جزيرة«أوال» هو الاسم القديم لمملكة البحرين اليوم







البحرين التي نعرفها اليوم ليست البحرين القديمة بل هذه الجزيرة كانت تسمى أوال الى أن تولى آل خليفة حكمها ومن ذلك الوقت أخذت اسم البحرين فأين تقع البحرين إذن ؟


يقول يقوت الحموي صاحب معجم البلدان:


البحرين: اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان وقرية هجر «في الأحساء اليوم» قصبتها وفيه عيون ومياه وبلاد واسعة ، وروي عن ابن عباس : البحرين من أعمال العراق وحده من عمان ناحية جلفار واليمامة على جبالها وربما ضمت اليمامة الى المدينة.


وربما أفردت هذا كان في أيام بني أمية فلما تولى بنو العباس صيروا عمان والبحرين واليمامة عملا واحدا ، وعن أبي عبيدة : بين البحرين واليمامة مسيرة عشرة أيام وبين هجر مدينة البحرين والبصرة مسيرة خمسة عشر يوما وبينها وبين عمان مسيرة شهر ، قال : والبحرين هي الخط والقطيف والآراة وهجر وبينونة والزارة وجواثا والسابور ودارين والغابة ، وقصبة هجر الصفا والمشقر .


ويضهر من مقالة الحموي أن جزيرة أوال وهي البحرين اليوم لم تكن تتبع البحرين وهذا من الأوهام بل كان العرب يطلقون على جزيرة أوال إسم البحرين لأنها كانت تبعا لها .


اشتقاق اسم البحرين


اختلف أهل اللغة في اشتقاق البحرين على عدة أقوال منها قول ابن القاسم : في اشتقاق اسم البحرين قولان : يجوز أن يكون مأخوذا من قول العرب بحرت الناقة اذا شققت أذنها والبحيرة : مشقوقة الاذن ، ويجوز أن يكون البحرين من قول العرب : قد بحر البعير بحراأولع بالماء فأصابه منه داء ويقال : أبحرت الروضة إبحارا إذا كثر إنقاع الماء فيها فأنبت النبات .


يقول الحموي : قلت كل هذا تعسف لا يشبه أن يكون اشتقاقا للبحرين والصحيح عندنا ما ذكره أبو منصور الازهري قال : إنما سموا البحرين لأن في ناحية قراها بحيرة على باب الاحساء وماؤها راكد لاينفع .


والبحرين لا تلفظ الا هكذا في الرفع والنصب والجر ولم يأت الا قول شاذ للزمخشري يقول : إنه يصح أن تقول هذه البحران ، والنسبة لها بحريني وبحراني كما قال أهل اللغة .


تاريخ البحرين


البحرين التي سنتحدث عنها اليوم هي المنطقة الشرقية من المملكة السعودية التي تسمى الاحساء وما يليها من الأراضي، يقول البلاذري صاحب كتاب فتوح البلدان :


كانت أرض البحرين من مملكة الفرس، وكان بها خلق كثير من العرب من عبد القيس، وبكر بن وائل، وتميم مقيمين في باديتها وكان على العرب بها من قبل الفرس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن ساوي، احد بني عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك ابن حنظلة، وعبد الله بن زيد هذا هو الاسبذي نسبة الى قرية بهجر يقال لها الأسبذ، ويقال انه نسب الى الاسبذيين وهم قوم كانوا يعبدون الخيل بالبحرين.


فلما كانت سنة «8» هـ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء ابن عبد الله بن عماد الحضرمي حليف بني عبد شمس الى البحرين ليدعو اهلها الى الاسلام او الجزية وكتب معه الى المنذر بن ساوي والى سيبخت مرزبان هجر يدعوهما الى الاسلام او الجزية، فاسلما واسلم معهما جميع العرب هناك وبعض العجم. فأما اهل الارض من المجوس، واليهود، والنصارى فانهم صالحوا العلاء وكتب بينه وبينهم كتابا نسخته:


بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما صالح عليه العلاء بن الحضرمي اهل البحرين، صالحهم على ان يكفونا العمل ويقاسمونا التمر فمن لم يف بهذا فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس اجمعين. واما جزية الرؤوس فانه اخذ لها من كل حالم دينارا.وعن ابن عباس، قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اهل البحرين:


« اما بعد فإنكم إذا أقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة ونصحتم الله ورسوله، وآتيتم عشر النخل، ونصف عشر الحب، ولم تمجسوا اولادكم فلكم ما اسلمتم عليه، غير أن بيت النار لله ورسوله، وأن أبيتم فعليكم الجزية. فكره المجوس واليهود الاسلام وأحبوا أداء الجزية، فقال منافقو العرب: زعم محمد أنه لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب وقد قبلها من مجوس هجر، وهم غير أهل كتاب فنزلت: «يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم» وقد قيل، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه العلاء حين وجه رسله الى الملوك في سنة «6» ه. »


وعن العلاء بن الحضرمي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اهل هجر :


« بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي إلى أهل هجر سلم انتم فاني احمد اليكم الله الذي لا اله الا هو، اما بعد فإني اوصيكم بالله وبأنفسكم الا تضلوا بعد اذ هديتم ولا تغووا بعد اذ رشدتم. اما بعد فانه قد اتاني الذي صنعتم، وانه من يحسن منكم لا يحمل عليه ذنب المسيء فاذا جاءكم امرائي فاطيعوهم، وانصروهم واعينوهم على امر الله وفي سبيله، فإنه من يعمل منكم عملا صالحا فلن يضل له عند الله وعندي.


