يعد كريم خان زند أحد قادة نادر شاه الافشاري شاه ايران، و ينحدر كريم خان من اصول كرديه ، من طائفة زندية تقطن منطقة "ملاير" شمال إيران، وبعد مقتل نادر شاه عمت الفوضى و الاضطرابات جميع المناطق والأقاليم الإيرانية بالإضافة إلى سواحل وجزر الجنوب الايراني المطله على الخليج العربي، حيث مواطن مختلف القبائل العربية، وفي عام 1162 هـ، قام كريم خان زند وبحجة إعادة حكم الأسرة الصفوية بجمع عدد من القادة حوله واخذ يدعو إلى عودة السلطة الملكية للحكومة الصفوية، وعين سليمان الثاني الصفوي بشكل صوري ثم وبذريعة انه لا يوجد فرد صفوي مقتدر لائق يستلم زمام الأمور عزله، قام بنفسه في أداء الدور المطلوب واستولى على السلطة بالقوة و اخضع بالحرب إقليم فارس وأصفهان وكرمان ثم الأحواز (ديار بني كعب) و أبو شهر وبندر عباس فكانت فترة حكمه من أهم واشد الفترات بالنسبة للقبائل العربية في الخليج العربي ([1]).

وكان كريم خان رجلا قويا صلبا ذو أراده ثابتة، وكان يقدر رجال الدين، وهو متدين الى حد ما، وكان يحترم بقايا نسل الدوله الصفويه، كسب قوته في حروبه مع جيوش نادر شاه بصفته قائدا وبقي خادم يحترم مبادئ واسرة نادر شاه محتفظا بالعهد والود لذلك ابقى اقليم خرسان تحت ولاية ابن نادر شاه الذي أعماه أباه([2]).

كريم خان زند

وامتدت سلطة كريم خان إلى كل البلاد و لكن لم تكن سلطته مطلقة السيطرة، فقد واجه مقاومه من نصير خان حاكم اقليم "لار"، و ملا علي شاه حاكم بندر عباس، و عرب الهوله في سواحل وجزر الخليج العربي، واعتمد كريم خان بشكل كبير في حروبه على خدمات أشقائه و وأخوته غير الأشقاء، وهما أخوه الأكبر صادق خان، و زكي خان، حيث كان الأول (صادق خان) هو المسئول المباشر عن العاصمة شيراز، في الوقت الذي أنشئت فيه المقيمية البريطانية في أبو شهر سنة 1177هـ، وقد قام فيما بعد بالعديد من العمليات ضد حاكم أقليم "لار" سنة 1180هـ و ضد البصرة سنة 1189-1190 هـ ، بينما كان الأخير (زكي خان) الذي كان أخا غير شقيق، هو المسئول عن الحملة إلى بندر كنجون ([3]) سنة 1181هـ أو ما تسمى بثورة الشيخ حجر النصوري، وعن حملة أخرى إلى جنافة سنة 1183هـ، و عن حملة ثالثة إلى بندر عباس سنة 1187هـ ، وقد توفي كريم خان سنة 1193هـ عن عمر يقدر بخمسة و ثمانين عاما ([4]).

ويتضح من هذا أن كريم خان اعتمد اعتمادا كليا على زكي خان في حروبه البحرية وسط و جنوب الخليج العربي وأما الأخ الأكبر صادق خان فكان قائد القوات البرية التي حاربت في اقليم "لار" و البصرة جنوب العراق.

سياسة كريم خان الخارجية:

ارتبطت سياسة كريم خان الخارجية بشكل رئيسي بعمان و العراق التركي، وقد كرس جهوده في الفترة (1183- 1193هـ)، لإخضاع إمام عمان وغزت جيوشه أيضا العراق سنة (1775 – 1189هـ) واحتلت البصرة بداية عام 1776م – 1190 هـ ([5]).

ومن الواضح جدا بان سياسة كريم خان تجاه عرب الهوله، تركزت في عملية إخضاع عرب القواسم في لنجه وكنج وقشم و (جلفار) راس الخيمة أولا قرابة عام 1165هـ، ثم إخضاع قبيلة آل حرم ([6]) في البحرين عام 1169هـ ، وعام 1171هـ، واخضاع عرب آل نصور ممثلين بالشيخ حجر النصوري حاكم بندر كنجون في عام 1189هـ، و القضاء على تمرد مير مهنا الزعابي شيخ بندر ريق ([7]) عام 1193هـ، وكان من سياسة كريم خان العمل على كسب ود

الشيوخ العرب بعد إخضاعهم بالقوة وذلك بالعمل على إبقائهم في ضمن سيادتهم و لكن بشروط تضمن لكريم خان كامل السيادة على الساحل الإيراني.

