بعد بسم الله الرحمان الرحيم
أردت التطرق الى هذا الموضوع والكتابة عنه لأن هذا الموضوع غير موجود في هذا المنتدى وقل من يكتب عليه هذا من جهة ومن جهة أخرى أردت ان تساعوني في الكتابة على موضوع انتشار الاسلام في افريقيا لأنه يهم كل دارس في التاريخ الاسلامي وبارك الله فيكم ودمتم في خدمة الاسلام والمسلمين
مقارنة بين انتشار الإسلام فى شرق افريقيا وغربها
تحدث ترمنجهام عن انتشار الإسلام ووسائله فى شرق القارة وفى أثناء ذلك أجرى مقارنة مهمة بين انتشاره فى شرقها وغربها فقال :
برغم أن سكان شرق افريقيا كانوا اكثر قرباً للبقعة التى ولد الإسلام فيها، وعلى صلة بجنوب الجزيرة العربية والخليج الفارسى بسبب العلاقات التجارية، فان تغلغل الإسلام وتأثيره كان اضعف بكثير منه فى السودان جنوب الصحراء (غرب افريقيا) والمسلمون فى ساحل شرق افريقيا ما زالو حتى هذا القرن (العشرون) يعيشون فى الظروف الاقتصادية التي خلقتها الملاحة فى المحيط فى القرون الماضية، وقد عنى تاريخهم بحكام الموانى التجارية وبعلاقاتهم الداخلية، ومنازعاتهم وصلاتهم بالجزيرة العربية، وباقامة مجتمع جديد، وبذلك فان الإسلام في شرق إفريقيا ظل يحمل كثيراً من صفات الديانة الأجنبية.
وأما فى غرب افريقيا فان انتشار الإسلام يرجع فى المقام الاول الى التجارة والدعوة له بواسطة التجار الأفارقة، ولقد كانت هنالك مرحلتان تأثر بهما الاهالى فى غرب القارة هما:
-الأولى: دخوله في بناء المجتمع السوداني التقليدي كدين لطبقة او فئة معينة من الشعب.
- والثانية: انتشاره عن طرق الجهاد أيام غلبة رجال الدين الأفارقة.
بينما فى شرق إفريقيا لم نجد اياً من هاتين المرحلتين وذلك لسببين رئيسيين:
الأول: طبيعة المسلمين الساحليين وتفكيرهم وشعورهم بجنسهم العربي، فهم في مستوطناتهم كانوا دائماً يتجهون بأنظارهم صوب البحر الذي يأتي عبره المهاجرون من الاراضى التى تربطهم بها روابط عائلية وثقافية وتجارية فلم تنشا بينهم وبين الداخل صلات مباشرة ولم يقيموا طرقاً للقوافل، وبالتالي يخلقوا مراكز للتسويق، وعلى الساحل كونوا مجتمعاً إفريقياً إسلامياً نما عن طريق استيعاب الأفراد، ثم أنشأ المهاجرون الآسيويون مجتمعات منفصلة ولم يتوسط هؤلاء وهؤلاء مجتمع إفريقي يمكن عن طريق إثبات أن اعتناق بعض المذاهب الإسلامية لا يؤدى إلى تمزيق المجتمع، ولم يقم أي من العرب الشافعيين أومن مجموعات الاباضية أو الشيعة بأي دعاية بين البانتو، ولم يبدأ انتشار الإسلام فى الداخل إلاّ فى القرن الماضي (أي التاسع عشر) عندما بدأت القوافل تسير هناك، وكان انتشاره يتم تحت الظروف التي سادت فى أيام الحكم الأوروبي.
وبهذا يرى ترمنجهام أن طبيعة الساحليين بتكوينهم القبلي وتمركزهم في الساحل واهتمامهم بتجارتهم البحرية لم تمكنهم من التوغل داخل إفريقية الشرقية وظلوا في سواحلهم حتى مجيئ الأوربيين في القرن التاسع عشر, فقاموا بشق الطرق إلى داخل القارة وفرضوا الأمن والاستقرار, فأستغل المسلمون هذا المناخ الجديد ونشروا الإسلام في الداخل بعد أن توغلوا بقوافلهم التجارية ودعاتهم,وبذلك يكون الاستعمار قد خدم الإسلام والمسلمين في شرق إفريقيا دون قصد منه, بينما الأمر في غرب إفريقيا يبدو مختلفاً حيث أعتنق الأفارقة الإسلام وقادوا الدعوة بأنفسهم في شكل تجار ودعاه. أما السبب الثاني فيعود إلى طبيعة مجتمعات البانتو الساحليون, والذين يعيشون منتشرين في كفور عائليه متناثره, وليس في قرى بالمعنى المفهوم كما غرب أفريقية, فمثلاً نرى العادة بين قبائل النييكا Nyika أن الرجل عندما يتزوج يبني بيتاً في مزرعته أو بالقرب منها , كما إنه يشيد لكل زوجه جديدة بيتاً آخر عند كل زواج, وبالتالي تربط الصلات العائلية سكان كل مجموعه من هذه المجموعات التي تقوم بجوار المزارع, ويكونون مجتمعات محليه لإفريقيا.
