية التشريع تستغرق وقتًا طويلاً يمنع مكافحة جرائم المعلوماتية بسرعة.
في الواقع، فإن المحاكم الجزائية الوطنية تواجه اليوم صعوبة أساسية وهي الوقت الضائع بين اكتشاف الإنتهاكات للتقنيات الجديدة، وبين تعديل القوانين الجزائية لمكافحتها. فالتعديلات الضرورية للقانون الجزائي الوطني غالبًا ما تكون بطيئة لأنها تتطلب تحقيق الخطوات الآتية:
اكتشاف محتوى المخالفات في التكنولوجيا الجديدة، وإيجاد الثغرات في القانون الجزائي لمعالجتها واعتماد قوانين جديدة تجرِّم التعديات المتعلقة بالكمبيوتر. وما يزيد من التأخير في عملية مكافحة جرائم الإنترنت الحاجة إلى معدات وتقنيات قد لا تكون متوافرة للتحقيق في الأعمال الإجرامية المحتملة.
فالتعامل بالأدلة الرقمية يترافق مع تحديات كبيرة ويتطلّب إجراءات محدّدة للحفاظ على سلامة المعلومات، وتجنّب تعديل الأدلة أو حذفها، أو التعدي على حقوق مستخدمي الإنترنت الأبرياء. ومن بين التحديات الأخرى الأساسية نذكر:
صعوبة كشف الأجهزة والبرامج التي يستخدمها المشتبه بهم، وكشف هوية مستخدمي الإنترنت عن طريق تحليل الرسائل الالكترونية، واستعادة الملفات المحذوفة، وتحديد الأدلة ذات الصلة بالجرائم، وفك تشفير الملفات.
من ناحية أخرى، إن انتشار الإنترنت خارج حدود الدولة يطرح تحديات قانونية تتعلّق بسيادة الدول وصلاحية محاكمها التي تمتد فقط على مساحتها الجغرافية (ضمن حدودها). ولكن بما أن جرائم الإنترنت ظاهرة عالمية جديدة تمتدّ خارج نطاق الحدود الوطنية فإن ذلك يستلزم لنجاح مكافحة تلك الجرائم تنسيقًا (harmonization) كبيرًا بين القوانين الداخلية والمعاهدات الدولية والتعاون بين مختلف البلدان. فمنذ العام 1995، تواجه الحكومات في جميع أنحاء العالم عددًا من المشاكل على شبكة الانترنت كتحميل المواد التي تعتبر غير قانونية ووجود محتوى غير أخلاقي مضر بالشباب، بالإضافة إلى الجرائم الأخرى.
التشريعات الدولية في مجال الانترنت
يعمل عدد من المنظمات الدولية باستمرار لمواكبة التطورات في شأن أمن الفضاء الإلكتروني وقد أسّست مجموعات عمل لوضع استراتيجيات لمكافحة جرائم الإنترنت. ويستخدم مصطلح «الأمن السيبراني» لتلخيص أنشطة مختلفة كجمع المعلومات ووضع السياسات العامة والتدابير الأمنية، والمبادئ التوجيهية، وطرق إدارة المخاطر، والحماية، والتدريب، ودليل لأفضل الممارسات المهنية، ومختلف التقنيات التي يمكن استخدامها لحماية شبكة الإنترنت. وتشمل هذه السياسات المعلومات وأجهزة الكمبيوتر، والأفراد، والبنية التحتية، وبرامج المعلوماتية، والخدمات، ونظم الاتصالات السلكية واللاسلكية، ومجمل المعلومات المنقولة و/أو المخزنة في الاجهزة الإلكترونية. يهدف الأمن السيبراني جاهدًا لضمان تحقيق سلامة المؤسسات والأفراد في مواجهة المخاطر الأمنية وكل ما يتعلق بشبكة الانترنت (6).
وأبرز المجموعات والمنظمات الدولية التي عملت في موضوع جرائم شبكة الانترنت نذكر:
أ.مجموعة الدول الثماني G8
ب. الأمم المتحدة ومنظماتها
ج. الاتحاد الدولي للاتصالات
د. مجلس أوروبا

أ. مجموعة الدول الثماني: G8
إعتمد وزراء العدل والداخلية التابعين لبلدان الـ G8 في اجتماعاتهم المختلفة سياسات لمكافحة العديد من جرائم الإنترنت تستند إلى المبادئ التالية: عدم إتاحة ملاذات آمنة للمعتدين على تكنولوجيا المعلومات، التنسيق بين جميع الدول المعنية في ملاحقة مرتكبي جرائم الإنترنت ومحاكمتهم بغض النظر عن مكان حدوث الضرر، تدريب الموظّفين المكلفين تنفيذ القوانين، وتجهيزهم بالمعدات الضرورية للتعامل مع الجرائم ذات التقنية العالية.
