تتعايش بالعراق اليوم خمسة أديان، اثنان منها تعددت مذاهبهما وهما المسيحية والإسلام، وثلاثة أخرى هي: الصابئية المندائية والأيزيدية، لا يُلمس فيها في الوقت الراهن مذاهب وفرق. أما الكاكائية أو أهل الحق فلها أن تكون ديناً أيضاً، وبهذا في ظل الحرية العقائدية، التي لا تمس بالآخرين ستكون أديان العراق سبعة أديان. وإذا كان الإسلام والمسيحية تتجاوز حدودهما إلى حدود غيرهما عبر التبشير ولا تربط الانتساب إليها بقومية أو بأصل وانحدار فأن الأديان الثلاثة الباقية اكتفت بحدودها وراعت الأصل في الانتساب إليها، فمن المتعارف عليه أن المندائي والأيزيدي يتحول إلى الإسلام والمسيحية برمشة عين بفعل التبشير أو الضغوط، لكن من العسير، إن لم يكن من المستحيل، أن يجد المسلم أو المسيحي مكاناً له في الأديان الثلاثة الأخرى، لأنها تعتمد شروطاً في الانتساب ومنها العلاقة بالأم ونقاوة الدم وغير ذلك.
وسنتناول في هذه الوقفه العاجله بعض ما يتعلق بهذه الاديان والمذاهب...
نبتدءها بتاريخ المسيحية في العراق:
فقد أشارت الروايات بوضوح إلى دخولها بفعل حركة تبشيرية هادئة، بعيداً عن فتوحات الروم البيزنطينيين، وأول المناطق التي تنصرت هي منطقة حدياب، أربيل اليوم. لكن ليس هناك مَنْ ينفي دور الخلافات الرومانية الساسانية في نشوء وصراع المذاهب المسيحية، كالنسطورية واليعقوبية، فقد شجع الساسانيون النسطورية، المرفوضة عند الرومان، في أن تسود ببلاد المشرق. وإذا كانت سيادة المسيحية التامة في الشام بفعل أباطرة الرومان المسيحيين فإن انتشارها وانحسارها في العراق له صلة مباشرة بتقلب الأحوال بين الدولتين. فالمسيحيون العراقيون كانوا يستفيدون من أجواء السلم والحرب على السواء، ففي السلم يتقدم الرومان لحمايتهم كشرط من شروط المهادنة، وفي الحرب يدفعهم الساسانيون إلى المزيد من الخلاف المذهبي مع الكنيسة البيزنطينية، مقابل تسهيلات دينية.
عشرون قرناً هو عمر المسيحية ببلاد ما بين النهرين، واجهت خلالها اليسر والعسر تبعاً إلى الظرف السياسي وشخصية الحاكم الفارسي المجوسي أو العربي المسلم، وكثيراً ما كان للنساء والجثالقة دور في سريان التسامح الديني، فما عدا ملوك الحيرة، وعدد من الإمارات في الشمال، لم يحصل أن تبوأ مسيحي الحكم في جهة من جهات العراق.
فإلى جانب فترات الانفراج التي يُعاد خلالها عمران الكنائس، وتقام الطقوس بحرية، تعرض المسيحيون لدورات دموية، فقدوا فيها ما فقدوه من القساوسة والأتباع، بين القتل والارتداد عن الدين بالقوة، وما فقدوه من وثائق تاريخية وممتلكات كنسية نفيسة، ويكاد لا يخلو عصر من العصور من حوادث مريعة ضدهم، وهذه الحال دفعت بالأب إسحاق أرملة السرياني (ت1954) أن يجمع نكبات أهل ملته في القرون المتأخرة على يد أمراء أتراك واغوات كرد، بين دفتي كتاب وسمه بـ "القصارى في نكبات النصارى".
يتوزع المسيحيون العراقيون على الفرق التالية: حسب الدليل العراقي 1936: الكاثوليك الكلدانيون، النساطرة الآشوريون، السريان الكاثوليك، السريان الأرثوذكس، الآباء الكرمليون. وحسب حارث يوسف غنيمة في بحث "الطوائف الدينية في القوانين العراقية الكاثوليك الكلدان، السريان الكاثوليك، اللاتين، الروم الكاثوليك (الملكيون)، السريان الأرثوذكس (اليعاقبة)، الأرمن الكاثوليك، الأرمن الغريغورية، البروتستان.


