يوم أعيار ويوم النّقيعة:

كان المثلم بن المشجر العائذي ثم الضبي مجاوراً لبني عبس؛ فتقامر هو وعمارة بن زياد، وهو أحد الكملة، فقمره عمارة حتى اجتمع عليه عشرة أبكر، فطلب منه المثلم أ، يخلي عنه حتى يأتي أهله فيرسل إليه بالذي له، فأبى ذلك، فرهنه ابنه شرحاف بن المثلم، وخرج المثلم فأتى قومه فأخذ البكارة فأتى بها عمارة وافتكّ ابنه.
فلما انطلق بابنه قال له في الطريق: يا أبتاه من معضالٌ؟ قال: ذلك رجل من بني عمك ذهب فلم يوجد إلى الساعة. قال شرحاف: فإني قد عرفت قاتله. قال أبوه: ومن هو؟ قال: عمارة بن زياد سمعته يقول للقوم يوماً وقد أخذ فيه الشراب إنه قتله ولم يلق له طالباً. ولبثوا بعد ذلك حيناً وشب شرحاف. ثم إن عمارة جمع جمعاً عظيماً من عبس فأغار بهم على بني ضبة فأخذوا إبلهم، وركبت بنو ضبة فأدركوهم في المرعى. فلما نظر شرحاف إلى عمارة قال: يا عمارة أتعرفني؟ قال: من أنت؟ قال: أنا شرحاف، أد إلي ابن عمي معضالاً، لا مثله يوم قتلته! وحمل عليه فقتله، وقاتتلت ضبة وعبس قتالاً شديداً واستنقذت ضبة الإبل، وقال شرحاف:
ألا أبلغ سراة بني بغيض ** بما لاقت سراة بني زياد

وما لاقت جذيمة إذ تحامي ** وما لاقى الفوارس من بجاد

تركنا بالنقيعة آل عبسٍ ** شعاعاً يقتلون بكلّ واد

وما إن فاتنا إلاّ شريد ** يؤمّ القفر في تيه البلاد

فسل عنّا عمارة آل عبسٍ ** وسل ورداً وما كلٌّ بداد

تركتهم بوادي البطن رهناً ** لسيدان القرارة والجلاد