المدينة المنورة :

هي مأوى ومثوى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) ، مفازة الدرب الشمالي إلى الشام ، ارض الخصب والنماء... التمر والماء ، واحدة من اعرق المدن في التاريخ واحدى محطات التجارة الزاهرة في الجزيرة العربية.

الموقع تقع المدينة في الحجاز على هضبة تتدرج قليلا في الاتجاه الشمالي على بعد 447 كم عن مكة المكرمة ، و425 كم عن جدة و210 كم عن ينبع ميناء المدينة على البحر الاحمر.وترتفع عن مستوى سطح البحر نحو 557 م ، على خط طول 39 درجة و36 دقيقة وخط عرض 24 درجة و28 دقيقة. يحدها من الشمال جبل احد ، ومن الشمال الغربي جبل سلع ، ومن الجنوب الغربي جبل عير ( الذي يقع على بعد نحو 4 كم عن مركزها الحالي ) وتكتـنفها من جهة الشرق والغرب حرتان هما حرة واقم وحرة الوبرة ( الحرة هي الحجارة البركانية السوداء).

التأسيس: يرجع تاسيس المدينة الى عهود سحيقة في حياة امم انقرضت ، واقدم ذكر لها يرجع الى عهد المعينيين التي ازدهرت حضارتهم في الفترة مابين ( 1300 و630 قبل الميلاد) ، ويدلنا القرآن الكريم في سورة الاحزاب / 13 ان اسم المدينة كان يثرب وهو اسم لقرية كان يسكنها جماعات من العرب يذكر التاريخ بان الناس لما خرجوا من سفينة نوح ( ع ) بعد الطوفان ضاقت بهم المنطقة وكانت قبيلة عبيل منهم ، حيث استطاع زعيمهم ( يثرب بن عبيل ) الحفيد الرابع لنوح ( ع ) ان يبني المدينة ويوطن قدمه بها ، وسكنها كذلك العماليق بعد ان اخرجوا القبيلة العبلية منها ، وقد شاع اسم يثرب قديما حيث وجد في نقوش وكتابات تاريخية قديمة ، فقد ذكرت في جغرافية بطليموس باسم يثربا ، وفي النقوش السبئية كما عرفت ايضا بهذا الاسم من كلمة ( مدينتا ) التي تعني بالارامية ( الحمى ) ثم اختصرت فقيل لها المدينة ، ولم يرض رسول الله ( ص ) بتسميتها يثرب لانه لمح معنى التثريب ( وهو اللوم والتوبيخ ) فغير اسمها وسماها المدينة ، وبعد قدومه اليها من مكة اصبح اسمها مدينة الرسول ( ص) ، كما انها عرفت باسماء اخرى كثيرة احصاها ياقوت الحموي فوجدها ( 29 ) اسماً منها: طيبة ، طابة ، المسكينة ، العذراء ، الجابرة ، المحبة ، المحببة ، المحبورة ، الناجية ، المباركة ، الدار ، الايمان.... الخ.

التوسعة والاعمار: ـ استمرت المدينة بالتوسعة والاعمار كمركز للحكم الاسلامي منذ الهجرة النبوية حتى رجب سنة 36 هـ حيث نقل الامام علي ( ع ) مركز الخلافة الى الكوفة ، حيث اصبح المسجد النبوي الشريف مركزا للمدينة يحدد اتجاهات نموها وامتدادت شوارعها.
ـ سنة 127 هـ / 725 م زاد مروان بن محمد ( مروان الثاني ) في عمارة المدينة واقيمت فيها القصور والحدائق.
ـ سنة 263 هـ / 876 م بنى الامير اسحاق بن محمد الجعدي اول سور حول المدينة وكان من اللبن.
ـ سنة 367 هـ هدم عضد الدولة البويهي السور القديم للمدينة واقام بدلاً عنه سورا مبنيا من الحجر لغرض حمايتها.
ـ سنة 540 هـ جدد جمال الدين محمد بن ابي المنصور المعروف بالجواد الاصفهاني السور مرة اخرى بعد 200 سنة من بنائه.
ـ سنة 558 هـ قام نور الدين زنكي بتجديد السور مرة اخرى ايضا.
ـ سنة 627 هـ انشأ الخليفة العباسي ابو جعفر المستنصر بالله بيمارستانا شمال المسجد النبوي الشريف.
ـ اهتم الملك قايتباي ( 826 ـ 901 هـ ) بعمران المدينة واقيمت في عهده المدارس والابنية الكثيرة.
ـ سنة 927 هـ امتدت سلطة الدولة العثمانية الى الحجاز واهتم سلاطينها بمكة والمدينة وحظيت المباني بشكل عام والمسجد النبوي بشكل خاص بالعناية والرعاية الخاصة ، ففي عهد السلطان سليمان القانوني تم بناء آخر اسوار المدينة واقواها.
ـ سنة 1285 هـ تم تجديد سور المدينة واحدثت فيه عدة ابواب هي: الباب المجيدي ، باب الحمام ، باب بصري ، وباب القاسمية.