بالإضافة الى ذلك، دعت دول الـ G8 إلى مواصلة العمل حتى التوصّل إلى حلول دولية ناجحة، من خلال عقد إتفاقات دولية، لمعالجة الجريمة ذات التقنية العالية والاستفادة من عمل المنظمات الدولية المختلفة ومن تثمير الدراسات العديدة التي وضعتها دول الـ G8 ومن بينها: مبادىء وخطة العمل بشأن الجريمة ذات التكنولوجيا العالية وجرائم الكمبيوتر (1997) ومبادئ بشأن الحصول على المعلومات المخزّنة على الكمبيوتر خارج حدود الدول (1999) وتوصيات لتعقّب الاتصالات على الشبكة خارج الحدود الوطنية في التحقيقات الإرهابية والإجرامية (2002) ومبادئ توافر البيانات الأساسية لحماية السلامة العامة (2002) وإعلان بيان دول G8 على نظم حماية المعلومات (2002).
وترى دول الـ G8 أن الحماية الفعالة ضد الجرائم ذات التقنية العالية تتطلّب الاتصال والتنسيق والتعاون داخليًا ودوليًا بين جميع أصحاب المصلحة في القطاع الخاص والأوساط الأكاديمية، والمؤسسات الحكومية. بناءً على ذلك، فإن دول الـ G8 إلتزمت تدريب جميع العاملين في مجال تطبيق القانون وتجهيزهم بالمعدات الضرورية لمكافحة جرائم الإنترنت. كما تعهّدت بمساعدة جميع البلدان الأعضاء على إقامة مراكز إتصال تعمل على مدار 24 ساعة سبعة أيام في الأسبوع. إن وجود جرائم تعتمد التكنولوجيا المتقدّمة تطرح تحديات كبيرة على الأجهزة القضائية. فغالبًا ما يكون من الصعب على المحققين ذات المهارة العالية العمل بسرعة فائقة لحماية البيانات الالكترونية وتحديد المتهمين بخرق القانون. من هنا أهمية الشبكة التي طرحت دول الـ G8 إنشاءها لأنها ستمكّن من الاستجابة بسرعة كبيرة لطلبات السلطات الرسمية أو مستخدمي شبكات الانترنت.
إن توصيات الـ G8 بالنسبة لجرائم التكنولوجيا المتقدمة والجرائم ذات الصلة بالكمبيوتر موجودة في إطار الباب D من المعاهدة وتتلخص بما يلي:
- يتعيّن على الدول أن تُجرِّم الانتهاكات على حقوق الغير الشبكة العنكبوتية التي تستوجب العقوبات الجزائية وأن تعالج المشاكل المتعلقة بالتحقيقات القضائية بالتدريب الفعال لمنع الجريمة، وإقامة تعاون دولي في ما يتعلّق بمكافحة هذه الانتهاكات.
- ينبغي للدول أن تتخذ خطوات رادعة لمنع الجريمة ذات التقنية العالية، ويشمل ذلك:
• التعاون مع القطاع الصناعي لضمان أمن شبكات الكمبيوتر ونظم الاتصالات، وإيجاد الآليات المناسبة عند تعرّض المواقع الالكترونية للهجمات.
• سن قوانين وتدابير أخرى وتنفيذها لضمان حماية ملائمة لحقوق الملكية الفكرية ضد التزوير والقرصنة.
• تحديد المشاكل المحتملة ومعالجتها في المستقبل التي قد تنتج عن التطورات في مجال تكنولوجيا المعلومات.
• نشر الوعي العام في ما يتعلق بموضوع الجريمة ذات التقنية العالية.
- يتوجب على الدول العمل المستمر على اقتناء التكنولوجيات الملائمة والتطوير المستمر للخبرات والقدرات في مجال التحقيق والادعاء العام، من أجل ملاحقة المجرمين الذين يستخدمون تكنولوجيا الكمبيوتر لارتكاب جرائمهم. ويتوجّب على الدول تشجيع قيام المزيد من الأبحاث من أجل زيادة فعالية تقنيات تطبيق القانون.
