يبدو ان محمود موظف كبير مرموق ولذلك يرافقه هذا العدد الكبير من الاشخاص وهم يحملونه في نقاله لايصاله الى مستشفى الجملة العصبية في ربيع عالم 1995
بعد حادث انقلاب سيارته فاأصيب بكسر في عظام قاعدة الجمجمة.
لم يكن محمود وهو رئيس المهندسين في احدى المنشآت الحكومية لايدري ما يجري حوله فاقدا الوعي .
يقول الدكتور ( ي. ع) ..
كنت طالب دراسات البورد العربي في جراحة الجملة العصبية وصادف اني كنت الطبيب الخافر .
ادخل محمود وحدة العناية المركزة فورا وتم ربطه بالاجهزة الخاصة بالعناية المركزة وقمت بفحص قلبه ورئتيه وبطنه للتأكد من سلامة الاعضاء الحيوية .
كنت حريصا على ملازمة المرضى الراقدين في العناية المركزة فلا افارقهم الا لتناول وجبات الطعام او قضاء حاجة ما .
جلست زوجته على حافة السرير تسمعه كلاما لطيفا عذبا بصوت ممزوج بالحسرة والألم .
- محمود ..انا زوجتك ..حبيبتك ..زوجتك ..محمود هل عرفتني ..محمود ..هل تتذكر سفراتنا الى الخارج ..
امراة جميلة في متوسط الثلاثينات من عمرها تغطي رأسها بخمار اسود . سألتني
- كيف حال محمود يادكتور ؟
- لااستطيع التكلم قبل حضور الدكتور سعد الوتري وهو على وشك الحضور .
بعد فحص محمود التفت الدكتور سعد الوتري نحو الاطباء المتدربين من المقيمين الاقدمين وطلاب الدراسات العليا يخاطبهم باللغة الانكليزية ...
- هذه المريض اذا بقي حيا خلال خمسة ايام فسوف يتجاوز مرحلة الخطورة .
في مثل هذه الحالات ليس امام ذوي المرضى الا الصبر والانتظار والتضرع والتوسل الى الله تعالى , وليس امام الاطباء الا الاشراف والمراقبة .
مضت ثلاثة اشهر كنا نتاول وجبة الغداء في كافتريا الاطباء وفجأة سمعنا زغاريد تنبعث من غرفة محمود .
تعجبنا جميعا فالزغاريد ليست مألوفة في هذه المستشفى فالمألوف هو البكاء والصياح , والمرضى عادة يدخلون المستشفى عموديا ويخرجون منها أفقيا .
أسرعت الى غرفة محمود ..
- ماذا حدث ست سوزان ؟
- لقد تكلم محمود يادكتور ...قال ماما ..
أحسست بنشوة عارمة غمرتني ربما أعذب من النشوة التي غمرت ذوي محمود في تلك اللحظة .....
بعد يومين افاق محمود من غيبوبته تماما وخرج محمود وزوجته من المستشفى ..
بعد عام واحد ووسط الزحام في الممر الرئيسي للمستشفى لمح الدكتور ( ي. ع ) سوزان زوجة محمود توجه نحوها ..
- اهلا ست سوزان كيف حالك وكيف هو محمود ؟
التفتت الى اليسار قائلة ..
- هذا محمود امامك ..
مد محمود يده ليصافح الدكتور (ي . ع )
- ماشاء الله ...صاح الدكتور بصوته الأجش..
سوزان تخاطب محمود ..
- هذا الدكتور (ي .ع) الذي اشرف على معالجتك ولمدة ثلاثة اشهر .
- بالتأكيد لايعرفني اجابها الدكتور (ي.ع) .
محمود ..بلى يادكتور اعرفك جيدا وانا ممتن لك تعبك وحرصك في عملك .
- كيف تعرفني وكنت فاقدا لوعيك ؟
- منذ اللحظات الاولى بعد الحادثة كنت اسمع كل الكلام الذي دار من حولي ..وكان اسمك
يادكتور يتردد باستمرار وكنت اسمع سوزان وهي تقرأ القران ..وسمعت احدهم تكلم باللغة الانكليزية وهو يذكر خمسة ايام ولكني لم استطيع تفسير قصده في ذلك ولم يكن باستطاعتي الرد .
عانق محمود الدكتور (ي.ع) .....
بسبب الحادث تلاشى التعاون العضوي بين الطاقة الروحية في الدفاع والطاقة الحياتية لاعضاء البدن ولذلك كنت تسمع بالطاقة الحياتية لحاسة السمع ولكن الطاقة الروحية لم تكن قادرة على الجواب .
عندما كان يجرى له فحص الرئتين ....سأل الدكتور (ي.ع) ؟
- ام عمار ( وهو يقصد سوزان زوجة محمود ) ..كيف حال محمود ..هل انتابته حالات صرع ..هل حصل تغير في سلوكه ومشاعره ؟
- والله يادكتور ..محمود تغير مئة وثمانون درجة وهو اليوم غير محمود ماقبل الحادث ..كان يحبني ويفعل كل شئ لاسعادي اما اليوم يغضب بسرعة ويسبني وفي احدى المرات صفعني صفعة قوية .
اجاب الدكتور ( ي.ع ) لنسأل الدكتور سعد الوتري ...
بعد عرض الموضوع عليه سأل الدكتور سعد الوتري
- ام عمار ..اين قضيتم شهر العسل في بغداد او سافرتم الى مكان اخر ؟
- قضينا شهر العسل في باريس ..
- هل تتذكرين اسم وموقع الفندق ورقم الغرفة ؟
- نعم يادكتور ..اجابت سوزان .
- ماعليكم الا السفر فورا الى باريس والنزول في نفس الغرفة من الفندق لمدة اسبوع .
بعد شهر عادت ام عمار لوحدها الى المستشفى ..
- دكتور (ي.ع) أبشرك فقد عاد محمود الى سابق عهده وكأنه لم يحدث شئ له .
- الحمد لله ...هذه بفضل الله وذلك العلاج السحري الذي وصفه الدكتور سعد الوتري له .
بقلم الدكتور محمد فاتح رفيق