محلاتـها السكنية الحديثة:
ينبع ، العلا ، بدر ، المهد ، الحناكية ، الفريش ، المليلح ، الحسو ، الصويدرة ، وادي الفرع ، ابيار الماشي.

اشهر قراها القديمة:
العقيق ( وهو وادي على بعد 3.5 كم عن المدينة) ، خيبر ( على بعد 115 كم عن المدينة) ، فدك ( وهي قرية من قرى خيبر على بعد 3.5 كم عن المدينة) ، وادي القرى ( وهو وادي بين الشام والمدينة) ، وبين تيماء وخيبر الكثير من القرى وبها سمي وادي القرى.

شوارعها:
شارع البقيع ، شارع النخاولة ، شارع الامام علي ( العوالي) ، شارع السالمية الجديد ، شارع مالك ، شارع المطار ، شارع ابي ذر ، شارع الستين ، شارع قربان ، وشارع الحزام.

آبارها:
في المدينة 20 بئرا تاريخيا اهمها: بئر اريس او بئر الخاتم او بئر النبي ( ص) ، بئر غرس: « يروى بن ماجة بسند عن الامام علي ( ع ) قال رسول الله ( ص ) إذا انا مت فغسلوني بسبع قرب من بئري ( بئر غرس ) » ، بئر اهاب او بئر زمزم ، بئر بدر.

اهم اوديتها:
وادي العقيق ، وادي بطحان او وادي ابي جيدة ، وادي رانوناء ، وادي مذينيب.
مقابرها: مقبرة البقيع ، والتي تضم ( مقابر زوجات النبي ( ص) ، مقابر ابناء وبنات النبي ( ص) ، مقابر اهل البيت ، مقابر بني هاشم ، مقابر اصحاب النبي ( ص ) ( عثمان بن مظعون ، وكعب بن عمر).

ثناياها المشهورة: ثنية الوداع ، ثنية عثعث ، ثنية الشريد.

أسواقها:
كانت في المدينة المنورة 11 سوقا في المناخة أكبرها واوسعها ، سوق الحبابة ، وسوق التجارة ، سوق السمانه ، ( الرواسة) ، وسوق الفخارة والبياطرة وبعض النحاسين وسوق البرسيم... ويعتبر سوق زبالة من اقدم أسواق المدينة.
مكتباتها: مكتبة الملك عبد العزيز ( مجمع المكتبات الاثرية) ، مكتبة عارف حكمت ، مكتبة المصحف ، مكتبة الحرم المدني .