- ينبغي تحسين التواصل بين الموظفين المكلّفين تطبيق القوانين في مختلف الدول، بما في ذلك تبادل الخبرات في معالجة هذه المشاكل.
- يتوجب على الدول الحفاظ على التوازن المناسب بين حماية الحق في الخصوصية، ولا سيما بالنظر إلى الخطر الذي تخلقه التكنولوجيات المستجدة، والحفاظ على قدرة تطبيق القانون لحماية السلامة العامة والقيم الاجتماعية الأخرى.
- على الدول تشجيع وضع القوانين وتنفيذ تدابير لتوفير حماية فعالة للأطفال من جميع أشكال الاستغلال الجنسي على الإنترنت.
- على الدول أن تتعاون من أجل التطوير المستمر للموارد والتقنيات والتدريب للمساعدة في تطبيق القانون ومكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت. كما ينبغي العمل مع مقدمي خدمة الإنترنت والمنظمات غير الحكومية لتطوير الطرق التي يمكن أن تساعد هذه المنظمات من أجل تطبيق قوانين مكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال على شبكة الإنترنت.
وأخيرًا، على الدول أن تشجّع التعاون في مجال تطوير الاستراتيجيات المناسبة لرفع الوعي العام في هذا الشأن، وكذلك التقييم المستمر لبرامج المكافحة والوسائل القانونية المتبعة (7).

ب. قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة
تعمل الأمم المتحدة منذ فترة طويلة في مجال تأمين سلامة استخدام التكنولوجيا وشبكات المعلوماتية (الانترنت). وتشارك وكالات الأمم المتحدة المختلفة في مختلف المفاوضات لإيجاد توافق في الآراء بشأن عدد من القضايا، بما في ذلك وضع معايير توفير الحماية لشبكات الانترنت. أما أبرز قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة في هذا المجال فهي:
- القرار 45/121 العام 1990، وكذلك نشر دليل منع الجرائم المتصلة بأجهزة الكمبيوتر ومكافحتها في العام 1994.
- القرارات 53/70 في 4 كانون الأول/ديسمبر 1998، و54/49 في 1 كانون الاول/ديسمبر 1999، 55/28 في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 و56/19 في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2001 و57/53 في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 و58/32 في 18 كانون الأول/ديسمبر 2003 حول موضوع «التطورات في ميدان المعلومات والاتصالات في سياق الأمن الدولي».
- القرارات 55/63 في 4 كانون الأول/ديسمبر 2000، و56/121 في 19 كانون الأول/ديسمبر 2001 بشأن «مكافحة استخدام نظم المعلومات الإدارية الجنائية لتقنية المعلومات». يدعو هذا القرار الدول الأعضاء، عند وضع التشريعات الوطنية لمكافحة إساءة استعمال تكنولوجيا المعلومات، على أن تأخذ بالاعتبار عمل لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية.
- القرار 57/239 في 20 كانون الاول/ديسمبر 2002 بشأن «إنشاء ثقافة عالمية للأمن السيبراني».
- قرارات الجمعية العامة 57/239 في 31 كانون الثاني/يناير 2003 و58/199 في 30 كانون الثاني/يناير 2004 بشأن «إنشاء ثقافة عالمية للأمن السيبراني»، والذي يدعو الدول الأعضاء إلى التعاون وتعزيز ثقافة الأمن السيبراني.
من ناحية أخرى، هناك العديد من القرارات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة في مجموعة من المجالات ذات الصلة بأمن الفضاء الإلكتروني مثل:
• القرار CCPCJ 16/2/2007 من نيسان/أبريل 2007 «المنع الفعال للجريمة والعدالة الجنائية لمكافحة الاستغلال الجنسي للأطفال» (الفقرات 7، 16).
• قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي E/2007/20 بتاريخ 26 تموز/يوليو 2007 بعنوان «التعاون الدولي من أجل منع وتحري ومقاضاة ومعاقبة جرائم الاحتيال الاقتصادي والجرائم المتصلة بالهوية» (E/2007/30 وE/2007/SR.45).
• قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2004/26 بتاريخ 21 تموز/يوليو 2004 بعنوان «التعاون الدولي لمنع التحقيق والمقاضاة والمعاقبة على الاحتيال، وإساءة استعمال الهوية وتزييفها والجرائم ذات الصلة».
