الصباح / بقلم لويس اوليفاريس ترجمة - نادية المختار *

العقل البشري يمكن أن يمتص ويحلل المعلومات الجديدة بسرعة حالما ينتقل من نمط تفكير الى آخر. وربما يكون ترميز حالات الدماغ هذه بسرعة عن طريق تغيير تزامن موجات الدماغ عبر مناطق الدماغ المختلفة، وفقا لدراسة جديدة.
وجد علماء الأعصاب من جامعة ماساتشوستس الاميركية للتكنولوجيا، أن موجات المخ التي تنشأ من السترياتوم ومن قشرة فص الجبهة الامامي تصبح متزامنة عندما يتعلم الانسان تصنيف أنماط مختلفة من النقاط.ووجد الباحثون أن القرد حينما يتعلم تصنيف أنماط مختلفة من النقاط، فان منطقتين اثنتين من الدماغ تشارك في التعلم هما قشرة الفص الجبهة الامامي والسترياتوم بالتزامن مع موجات الدماغ لتشكيل دوائر اتصالات جديدة.أدلة مباشرة

إمكانية الدماغ في سرعة التعلم brain buzzer.jpg





يقول أستاذ علم الأعصاب من جامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤلف دراسة بعنوان (التعلم والذاكرة) ايرل ميلر: "نحن نرى أدلة مباشرة للتفاعلات بين هذين النظامين أثناء عملية التعلم، الذي لم يلحظه أحد من قبل. وتستند نتائج تعلم التصنيف في مجال دوائر وظيفية جديدة بين هذين المنطقتين. وهذه الدوائر الوظيفية هي اوامر ايقاع أساسي الذي يكون بمثابة المفتاح لأن هذا هو المفهوم الجديد نسبيا في نظم علم الأعصاب."
هناك الملايين من الخلايا العصبية في الدماغ، كل خلية تنتج اشارات كهربائية خاصة بها. هذه الاشارات مجتمعة تولد التذبذبات المعروفة باسم موجات الدماغ، والتي يمكن أن تقاس بما يعرف (الكترونوسيفالوغرافي) اي قياس المخ (EEG). وركز فريق البحث على أنماط التخطيط الدماغي من قشرة الفص الجبهة الامامي- مقر نظام التحكم التنفيذي في الدماغ- والسترياتوم الذي يتحكم بتشكيل العادات والطبائع.

إمكانية الدماغ في سرعة التعلم 0____ ______3.jpg


ويقول ميلر: من المرجح لظاهرة تزامن موجة الدماغ انها تسبق التغيرات في نقاط الاشتباك العصبي، أو الاتصالات بين الخلايا العصبية، والتي يعتقد أنها تكمن وراء نقاط التعلم وتكوين الذاكرة على المدى الطويل. ويعتقد ميلر ان هذه العملية المعروفة باسم (النقطة المطواعة اللدائنية العصبية التشابكية) هي أيضا لحساب مرونة العقل البشري وتستغرق وقتا طويلا للتعلم.
ويضيف ميلر القول: "اذا كنت تستطيع تغيير أفكارك من لحظة الى اخرى، فانه لا يمكنك أن تفعل ذلك عن طريق استمرار صنع اتصالات جديدة بين الخلايا العصبية التشابكية وفصل ما بينهما في الدماغ. اذ ان النقطة العصبية اللدائنية لا تحدث على هذا النوع من النطاق الزمني."
ويضيف موضحا "ولغرض حصول الدماغ على وسيلة لانشاء دوائر وظيفية حيوية لتتوافق مع الأفكار التي يحققها مثلا في لحظة معينة، وبعد ذلك اذا قمنا بتغيير رأينا في وقت لاحق خلال لحظة، فان تلك الدوائر تتفكك بطريقة أو بأخرى. وهنا نعتقد ان تكون موجات المخ متزامنة مع ما يفعله الدماغ حينها".