من ذاكرة التاريخ: ـ
سنة 586 ق. م هاجر اليهود اليها في عهد الملك بخت نصر وتعتبر قبيلة قينقاع اشهر القبائل اليهودية واغناها التي سكنت في الجزء الجنوبي من المدينة واشتهرت بصناعة الذهب.
ـ سكن العرب من العمالقة مدينة يثرب قبل هجرة القبائل العربية القادمة من اليمن بعد سيل العرم الاول ( عام 450 م ) وقبل نزوح اليهود اليها.
ـ في الفترة مابين ( 447 ـ 532 م ) بدأت هجرة القبائل العربية اليها ومنهم قبيلة الاوس والخزرج.
ـ وقعت معارك عديدة بين قبيلتي الاوس والخزرج منها حرب سمير ( نسبة الى الرجل الذي اشعلها واسمه ( سمير بن زيد) ، حرب حاطب ، حرب بعاث ، موقعة السرارة ، موقعة فارغ ، موقعة الفجار الاولى والثانية...الخ. ـ لقد اكرم الله تبارك وتعإلى اهل المدينة المنورة بخطابه اياهم في الآيات المدنية بقوله « يأيها الذين آمنوا ».
ـ سنة 620 م تم اول اتصال بين الرسول ( ص ) واهل يثرب عند قدومهم للحج في مكة وتكرر ذلك سنة 622 م في عام الهجرة.
ـ سنة 622 م بدأت الهجرة النبوية الشريفة من مكة الى المدينة حيث وصل الرسول ( ص ) قباء في يوم الاثنين 8 ربيع الاول من العام الاول للهجرة ومكث فيها اربعة ايام حيث اصلح بين قبائل الاوس والخزرج كما خطط لنفسه ولآل بيته داراً بعد ان انشأ مسجده فيها.
ـ في ظهر يوم الثلاثاء في النصف من شعبان سنة 2 هـ حولت القبلة من بيت المقدس الى الكعبة المعظمة ، وفي هذه السنة ايضا فرض الصوم ، ووقعت غزوة بدر ، وفي هذه السنة ايضا تزوج الامام علي من السيدة فاطمة الزهراء .
ـ سنة 3 للهجرة ولد الامام الحسن بن علي ، كما وقعت غزوة احد ، واستشهد حمزة عم الرسول ( ص) ، وهناك احداث كثيرة وقعت في السنوات اللاحقة للهجرة النبوية منها غزوة بني النضير ، غزوة ذات الرقاع ، غزوة الخندق ، غزوة بني قريظة ، بيعة الرضوان ، صلح الحديبية ، غزوة خيبر ، وفي هذه السنة ايضا بدأت الرحلات المتتابعة لقبائل اليهود من المدينة الى الشام.
ـ سنة 36 هـ آثر الامام علي ( ع ) ان يبقى في العراق فانتـقل مركز الخلافة من المدينة الى الكوفة.
ـ سنة 41 هـ اصبحت المدينة امارة من امارات الدولة الاموية.
ـ سنة 62 هـ ثار اهل المدينة بقيادة عبدالله بن الزبير ضد الحكم الاموي حيث عمل خندقا وسورا في الجهة الشمالية للمدينة ، ولكن تم القضاء على الثورة بعد دخول مسلم بن عقبة بجنده الى المدينة.
ـ سنة 145 هـ قام محمد بن عبد الله الحفيد الاكبر للامام الحسن بن علي بعمل خندق حول المدينة في موضع الخندق الذي عمل ايام رسول الله ( ص).
ـ سنة 230 هـ وفي عهد الخليفة الواثق تعرضت المدينة للهجوم من ( بني هلال ) فسبب خراب العديد من مبانيها.
ـ سنة 578 هـ نزل الجنود الصليبيون ينبع ولكن صدوا بقيادة احد افراد عائلة صلاح الدين الايوبي.
ـ سنة 654 هـ انتـقلت السلطة من الدولة العباسية الى المماليك الذين كثرت المنازعات الداخلية في زمانهم وتدهور عمران المدينة.
ـ سنة 1916 م وبسبب الحرب العالمية الاولى قامت السلطة التركية في المدينة بهدم المباني حول الحرم بهدف تسهيل الدفاع عنها.
ـ سنة 1950 م هدم السور المحيط بالمدينة ولم يبقَ منه غير اجزاء من ( الباب المصري).
ـ سنة 1971 م احترقت المدينة فاتى الحريق على بعض تراثها المعماري.


المصادر:
1 ـ تاريخ معالم المدينة المنورة قديما وحديثا / السيد أحمد ياسين الخياري ، ط4 سنة 1414 هـ ، جدة.
2 ـ التكوين المعماري والحضري لمدن الحج في المملكة العربية السعودية / تأليف / محمد سعيد فارسي ص:137 / ط 1 سنة 1984 م عكاظ.
3 ـ المدينة المنورة تطورها وتراثها المعماري / صالح لمعي مصطفى.
4 ـ التاريخ الشامل للمدينة المنورة / الدكتور عبد الباسط بدري / ج 1: 23.
5 ـ المدينة المنورة عاصمة الاسلام الاولى / الدكتور محمد السيد الوكيل.