.ذكر الاختلاف في أول من أسلم:

اختلف العلماء في أول من أسلم مع الاتفاق على أن خديجة أول خلق الله إسلاماً، فقال قومٌ: أول ذكر آمن علي. روي عن علي عليه السلام، أنه قال: أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذبٌ مفترٍ، صليت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قبل الناس بسبع سنين.
وقال ابن عباس: أول من صلى علي. وقال جابر بن عبد الله: بعث النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء. وقال زيد بن أرقم: أول من أسلم مع النبي، صلى الله عليه وسلم، علي. وقال عفيف الكندي: كنت أمرأً تاجراً فقدمت مكة أيام الحد فأتيت العباس، فبينا نحن عنده إذ خرج رجلٌ فقال تجاه الكعبة يصلي، ثم خرجت امرأة تصلي معه، ثم خرج غلام فقال يصلي معه. فقلت: يا عباس ما هذا الدين؟ فقال: هذا محمد بن عبد الله ابن أخي، زعم أن الله أرسله وأن كنوز كسرى وقيصر ستفتح عليه، وهذه امرأته خديجة آمنت به، وهذا الغلام علي بن أبي طالب آمن به، وايم الله ما أعلم على ظهر الأرض أحداً على هذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة! قال عفيف: ليتني كنت رابعاً.
وقال محمد بن المنذر وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبو حازم المدي والكلبي: أول من أسلم علي. قال الكلبي: كان عمره تسع سنين، وقيل: إحدى عشرة سنة.
وقال ابن إسحاق: أول من أسلم علي وعمره إحدى عشرة سنة.
وكان من نعمة الله عليه أن قريشاً أصابتهم أزمةٌ شديدة، وكان أبو طالب ذا عيال كثيرة، فقال يوماً رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لعمه العباس: يا عم إن أبا طالب كثير العيال فانطلق بنا نخفف عن عيال أبي طالب، فانطلقا إليه وأعلماه ما أرادا، فقال أبو طالب: اتركا لي عقيلاً واصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، علياً، وأخذ العباس جعفراً، فلم يزل علي عند النبي، صلى الله عليه وسلم، حتى أرسله الله فاتبعه.
وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا أراد الصلاة انطلق هو وعلي إلى بعض الشعاب بمكة فيصليان ويعودان. فعثر عليهما أبو طالب فقال: يا ابن أخي ما هذا الدين؟ قال: دين الله وملائكته ورسله، ودين أبينا إبراهيم، بعثني الله تعالى به إلى العباد، وأنت أحق من دعوته إلى الهدى وأحق من أجابني. قال: لا أستطيع أن أفارق ديني ودين آبائي، ولكن والله لا تخلص قريش إليه بشيء تكرهه ما حييت.
فلم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه. قال: وقال أبو طالب لعلي: ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ قال: يا أبه! آمنت بالله وبرسوله وصليت معه. فقال: أما إنه لا يدعونا إلا إلى الخير فالزمه.
وقيل: أول من أسلم أبو بكر، رضي الله عنه. قال الشعبي: سألت ابن عباس عن أول من اسلم، فقال: أما سمعت قول حسان بن ثابت:
إذا تذكّرت شجواً من أخي ثقةٍ ** فاذكر أخاك أبا بكرٍ بما فعلا

خير البريّة أتقاها وأعدلها ** بعد النّبيّ وأوفاها بما حملا

الثّاني التّالي المحمود مشهده ** وأوّل النّاس منهم صدّق الرّسلا

وقال عمرو بن عبسة: أتيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعكاظ فقلت: يا رسول الله من تبعك على هذا الأمر؟ قال: تبعني عليه حر وعبد، أبو بكر وبلال. فأسلمت عند ذلك، فلقد رأيتني ربع الإسلام.
وكان أبو ذر يقول: لقد رأيتني ربع الإسلام لم يسلم قبلي إلا النبي وأبو بكر وبلال. وقال إبراهيم النخعي: أبو بكر أول من أسلم.
وقيل: أول من أسلم زيد بن حارثة. قال الزهري وسليمان بن يسار وعمران بن أبي أنس وعروة بن الزبير: أول من أسلم زيد بن حارثة وكان هو وعلي يلزمان النبي، صلى الله عليه وسلم، وكان، صلى الله عليه وسلم، يخرج إلى الكعبة أول النهار ويصلي صلاة الضحى، وكانت قريش لا تنكرها، وكان إذا صلى غيرها قعد علي وزيد بن حارثة يرصدانه.
وقال ابن إسحاق: أول ذكر أسلم بعد النبي علي وزيد بن حارثة، ثم أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه، وكان مانعاً لقومه محبباً فيهم، وكان أعلمهم بأنساب قريش وما كان فيها، وكان تاجراً يجتمع إليه قومه، فجعل يدعو من يثق به من قومه، فأسلم على يديه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله، فجاء بهم إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، حين استجابوا له فأسلموا وصلوا. وكان هؤلاء النفر هم الذين سبقوا إلى الإسلام، ثم تتابع الناس في الإسلام حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به الناس.
قال الواقدي: وأسلم أبو ذر، قالوا رابعاً أو خامساً، وأسلم عمرو بن عبسة السلمي رابعاً أو خامساً، وقيل: إن الزبير أسلم رابعاً أو خامساً، وأسلم خالد بن سعيد بن العاص خامساً. وقال ابن إسحاق: أسلم هو وزوجته همينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة من خزاعة بعد جماعة كثيرة.


قلت : علي بن ابي طالب اول من اسلم من الرجال