الدين الاسلامي
استكمل الإسلام دخوله العراق خلال ستة أعوام (13-19هـ)، أي بدأ بالاستيلاء على القادسية والمدائن واكتمل بالاستيلاء على جلولاء، ليصبح العراق مركزاً للخلافة الإسلامية أربعة سنوات هي مدة خلافة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم طوال الخلافة العباسية (132-656هـ) من خلافة أبو العباس السفاح إلى خلافة المستعصم بالله.
ويضم الاسلام مذهبين تنقسم بدورها الى عدد من الفرق نستعرضها بالاتي:
مذاهب الإسلام هي الشيعة: يصعب معرفة مؤسس لهذا المذهب على وجه التحديد، لأنه بدأ حركة ظهرت بوادرها بين المسلمين أثناء سقيفة بني ساعدة، عند وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) مباشرة، ثم تبلورت أكثر عند الالتفاف حول الإمام الحسين بن علي عليه السلام وبعد مقتله، ولعب الإمام جعفر الصادق عليه السلام دوراً كبيراً في بلورتها كمذهب فكري وفقهي. أنقسمت الشيعة في تاريخها إلى عشرات الفرق، ظهر منها الإسماعليون، والعلويون النصيريون والإمامية، وهو المذهب الشيعي الرئيس بالعراق اليوم. وآخر انفلاق فيها ظهر بين الإخباريين والأصوليين ثم ظهرت الشيخية التي لها وجود ملحوظ بمدينة البصرة اليوم.
وانقسم الإسلام السنّي، من الناحية الفقهية والفكرية، إلى تيارين رئيسين، هما أهل الرأي، وأهل الحديث. وتبلور المذهب الاول من مقالات أبي حنيفة النعمان (150هـ))
انتشر المذهب الحنفي بالعراق بعد تبوء قاضي القضاة أبي يوسف منصب القضاء زمن المهدي وقيل زمن الرشيد، وظل مذهباً للدولة العباسية لم ينافسه مذهب آخر حتى ظهر المذهب الشافعي، وعلى ما اعتقد أنه أكثر المذاهب قدرة على الانفتاح، ولديه أحكام مريحة لأهل الأديان الأخرى وللمرأة والحرية الاجتماعية، ولا زال يؤلف الأغلبية السنّية بين عرب وتركمان العراق.
وتمثل أهل الحديث بالعراق بالمذهبين الشافعي والحنبلي. أنشأ المذهب الأول محمد بن إدريس الشافعي (ت204هـ)، وكان إلى حد ما يمثل الوسط بين أهل الحديث وأهل الرأي، وأخذ ينتشر بالعراق على يد القضاة الشافعيين، ونصره اصحاب الحديث كثيراً، وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل.
بلغ المذهب الشافعي أوج مجده زمن سلطنة السلاجقة ببغداد، وقد تحول هؤلاء الحنفيون بالأصل إلى الشافعية عبر وزيرهم نظام المُلك (ت485هـ)، الذي جعل مدرسته النظامية مغلقة للمذهب الشافعي والأشعري. حالياً، المنطقة الكردية قاطبة على المذهب الشافعي، ومَنْ تواجد من التركمان بأربيل شوافع أيضاً، وكذلك سامراء ومناطق من غربي العراق تعتقد بهذا المذهب، وكانت شط العرب تعتقد المذهب الشافعي.
كان المذهب الحنبلي الذي تطور على يد ابن تيمية ثم ابن قيم الجوزية، ووصل إلى قمة تشدده على يد محمد بن عبد الوهاب، إلى مصاف الفقه مذهب حديث لا فقه، وإمامه محدث لا فقيه، وكان لهم وجود مؤثر في الحياة السياسية حتى اضطر بعض الخلفاء تملق الحنابلة.لم يستمر المذهب الحنبلي ببغداد ولا بمدن العراق الأخرى ماعدا منطقة الزبير على مشارف الصحراء، فلم ينجح ابن عبد الوهاب في بث دعوته بالبصرة قبل بثها بنجد، وكان قد درس ببغداد.




الكاكائية

أما الكاكائية، فهي بالأصل فرقة جمعت بين التصوف والتشيع إلى حد العلي إلهية، وللاسم علاقة بالكلمة الكردية كاكا، أي الأخ الأكبر، أي لها علاقة ما بظاهرة الفتوة. وفي رأي آخر، كانت "الكاكائية بالأصل طريقة صوفية سواء من ناحية التنظيم أو المنشأ التاريخي.مؤسسها هو سلطان اسحق بن عيسى البرزنجي. جاء ذلك مطابقاً لما قاله المستشرق الروسي فلاديمير مينورسكي حول العلي إلهية: "وأما كشف الأسرار، فلم يتم في عهد ألوهية علي، وإنما بعده، فقد حدث في عصر بابا خوشين والسلطان أسحق، ومما تجدر الإشارة إليه هو أن الألوهية ـ في نظرهم ـ قد رضخت إلى رئيس الملائكة التي كانت تقترن بها. وهذا ما يؤكد تأثيرات أيزيدية في طقوسهم، تتواجد الكاكائية بكركوك والموصل ومناطق من السليمانية وأربيل بعيداً بين الجبال.

الشبك
الشبك قبيلة كردية تستوطن الموصل ، ويتردد اسم الشبك كثيرا مره كتكوين قومي عراقي واخرى تركي فارسي ، ومره كديانة مستقلة لها جذورها الزرادشتية او الايزدية، دون الالتفات الى انقسام الشبك المذهبي الشيعي والسني كباقي القبائل الاسلامية.
واعتادت احصاءات الدولة العراقية ان تجمعهم مع الايزيدين، فيبدون كديانه خاصة، تثير طقوسها الخفية فضول الاخرين.