كريم خان زند وعملية أخضاع قبيلة القواسم:

من الواضح جدا بأن عرب القواسم بقيادة الشيخ رحمه بن مطر "الهول" او الهولي ([8])، استغلوا فراغ السلطه في سواحل الخليج العربي وخصوصا بعد مقتل نادر شاه عام 1162هـ، و اخذوا يشنون غارات بحريه على الجزر والموانئ القريبة من الساحل الإيراني بهدف السيطره عليها، ونتيجة لهذه الغارات البحرية اصطدم عرب القواسم و قبيلة بني معين العربية ([9]) حكام جزيرتي قشم و هرمز.

حيث أنه وفي بداية عام 1165هـ، وقف الشيخ حسن والشيخ عبد الله أمراء قبيلة بني معين، شيوخ جزيرتي قشم و هرمز، في وجه اعتداءات القواسم، واستطاعوا في هذا العام القاء القبض على عدد من رجال القواسم وكانوا في سفينه لهم بالقرب من ميناء "باسيدو" القشمي، وضبطا معهم أموالا مسروقه، وأحضرهم إلى جزيرة قشم.

وبناء على ذلك، جمع الشيخ صقر بن راشد القاسمي الأعراب البداه، وهاجموا جزيرة قشم فجأة، واستولوا على الأماكن المعمورة من الجزيرة، و نتيجة لهذا الهجوم فر الشيخ حسن بني معين بعد قتال عنيف مع المهاجمين – عن طريق ميناء " باسيدو" القشمي، ونزل في ميناء متهابي (بروغار) وذهب إلى قلعة "ديده بان" – عن طريق "دزكان"، وطلبوا المدد من الشيخ محمد خان البستكي حاكم بستك وبندر عباس وكان محمد خان يخضع لسلطة كريم خان حاكم شيراز، وبالفعل هب محمد خان البستكي لمساعدة بني معين حكام جزيرة قشم، في استعادة الجزيرة وطرد العرب القواسم منها، وقد تحرك الشيخ محمد خان البستكي – دون إبطاء – مع جمع كبير من حملة البنادق الشيرازيين، وجمع مقاتلين من العرب والعجم، و أرسل من "دزكان" حوالي 500 شخص إلى بندر عباس بقيادة حسن خان البستكي، لكي يقوم من هناك بالهجوم على جزيرة قشم، ومساعدته بسفن أكثر تجهيزا، وجموع أكثر عددا.

أما محمد خان العباسي البستكي فقد تحرك من موانئ، متهابي، وخمير ولافت، ولارك، في مجموعات مختلفة بواسطة السفن والبلم الصغير، ونزلوا في ميناء "باسيدو" القشمي، وحيثما وجدوا سفنا للعرب البدو والقواسم استولوا عليها وأرسلوها الى ميناء خمير، وكان الشيرازيون جيش كريم خان زند، قد انتشروا في أطراف الجزيرة، وتحركوا نحو الأماكن المأهولة وانتزعوها من أيدي القواسم الواحد بعد الآخر، وشنوا هجوما عنيفا، فاضطرب العرب وهربوا، ثم انزلوا سفنهم في الماء واختفوا، وكانت نتيجة ذلك أن صارت جزيرة القشم وجميع القرى التابعة للجزيرة تحت تصرف الشيخ محمد خان البستكي عامل كريم خان زند([10]).

وفي عام 1168هـ، وصلت تقارير من ميناء لنجه إلى الشيخ محمد خان البستكي، تقول أن شيوخ القواسم عاودوا الهجوم على ميناء لنجه و كنج، واحتلوا الجزر التابعة لهما، ومن جهة أخرى فأن عرب عمان أيضا قاموا بالغزو و الإغارة واحتلوا ميناء بندر عباس، استطاع شيخ صور الشيخ رحمه بن مطر القاسمي (او يسميه البعض" كايد") الذي يعتبر في الوقت الحالي أقوى زعماء الهوله، من ان يحتل جزيرة قشم ويسيطر على قرية لافت اهم القرى في الجزيرة والتي تقع على الجانب الغربي من الجزيرة، وساعده في ذلك أمير بندر جمبرون (بندر عباس) ملا علي شاه الذي تربطه بالشيخ رحمه صلة قربى اذ ان رحمه القاسمي كان قد تزوج أخت العربي ملا علي شاه، وبعد ان سيطر الزعيم القاسمي على الجزيرة، طرد من قرية لافت عشيرة من عرب الهولة تدعى بني تميم، كانوا يحوزونها منذ حكم نادر شاه، ودام حصار لافت التي كان فيها أقل من 250 مقاتل ستة اشهر، رغم وجود سفينتي ملا علي شاه وكل من قوة الشيخ رحمة الذي اصطحب معه بعض البدو لدعمه، وما كانت لتستسلم لولا وفاة عبد الشيخ الطارئة، وكان حاكمها ([11]).

