ذكر أسر حاتم طيء:

قال أبو عبيدة: أغار حاتم طيء بجيش من قومه على بكر بن وائل فقاتلوهم، وانهزمت طيء وقتل منهم وأسر جماعة كثيرة، وكان في الأسرى حاتم ابن عبد الله الطائي، فبقي موثقاً عند رجل من عنيزة، فأتته امرأة منهم اسمها عالية بناقة فقالت له: افصد هذه، فنحرها، فلما رأتها منحورة صرخت، فقال حاتم:
عالي لا تلتدّ من عاليه ** إنّ الذي أهلكت من ماليه

إنّ ابن أسماء لكم ضامن ** حتّى يؤدّي آنسٌ ناويه

لا أفصد الناقة في أنفها ** لكنّني أوجرها العاليه

إنّي عن الفصد لفي مفخر ** يكره منّي المفصد الآليه

والخيل إن شمّص فرسانها ** تذكر عند الموت أمثاليه

وقال رميض العنزي يفتخر:
ونحن أسرنا حاتماً وابن ظالم ** فكلٌّ ثوى في قيدنا وهو يخشع

وكعبّ إياد قد أسرنا وبعده ** أسرنا أبا حسّان والخيل تطمع

وريّان غادرنا بوجٍّ كأنّه ** وأشياعه فيها صريمٌ مصرّع

وقال يحيى بن منصور الذهلي قصيدةً يفتخر بأيام قومه، وهي طويلة، وفيها آداب حسنة، تركناها كراهية التطويل، وأولها:
أمن عرفان منزلةٌ ودارٌ ** تعاورها البوارح والسواري

وقال أبو عبيدة: جاء الإسلام وليس في العرب أحدٌ أعز داراً ولا أمنع جاراً ولا أكثر حليفاً من شيبان. كانت عنينة من لخم في الأحلاف، وكانت درمكة بن كندة في بني هند، وكانت عكرمة من طيء، وحوتكة من عذرة، وبنانة كل هؤلاء في بني الحارث بن همام، وكانت عائذة من قريش، وضبة وحواس من كندة، هؤلاء في بني أبي ربيعة، وكانت سليمة من بني عبد القيس في بني أسعد بن همام، وكانت وثيلة من ثعلبة، وبنو خيبري من طيء في بني تميم بن شيبان، وكانت عوف بن حارث من كندة في بني محلم. كل هذه قبائل وبطون جاورت شيبان فعزت بها وكثرت.