وأما بعد فقد جاءني وفدكم فلم آت اليهم إلا ما سرهم وإني لو جهدت حقي فيكم كله أخرجتكم من هجر فشفعت غائبكم، وافضلت على شاهدكم فاذكروا نعمة الله عليكم.»


وعن قتادة، قال: لم يكن بالبحرين في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قتال، ولكن بعضهم أسلم، وبعضهم صالح العلاء على انصاف الحب والتمر.


وعن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر.


وعن الحسن بن محمد قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مجوس هجر يدعوهم الى الاسلام فان أسلموا فلهم مالنا، وعليهم ما علينا ومن ابى فعليه الجزية في غير اكل لذبائحهم ولا نكاح لنسائهم.


وعن موسى بن عقبة ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى منذر بن ساوي:


من محمد النبي الى منذر بن ساوي سلم أنت فإني أحمد إليك الله الذي لا اله الا هو أما بعد، فإن كتابك جاءني وسمعت مافيه فمن صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم، ومن ابى ذلك فعليه الجزية.


عن ابن عباس قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المنذر بن ساوي فاسلم ودعا اهل هجر فكانوا بين راض وكاره، اما العرب فاسلموا، واما المجوس، واليهود فرضوا بالجزية فاخذت منهم.


وعن ابن هلال قال: بعث العلاء بن الحضرمي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا من البحرين، يكون ثمانين الفا، ما اتاه أكثر منه قبله، ولا بعده، فاعطى منه العباس عمه.


وعن عبد العزيز بن عبيد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الى وضائع كسرى بهجر فلم يسلموا فوضع عليهم الجزية دينارا على كل رجل منهم.قالوا: وعزل رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء ثم ولى البحرين أبان بن سعيد بن العاصي بن امية ، وقوم يقولون ان العلاء كان على ناحية من البحرين منها القطيف، وان ابان كان على ناحية اخرى فيها الخط والاول اثبت .


قالوا: ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ابان من البحرين فأتى المدينة فسأل اهل البحرين ابا بكر رضي الله عنه ان يرد العلاء عليهم ففعل، فيقال، ان العلاء لم يزل واليا حتى توفي بها سنة «20» ه، فولى عمر مكانه ابا هريرة الدوسي، ويقال ايضا، ان عمر رضي الله عنه ولى ابا هريرة قبل موت العلاء، فاتى العلاء « توج » من ارض فارس وعزم على المقام بها، ثم رجع الى البحرين فمات هناك. وكان ابو هريرة يقول دفنا العلاء ثم احتجنا الى رفع لبنة فرفعناها فلم نجده في اللحد.


وعن العمري، عن الهيثم قال: كان قدامه بن مظعون على الجباية والاحداث، وابو هريرة على الصلاة والقضاء، فشهد على قدامة بما شهد به، ثم ولاه عمر البحرين بعد قدامة،ثم عزله وقاسمه وامره بالرجوع فأبى فولاها عثمان بن ابي العاصي فمات عمر وهو واليه عليها. وكان خليفته على عمان والبحرين وهو بفارس اخوه مغيرة بن ابي العاصي، ويقال حفص بن ابي العاصي.


قال وعن محمد بن سيرين، عن ابي هريرة قال:


استعملني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على البحرين فاجتمعت لي اثنا عشر الفا فلما قدمت على عمر قال لي ياعدو الله وعدو المسلمين « او قال وعدو كتابه» سرقت مال الله قال: قلت لست بعدو لله ولا للمسلمين «او قال لكتابه» ولكني عدو من عاداها، ولكن خيلا تناتجت، وسهاما اجتمعت قال فأخذ مني اثنا عشر الفا، فلما صليت الغداة قلت: اللهم اغفر لعمر.


قال فكان يأخذ منهم ويعطيهم افضل من ذلك، حتى اذا كان بعد ذلك قال الا تعمل يا أبا هريرة، قلت لا قال: ولم قد عمل من هو خير منك يوسف قال اجعلني على خزائن الارض، فقلت يوسف نبي ابن نبي، وانا ابو هريرة بن اميمة واخاف منكم ثلاثا واثنتين قال فهلا قلت خمسا قلت اخشى ان تضربوا ظهري، وتشتموا عرضي، وتأخذوا مالي، واكره ان اقول بغير حلم، واحكم بغير علم.