يوم الشيطين:

قال أبو عبيدة: كان الشيطان لبكر بن وائل، فلما ظهر الإسلام في نجد سارت بكر قبل السواد، وبقي مقايس بن عمرو العائذي بن عائذة من قريش حليف بني شيبان بالشيطين. فلما أقامت بكر في السواد لحقهم الوباء والطاعون الذي كان أيا كسرى شيرويه فعادوا هاربين فنزلوا لعلع، وهي مجدبة، وقد أخصب الشيطان، فسارت تميم فنزلوا بها، وبلغت أخبار خصب الشيطين إلى بكر، فاجتمعوا وقالوا: نغير على تميم، فإن في دين ابن عبد المطلب، يعنون النبي، أن من قتل نفساً قتل بها، فنغير هذه الغارة ثم نسلم عليها، فارتحلوا من لعلع بالذراري والأموال ورئيسهم بشر بن مسعود ابن قيس بن خالد فأتوا الشيطين في أربع ليال، والذي بينهما مسيره ثماني ليالٍ، فسبقوا كل خبر حتى صبحوهم وهم لا يشعرون فقاتلوهم قتالاً شديداً وصبرت تميم ثم انهزمت، فقال رشيد بن رميض العنبري يفخر بذلك:
وما كان بين الشيّطين ولعلعٍ ** لنسوتنا إلاّ مناقل أربع

فجئنا بجمعٍ لم ير الناس مثله ** يكاد له ظهر الوديعة يطلع

بأرعن دهمٍ تنسل البلق وسطه ** له عارضٌ فيه المنيّة تلمع

صبحنا به سعداً وعمراً ومالكاً ** فظلّ لهم يومٌ من الشرّ أشنع

وذا حسبٍ من آل ضبّة غادروا ** بجريٍ كما يجري الفصيل المفزّع

تقصّع يربوعٌ بسرّة أرضنا ** وليس ليربوع بها متقصّع

ثم إن النبي، صلى الله عليه وسلم، وكتب إلى بكر بن وائل على ما بأيديهم.
الشيطان بالشين المعجمة، والياء المشددة المثناة من تحتها، وبالطاء المهملة، آخره نون.