فلما عرضت التقارير على كريم خان زند أصدر أوامره إلى الشيخ محمد خان البستكي بالقضاء على العرب و القواسم والعمانيين وطردهم من المنطقة، حيث أن كريم خان قد عهد بحكومة بندر عباس ولنجه وجهانكيرية ([12]) وجزرها للشيخ محمد خان العباسي البستكي([13]).

وفي عام 1169هـ، ذهب القواسم برئاسة الشيخ صقر و الشيخ راشد المرزوقي، بعد الهزيمة و الانسحاب من قشم إلى جلفار (راس الخيمة)، ثم جمعوا جموع العرب، واتجهوا إلى موانئ إيران، وتعاونوا مع شيوخ عمان و آل مرازيق، واستولوا على موانئ : كنج، ولنجه، وبستانه ومغوه، واحتلوا بيخة لشتان والجزر التابعة لها، ولذلك أرسل الشيخ محمد خان البستكي، عددا من حملة البنادق بقيادة حسن خان البستكي لحفظ النظام و الأمن في بندر عباس ومنع اعتداءات العمانيين، واتجه هو نفسه (محمد خان) مع جمع كبير لمقابلة عرب القواسم في لنجه ولشتان، تنفيذا لاوامر كريم خان زند.

فحاصر كنج و لنجه وبستانه، فاستسلم الشيخ المرزوقي دون أية مقاومه تذكر، ولكن قبيلة القواسم خرجت للمبارزة والنزال، ولكن العرب لم يطيقوا شدة المقاومة فانكسروا، ودخل الشيخ صقر بن راشد القاسمي إلى قلعة "كنج" القائمة داخل البحر قبالة سواحل بلدة لنجه وتحصن فيها، أما البقية فقد وضعوا أنفسهم في سفنهم واختفوا، وحيث أنهم قد وقعوا في ضائقة تموينية داخل القلعة، استسلم الشيخ صقر القاسمي أيضا.

وطلبوا بواسطة الشيخ المرزوقي وشيوخ آخرين من عرب الهوله من محمد خان البستكي أن يعفوا عن شيوخ القواسم و رعاياه، وأن يعهد بميناء لنجه و مكان آخر معه إلى الشيخ صقر القاسمي، أسوة بشيوخ عرب شيبكوه (جهانكيرية) الذي أعطوه مكانا في بيخة صداق، والجزر التابعة لها، ليكون (القواسم) هادئين مستريحين في مكان تابع لهم، وتابعين للدولة الشاهنشاهية ولحكومة بستك، وقد قبل الشيخ محمد خان البستكي اقتراحهم، من منظور استقرار الأمن، ومنع تعديات العرب البداة من العمانيين، مع أخذ التعهد عليهم، ودفع الأموال الديوانية (الحكومية)، وذلك بالشروط التالية:

1. أن تمتنع قبيلة القواسم عن الغزو في البحر.

2. أن يمنعوا اعتداءات جميع العرب العمانيون "الخوارج"، والفئات التي تأتي من سواحل عمان وتهاجم موانئ الساحل الايراني.

3. كل واحد من العرب يهاجر الى هذه المناطق يكون من رعايا ايران، ويقبل التبعيه للدولة الشاهنشاهيه.

4. لا يعتدون على جزيرة قشم ويقيمون علاقات حسنة مع شيوخ بني معين.

5. يكون شيوخ قواسم لنجه تابعين لحكومة بستك وجهانكيرية.

وقبل القواسم هذه الشروط وتقرر أن يذهب الشيخ صقر إلى جلفار للتشاور مع أبيه وأخيه و جماعة القواسم، وأثناء العودة ذهب الشيخ محمد خان البستكي إلى بلدة بستانه ومغوه وأسرع الشيخ راشد و الشيخ سليمان المرزوقي آل عجمان ([14]) الذي قيل أنهم هاجرا مع شيوخ القواسم، وعملوا على استقبال الشيخ محمد خان وطلبا منه، أن يسمح لهم بالسكن في موانئ، بستانه و مغوه وحسينه وجزر فرو، وقد اقطعهم الشيخ محمد خان الأماكن المذكورة التي تعرف الآن ب "ارياف المرزوقي" بعد أن اخذ التعهدات الرسمية، ثم اتجه إلى بيخة صداق و بومستان أو فومستان وكابندي، كما وقد قام الشيخ محمد خان هنا بأجراء ترتيبات عدة منها التالي:

1. عهد بميناء جارك وتوابعه وجزيرة كيش او قيس الى شيوخ آل علي.