النشاط المشترك

أظهر مختبر ميلر في وقت سابق أنه خلال خاصية التعلم، فان الخلايا العصبية في الجسم وهي السترياتوم تصبح نشطة في وقت مبكر، يليها تفعيل أبطأ من الخلايا العصبية في القشرة الامامية قبل منطقة فص الجبهة الامامي.
ويقول ميلر "منطقة السترياتوم تتعلم أشياء بسيطة جدا بسرعة بالغة، ومن ثم فان نتاجاتها تقوم بتدريب قشرة الفص الجبهي للاختيار التدريجي على الصورة الأكبر. فوظيفة السترياتوم تشبه تعلم جزء من اللغز، ومن ثم تقوم قشرة الفص الجبهي بما يشبه وظيفة وضع اجزاء اللغز معا وتجميعه ليسهل التعلم."
وفي دراسة جديدة، اراد الباحثون التحقق في ما اذا كان هذا النمط يعكس النشاط فعليا في التواصل بين قشرة الفص الجبهي وبين السترياتوم، أو ان كل منطقة من خلايا الدماغ هنا تعمل بشكل مستقل عن الاخرى. ومن اجل القيام بذلك قام العلماء والمختصون بقياس الاشارات العصبية عبر مايعرف علميا بـ (الكترونوسيفالوغرافي) او مايعرف بالتخطيط الدماغي أو قياس المخ EEG حينما اجريت في تجربة كيفية تعلم القرود تعيين أنماط من النقاط في واحدة من بين فئتين مختلفتين.
في البداية، اظهرت هذه الحيوانات أنموذجين اثنين مختلفين فقط بعد كل نقطة او حركة مدورة ومستديرة. ثم تضاعف عدد النماذج.
وفي المراحل المبكرة، تمكنت الحيوانات ببساطة من حفظ النماذج التي تنتمي الى كل فئة. ومع ذلك، فان عددا من النماذج أصبحت في نهاية المطاف كبيرة جدا للحيوانات لتذكر كل منها، وبدؤوا تعلم ومعرفة الصفات العامة التي تتميز بها كل فئة.
بحلول نهاية التجربة، عندما تبين للباحثين 256 نموذجا جديدا، كانت القرود قادرة على تصنيف كل نقطة منها بشكل صحيح.
وحالما تحولت القردة من حالة التلقين والاستظهار لتعلم الفئات رأى الباحثون تحولا مطابقا في أنماط التخطيط الدماغي. اذ ان موجات المخ التي تعرف باسم "نطاقات بيتا" قد أنتجت بشكل مستقل من قبل قشرة الفص الجبهي والسترياتوم وبدأت المزامنة بين الخلايا العصبية مع بعضها البعض. وهذا يشير الى أن دائرة الاتصالات تتشكل بين المنطقتين العصبية كما يقول البروفسور ميلر.

[IMG]http://www.alarabimag.com/3arabi/ScienceAssets/*******Assets/e%2010-2013/53.jpg[/IMG]

ويضيف "هناك بعض الآليات غير المعروفة تسمح لهذه الأنماط بالتشكيل، وهذه الدوائر تبدأ بما يشبه الطنين كلها معا. ومن ثم فان هذا الطنين يعزز التغييرات اللاحقة اللدائنية المطواعة طويلة الأمد في الدماغ. وبالتالي يمكن للدوائر التشريحية الحقيقية بالتشكيل، ولكن أول ما يحدث هو أنها تبدأ بالطنين معا."
وبعد ذلك بقليل، وعندما عرف الحيوان بدقة هذين الفئتين، فان دائرتين اثنتين من الدوائر المنفصلة قد تشكلت بين السترياتوم وقشرة الفص الجبهي، كل واحدة منها موازية للفئة نفسها التي تتطابق معها.

بيانات مهمة

يقول اندرياس انجل، وهو أستاذ علم وظائف الأعضاء في جامعة هامبورغ يبندورف في المانيا: "هذاهو البحث الأول الذي يوفر بيانات تشير الى أن الاقتران في "نطاقات بيتا" بين قشرة الفص الجبهي والسترياتوم قد تلعب دورا رئيسيا في تشكيل الفئوي. بالاضافة الى الكشف عن آلية جديدة تشارك في فئة التعلم وتسهم أيضا في نتائج الفهم الأفضل لأهمية جانب التذبذبات في "نطاقات بيتا" في الدماغ.

دراسات مبكرة

وقد أظهرت دراسات سابقة أنه خلال المهام التي تتطلب المعرفة فهو يعني ان هناك زيادة تزامنية بين القشرة الأمامية والقشرة البصرية، ولكن مختبر ميلر هو أول من اظهر لنا أنماطا معينة من التزامن كانت قد ارتبطت مع أفكار محددة.
كما أظهر ميلر وزميله البروفسور غنتوليز انطوني، أن قشرة الفص الجبهي بمجرد ما تتعلم الفئات وترسلها الى السترياتوم فانها تخضع لمزيد من التعديل حالما تأتي المعلومات الجديدة لتلقيها وحفظها، الأمر الذي يتيح مجال التعلم الأكثر ليأخذ مكانه في الدماغ. وهذه العملية يمكن أن تحدث مرارا وتكرارا.
يقول ميلر "هذه هي الطريقة التي يحصل فيها الدماغ على الوسيلة الطبيعية ذات النهاية المفتوحة للفكر والتعلم لدى البشر. وهذا يعني ان الانسان يبقى دماغه يتوسع لتلقي المعلومات وحفظها وخزنها، لذا علينا توسعة علمنا وادراكنا". ويضيف موضحا بأن مهمة قشرة الفص الجبهي انها تبقى تعلم فئات مختلفة من المعلومات. أما الغلاف الخارجي للقشرة فانها تعلم هذه الفئات الجديدة ومن ثم تقوم بتشكيل الدوائر التي يمكن أن ترسل الفئات التعليمية وصولا الى السترياتوم كما لو انها مجرد علامة جديدة للدماغ لغرض التوضيح والاستيعاب".
وفي دراسات متتابعة لهذا البحث العلمي الرصين، نرى ان العلماء يبحثون الآن في الطريقة التي يتعلم الدماغ فيها أكثر الفئات مجردة، وكيف يمكن أن ينعكس النشاط العصبي في الجسم عند النقطة العصبية لمنطقة السترياتوم وقشرة الفص الجبهي الامامي على هذا النوع من التجريد.
واخيرا تجدر الاشارة الى ان هذا البحث قد تم تمويله من قبل المعهد الوطني للصحة العقلية في الولايات المتحدة الاميركية.

* عن مجلة ساينس