• الفقرة 18 من «إعلان فيينا بشأن الجريمة والعدالة: مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين»، التي أقرتها الجمعية العامة في القرار 55/59 المؤرخ 4 كانون الاول/ديسمبر 2000 والفقرة 36 المرفقة بقرار الجمعية العامة 56/261 المؤرخ 31 كانون الثاني/يناير 2002 حول: «خطط العمل لتنفيذ إعلان فيينا بشأن الجريمة والعدالة: مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين».
• الفقرتان 15 و16 من إعلان بانكوك بشأن «أوجه التآزر والتعاون: التحالفات الاستراتيجية في مجال منع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية»، الذي أقرّه قرار الجمعية العامة 60/177 بتاريخ 16 كانون الاول/ديسمبر2005.
• توصيات مؤتمر ورشة العمل على «التدابير الرامية إلى مكافحة الجريمة المتصلة بأجهزة الكمبيوتر»، الذي عقد في بانكوك في 22 نيسان/أبريل 2005 كجزء من مؤتمر الأمم المتحدة الحادي عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية. الفقرة 2 من قرار الجمعية العامة 60/177 التي دعت الحكومات لتنفيذ جميع التوصيات التي اعتمدها المؤتمر الحادي عشر.
• قرار لجنة مكافحة المخدرات 48/5 حول «تعزيز التعاون الدولي من أجل منع استخدام شبكة الإنترنت لارتكاب الجرائم المتصلة بالمخدرات».
• الفقرة 17 من قرار الجمعية العامة 60/178 المؤرخ 16 كانون الاول/ديسمبر 2005 بخصوص «التعاون الدولي لمكافحة مشكلة المخدرات العالمية».
• قرار لجنة مكافحة المخدرات 43/8 في 15 آذار/مارس 2000 عبر الإنترنت.
• قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 2004/42 بشأن «بيع المخدرات المشروعة الخاضعة للمراقبة الدولية إلى الأفراد عن طريق الإنترنت».
• مختلف توصيات الهيئات الفرعية التابعة للجنة مكافحة المخدرات واللجنة الفرعية المعنية بالاتجار غير المشروع بالمخدرات والمسائل المتعلقة بالشرقين الأدنى والأوسط.
• التوصيات والمبادئ التوجيهية للهيئة الدولية لمراقبة المخدرات (INCB) التي نشرت العام 2005 وتوصيات للحد من انتشار المبيعات غير المشروعة من المواد الخاضعة للرقابة ولا سيما المستحضرات الصيدلانية، عبر الإنترنت.
تدعو الجمعية العامة في قراراتها المختلفة - التي غالبًا ما تكون مماثلة لقرارات الاتحاد الدولي للاتصالات - الدول الأعضاء، عند وضع القوانين الوطنية والسياسات العامة لمكافحة إساءة استعمال تكنولوجيا المعلومات، وأن تأخذ في الاعتبار أعمال لجنة منع الجريمة ولجنة العدالة الجنائية وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
ج. الاتحاد الدولي للاتصالات
يوفّر الاتحاد الدولي للاتصالات الذي يضم 192 دولة و700 شركة من القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية منبرًا «استراتيجيا» للتعاون بين أعضائه باعتباره وكالة متخصصة داخل الأمم المتحدة. ويعمل الاتحاد على مساعدة الحكومات في الاتفاق على مبادئ مشتركة تفيد الحكومات والصناعات التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية للاتصالات. وقد وضع الاتحاد الدولي للاتصالات مخططًا «لتعزيز الأمن السيبراني العالمي يتكوّن من سبعة أهداف رئيسة، والأهداف السبعة هي:
- وضع استراتيجيات لتطوير نموذج التشريعات السيبرانية يكون قابلاً للتطبيق محليًا وعالميًا بالتوازي مع التدابير القانونية الوطنية والدولية المعتمدة.
- وضع استراتيجيات لتهيئة الأرضية الوطنية والإقليمية المناسبة لوضع الهيكليات التنظيمية والسياسات المتعلّقة بجرائم الانترنت.
- وضع استراتيجية لتحديد الحد الأدنى المقبول عالميًا في موضوع معايير الأمن ونظم تطبيقات البرامج والأنظمة.
- وضع استراتيجيات لوضع آلية عالمية للمراقبة والإنذار والرد المبكر مع ضمان قيام التنسيق عبر الحدود.
- وضع استراتيجيات لإنشاء نظام هوية رقمي عالمي وتطبيقه، وتحديد الهيكليات التنظيمية اللازمة لضمان الاعتراف بالوثائق الرقمية للأفراد عبر الحدود الجغرافية.
...المصدر ديوان اصدقاء المغرب