الصابئة المندائية
المندائية ديانة ذات أُصول عراقية، لكن لا يمنع ذلك من تواجد فرقة منها مثل الأسينيين بفلسطين وأخرى بحران، لذا من الصعوبة أن نتحدث عن هجرات مندائية، وإن كان الاعتقاد الديني ولا يزال أنهم جاءوا من جزيرة سندريت بسيلان الهندية في سفينة يقودها سام بن نوح. وسندريت حسب المصادر الإسلامية أنها جبل هبط عليه آدم، وهو "همزة وصل بين السماء والأرض". تختلف إحصاءات المندائيين من فترة إلى أخرى، لكن الذي يطمئن له اليوم أنهم يعدون بمئة ألف نسمة، خمسة وعشرون بالأهواز وخمسة وعشرون أخرى خارج العراق، وخمسون داخل العراق، النسبة الأكبر منهم ببغداد ثم البصرة ثم العمارة.


الأيزدية

ديانة أخرى اشتبكت المصادر حول أُصولها، فمثلما ابتلى المندائيون برواية أنهم نصارى منحرفون ابتلى الأيزيديون برواية أنهم مسلمون مرتدون، يحل تأديبهم أو قتلهم، وبهذه الحجة وغيرها صدرت فتاوى قتل عديدة ضدهم. يبدو أن أول مصدر إسلامي ذكرهم هو كتاب "الأنساب" لعبد الكريم السمعاني (القرن السادس الهجري)، وقد لفظ اسمهم باليزيدية، فسار الآخرون عقبه في هذه التسمية. معروف أن مضارب الأيزيدية هي الموصل ودهوك، ويقع معبدهم في وادي لالش المقدس. لا يؤمنون بوجود كائن يدعى الشيطان. يقول أحد شيوخهم "نحن من أتباع النبي إبراهيم، وهذه الكتب ليست كتبنا الحقيقية وإنما لفقت في فترة من الفترات، ونحن لا نؤمن بوجد الشيطان، وإنما هو الله الواحد للخير والشر". فهم أيزيدون أي إلهيين أتباع الله أيزيد أو يزدان حسب لسانهم.
تأثرت طقوس الأيزيديين بطقوس الأديان الأخرى، فكانوا متأثرين على الدوام، ذاك لقلتهم وبداوتهم وحداثة كتابيهما المقدسين "مصحف رش" و"الجلوة" نسبة إلى قدم الكتب الدينية الأخرى، بعد فقدان كتبهم الأصلية حسب ما يقال، إضافة إلى تقوقعهم في البيئة الجبلية واستقبالهم لزائرين من الأديان مختلفة. لكنهم أخضعوا الطقوس التي تأثروا بها لعقائدهم التي تبدو قديمة جداً. تناقضت الآراء حول تاريخهم وطقوسهم رغم أن أغلب الذين كتبوا عنهم قاموا بزيارتهم والاختلاط بهم، وكثير منهم حضر شعيرتهم الكبرى المتمثلة في مهرجان السناجق السبعة.
وفيما يخص تسميتهم، يصر الآخرون كباحثين ودوائر رسمية على تسميتهم باليزيديين، رغم تأكيد عدم الصلة بأي يزيد كيزيد بن معاوية أو يزيد بن أنيسة أو يزيد بن عنيزة (قيل أن شيخ عدي كان يمثله)، وتبدو هذه التسمية محرفة عن الإيزيدية لسهولة التلفظ بها من جهة ومن جهة أخرى لرسوخ الاعتقاد الخاطئ حول صلتهم بيزيد بن معاوية. يربو عددهم اليوم على النصف مليون نسمة. أما حكاية أصلهم العربي أو الأموي فلا أصل لها على الإطلاق.

اعتماد المعلومات على كتاب الاديان والمذاهب في العراق
لرشيد خيون
نقل بتصرف


ملاحظة (( تصحيح بسيط للغاية.. ان الاباء الكرمليون الذين ذكرتهم كاحد الطوائف المسيحية انما هم ليسوا بطائفة.. بل هم رهبان لاتين اسمهم الرهبان الكرمليون.. او الاباء الكرمليون... اذن الكرمل هم رهبنة حالها حال اي رهبنة اخرى وهي ليست طائفة او ملة مسيحية... وهناك ايضا الاباء الدومنيكان او الاباء اليسوعيون... كل هؤلاء ليسوا الا جماعات رهبانية تنتمي الى الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية وهم ليسوا طائفة ابدا ومطلقا باي حال من الاحوال انما هو اسم فقط لرهبانية.
ان الكلدان هم طقس شرقي ينتمي الى الكنيسة الكاثوليكية ، اذن هو الكلدان ليسوا طائفة منفصلة انما طقس شرقي ينتمي الى الكنيسة الكاثوليكية ، حالهم حال السريان الكاثوليك الذين هم طقس شرقي ينتمي الى الكنيسة الكاثوليكية العالمية.. اما السريان الارثوذكس فهم طائفة نعم....
ارجو ان يكون التوضيح واضحا ..))

منقوول