ولقد كان التنظيم السياسي في الجزء الأقرب إلى الساحل أبسط منه عند البانتو الذين يعيشون في داخل بعيداً عن الساحل, فلم تدوم عندهم الأسر الحاكمة طويلاً, ولم يكن لديهم دول أو مدن بالمعنى المعروف, ولم يكونوا قبائل تجاريه كما هو الحال في غرب أفريقيا.
بينما نجد في غرب إفريقيا قبائل تجاريه كاندينجو والبرتو, والهوسا... إستطاعوا أن يكونوا دولاً كبرى, واستطاعت أن تنشر الإسلام في ربوع القارة بين النيل والنيجر, وأن يقيموا مدناً أصبحت مراكز علميه كبرى لا تقل أهميه عن مدن شمال إفريقيا مثل تنبكت وجني وكوكه وكانو والفاشر وسنار ... وذلك قبل غزو الاستعمار الأوربي للقاره الإفريقية بقرون عديدة.
ولهذا يلاحظ أن ترمنجهام قد فضل الحديث عن انتشار الإسلام في شرق أفريقيا عقب قيام الحكم الأوربي فيها وإلغاء تجارة الرقيق, حيث حدث تغيير كبير واستقرت الأوضاع فأخذ الإسلام ينتشر بسرعة من الساحل ومن المراكز التجارية التي كانت موجودة في الداخل وخصوصاً تنجانيقا, حيث ساعد انفتاحها والتخفيف من حدة القيود القبلية فيها على سرعة انتشاره.
ومما ساعد في انتشار الإسلام بهذه السرعة أيضاً: تعامل الأوربيين مع المسلمين, فقد كان جميع العاملين في الإدارة الأوربية من موظفين ومترجمين ومرشدين وجنود وخدم من المسلمين, فأصبحت كل بقعه استوطن فيها أوربي , وكل معسكر حربي أو مركز حكومي, وكل مزرعة, مركزاً للإشعاع الإسلامي, كما كان الجنود الذين استخدموا في فتح المقاطعات, وفي بناء الجامعات, وكذلك الذين اشتركوا في البوليس والأمن في الداخل كانوا مسلمين وارتبطوا بالإدارة الجديدة.
والنظام الذي أنشأته الحكومة الألمانية في شرق أفريقيا, وهو نظام الولاة والعقدا, كان من العوامل المهمة التي ساعدت في انتشار الإسلام, ذلك أن هؤلاء كان معظمهم من المسلمين السواحيليين, لأن عدد الموظفين الألمان كان قليلاً, فأصبح المسلمون هم وسيله الاتصال بالإدارة, ومن هنا أخذ الزعماء والرؤساء وأتباعهم في التأقلم الظاهري ليأخذوا نفس طابع الأهالي المشتركين في البوليس والجندية والإدارة, وأخذ معلمو القرآن يقيمون في المناطق التي بها مراكز تجاريه أو أداره... وكان التجار جميعهم مسلمين وأصبحوا يستطيعون الآن التوطن في مقاطعة كانوا من قبل لا يستطيعون الوصول إليها, ولم يكن التجار من القائمتين بالدعوة ومع ذلك فإن مجرد وجود الإفريقي المسلم في مجتمع ما هو في ذاته من عوامل الدعوة..
والخلاصة أن الانفتاح من الساحل إلى الداخل كان من العوامل التي أدت إلى ذيوع الإسلام, والأهم من ذلك أن الكثير من سكان الداخل استفادوا من حرية التنقل, بعد أن عرفوا النقود في معاملاتهم الاقتصادية فتركوا مواطنهم الأصلية للعمل في المراكز الجديدة ومزارع الألمان وخصوصاً عناصر الإيرمبا والينامويرى, فعادوا إلى مناطقهم مسلمين.
وكان انتشار السواحيلية كلغة مشتركه عاملاً هاماً في تسهيل التخاطب والاتصال والدعوة, حيث جعلها الألمان اللغة الرسمية في المنطقة كلها.
هكذا أعطانا ترمنجهام صورة حيه لحركة الإسلام في شرق افريقيا, وهذه النصوص إلا مقتطفات من ذلك السفر الكبير الذي يحتاج من العاملين في حقل الدعوة الإسلامية إلى الإطلاع والتمعن في عباراته ومدلولاته .
