.يوم نعف قشاوة:

وهو يوم لشيبان على تميم: قال أبو عبيدة: أغار بسطام بن قيس على بني يربوع من تميم وهم بنعف قشاوة، فاهم ضحىً، وهو يوم ريح ومطر، فوافق النعم حين سرح، فأخذه كله ثم كر راجعاً، وتداعت عيله بنو يربوع فلحقوه وفيهم عمارة بن عتيبة بن الحارث بن شهاب، فكر عليه بسطام فقتله، ولحقهم مالك بن حطان اليربوعي فقتله، وأتاهم أيضاً بجير بن أبي مليل فقتله بسطام، وقتلوا من يربوع جمعاً وأسروا آخرين، منهم: مليل بن أبي مليل، وسلموا وعادوا غانمين. فقال بعض الأسرى لبسطام: أيسرك أن أبا مليل مكاني؟ قال: نعم. قال: فإن دللتك عليه أتطلقني الآن؟ قال: نعم. قال: فإن ابنه بجيراً كان أحب خلق الله إليه وستجده الآن مكباً عليه يقبله فخذه أسيراً. فعاد بسطام فرآه كما قال، فأخذه أسيراً وأطلق اليربوعي. فقال له أبو مليل: قتلت بجيراً وأسرتني وابني مليلاً! والله لا أطعم الطعام أبداً وأنا موثق. فخشي بسطام أن يموت فأطلقه بغير فداء على أن يفادي مليلاً وعلى أن لا يتبعه بدم ابنه بجير ولا يبغيه غائلة ولا يدل له على عورة ولا يغير عليه ولا على قومه أبداً، وعاهده على ذلك، فأطلقه وجز ناصيته، فرجع إلى قومه وأراد الغدر ببسطام والنكث به، فأرسل بعض بني يربوع إلى بسطام بخبره، فحذره؛ وقال متمم بن نويرة:
أبلغ شهاب بني بكرٍ وسيّدها ** عنيّ بذاك الصّهباء بسطاما

أروي الأسنّة من قومي فأنهلها ** فأصبحوا في بقيع الأرض نوّاما

لا يطبقون إذا هبّ النيام ولا ** في مرقدٍ يحلمون الدهر أحلاما

أشجي تميم بن مرّ لا مكايدةً ** حتّى استعادوا له أسرى وأنعاما

هلاّ أسيراً فدتك النفس تطعمه ** ممّا أراد وقدماً كنت مطعاما

وهي أبيات عدة.