(3) هوبير ديشامب Hobeer Deshap
احد أركان الاستعمار الفرنسي فى افريقيا، فقد كان حاكماً للمستعمرات الفرنسية بإفريقيا الغربية لسنوات طويلة فى الربع الأخير من القرن التاسع عشر وشاهد بنفسه تقدم الإسلام وانتشاره فى منطقة غرب افريقيا، فكتب عن ذلك بشئ من الموضوعية، فتناول تاريخ الإسلام ووسائل انتشاره، وأوضح بشكل واقعي حركة الإسلام الكبرى التي شهدتها القارة الإفريقية خلال القرن التاسع عشر من خلال تلك الحركات الإسلامية التي تفجرت لمقاومة الاستعمار الأوروبي وجمع كل ذلك فى كتاب سماه الديانات فتحدث عن دخول الإسلام فى افريقيا بقوله:
" لم يقف إي حاجز أمام زحف الإسلام بإفريقيا، فقد كان انتشر بالشمال فى وقت مبكر ، ثم تخطى الصحراء وزحف خلفها، وعبر من الجزيرة العربية للساحل الشرقي منذ عصره الأول، وتخطى هذا الساحل إلى المناطق الداخلية إلى كينيا وتنجانيقا، واقتحم نطاق الغابات فى قلب افريقيا، ونفذ إلى هضبة البحيرات وتدفق إلى الهضبة الحبشية وانتشر على طول الساحل الغربي ودخل جنوب افريقيا مع المهاجرين المسلمين من سكان شبه القارة الهندية وماليزيا ولا زال ينتشر حتى اليوم إلى أفاق جديدة(20).
وقد أكد ديشامب فى تناوله لانتشار الإسلام بأنه انتشر عن طريق الدعوة، ولم يمارس المسلمون إي عنف كما يدعى الكثيرون، وفى ذلك يقولون "أن انتشار دعوة الإسلام بإفريقيا لم تقم على القسر وإنما قامت على الإقناع الذي كان يقوم به دعاة متفرقون لا يملكون حولاً ولا طولاً إلا إيمانهم العميق بدينهم، وكثيراً ما انتشر الإسلام بالتسرب السلمى البطئ من قوم إلى قوم، فكان إذا ما اعتنقته الطبقة الأرستقراطية وهى هدف الدعاة الأول، تبعتها بقية القبيلة (21) "
وفى حديثه عن وسائل انتشار الإسلام ذكر من بينها: أن الإسلام دين فطرة بطبيعته ، سهل التناول لا لبس ولا تعقيد في مبادئه, سهل التكيف والتطبيق في مختلف الظروف , ووسائل الانتساب إليه أيسر وأيسر , إذ لا يطلب من الشخص لإعلان إسلامه سوى النطق بالشهادتين حتى يصبح في عداد المسلمين .. وقد حبب الإسلام إلى الإفريقيين مظاهره الجميلة البعيدة عن التكلف , مثل الثوب الفضفاض . والمستحبه والكتابة العربية , والوقار الديني , وشعائر الصلاة , مما يضفي على الإسلام مكانة مرموقة وجاذبية ساحرة , فالذي يدخل الإسلام يشعر بأنه أصبح شخصية محترمة , وأنه قد ازداد من القوة والحيوية ..(1)
ولهذه الأسباب وغيرها شهد الإسلام حركة نشاط ضخم بالسودان الغربي أيام كان هوبير دشامب حاكماً عليها , فكتب عن هذه الحركة وصداها ونتائجها حيث قال:
(( أخذ الإسلام في الاتساع بشكل ملحوظ بين قبائل وثنية دأبت على مقاومته زمناً طويلاً مثل فبيلة"موش" وقبائل أخرى فى جنوب مستعمرة نيجيريا، ومن جهة أخرى نشاهد فى بلاد السنغال وغينيا وهى بلاد إسلامية اتجاهاً من الطرق الدينية إلى اقتباس النظام الاشتراكي الزراعي السائد بين طائفة المريدين .
ثم يواصل حديثه عن مظاهر ذلك النشاط وعلاقته بالعالم الاسلامى فيقول ولكن ابرز المظاهر وأقواها ذلك النشاط العظيم الذي دب فى أوصال العالم الاسلامى وحركة التجديد التى سرت فى كيانه، فقد هب رجاله وعلماؤه ونادوا بوجوب تطهير الدين من الشوائب والبدع الدخيلة عليه‘ وقد بدأت تلك الحركة فى سوريا والبلاد العربية الاخرى، وقامت مصر بنشرها وإذاعتها، فوصل صداها إلى اقاصى أرجاء السودان الغربي وبنية شعوبها العريقة فى الإسلام، فأيقظ فيها الوعى الديني، وخاصة حيث توجد الطبقات
منقوول