2. ميناء طاحونه و نخل مير وعدة قرى اخرى الى شيوخ بني بشر.

3. مرباغ و كلات وعدة قرى اخرى تعرف الآن منطقة حمادي الى شيوخ المدني الشيخ راشد بن مصطفى و الشيخ محمد و الشيخ احمد المدني.

4. خلفاني و كلشن و ميناء جيرويه و جزيرة هندرابي الى شيوخ عبيدلي (الشيخ عبد الرسول بن سلطان العبيدلي).

5. ميناء نحيلو و مقام ومجموعة قرى البدوي وجزيرة الشيخ شعيب الى الشيخ علاق و الشيخ عبد الرحمن بن علاق الحمادي.

6. فومستان وتوابع كاوبندي الى الرئس محمد بن صالح و رؤساء فومستان.

7. مجموعة قرى آل حرم الى شيوخ بني تميم وشيوخ المالكي ([15]) و شيوخ آل حرم.

وقد عين حدود منطقة كل قبيلة من هذه القبائل حتى لا تتجاوزها، وحتى لا يتعرضوا لبعضهم. ولما انهى الشيخ محمد خان اجراء هذه الترتيبات عاد الى ميناء كنج، وجاء شيوخ القواسم وبني معين من راس الخيمة وقشم وكنج حيث اصلح الشيخ محمد بينهما، و أخذ عليهم التعهدات النظامية و الوثائق الرسمية، وقد عهد بميناء لنجه وميناء لشتان الى الشيخ صقر و الشيخ راشد القاسمي، ولكنه ابقى قلعتي لشتان و كنج فترة من الزمن في ايدي حملة البنادق من البستكيين، ثم بعد ذلك سلمها لهؤلاء الشيوخ([16]).

كريم خان يخضع قبيلة آل حرم حكام البحرين:

وتابع كريم خان زند عملياته الحربية ضد عرب الهوله، بأرسال سفن حربية على جزيرة البحرين عام 1169هـ ([17])، بقيادة الشيخ ناصر آل مذكور "المهيري" حاكم بندر ابو شهر الذي استفاد من السفن التي تخلفت في بندر ابو شهر بعد وفاة نادر شاه ([18]) حيث بقيت بعض من سفنه البحرية من جلبات ودنجات راسية في بندرها، وخالية من ربابنتها وبحارتها، وفي البدء خطر للشيخ ناصر ال مذكور الذي يتصف بالطموح و البخل، أن يستفيد مما بقي من الأسطول ليستولي على جزيرة البحرين تنفيذا لاوامر كريم خان زند، الا أنه وجد أن قوته لا تكفي وحدها، لأنه لا يستطيع أن يعتمد على اكثر من 400 مقاتل من قومه في الحد الأعظم، فاتفق مع مير ناصر الزعابي الذي كان في بندر ريق، ويسعه أن يجند حوالي 500 مقاتل، فجهز ثلاثة سفن وثلاث جلبات، واحتلا البحرين، وانتزعاها من آل حرم، ولم يتكبدا الا خسائر طفيفة جدا، وذلك نتيجة اشغال عرب آل حرم و آل نصور في مساندة عرب القواسم في حربه ضد جيش كريم خان زند السابق ذكرها.

وبعد ان تمكن الشيخ ناصر آل مذكور و الشيخ ناصر الزعابي من فتح البحرين قرر زعيم بو شهر، أن يعود الى قريته ابو شهر، وعندها وجد مير ناصر الزعابي انه يسيطر وحده على جزيرة البحرين، فامتنع عن اعطاء شيخ ابو شهر شيئا من وارداتها، ولم يقبل الا أن يعيد له ما تكلفه من نفقات الحمله، ونتج عن هذا عداء شديد بين الشيخين.

وفي تلك الأثناء، اضطر مير ناصر الزعابي أن يحتفظ معه بأفضل رجاله ومعظم مقاتليه ليستمر في احتلال البحرين. ففكر زعيم بلدة جنابه ، قائد حيدر، ان يستغل هذا الوضع ليحتل بندر ريج، فلما بلغ هذا الخبر مير ناصر الزعابي، اضطر أن يغادر البحرين، ووصل في الوقت المناسب لانقاذ مدينته المحاصرة.

وبهذا تمكنت قبيلة آل حرم من استعادة البحرين، والبقاء فيها آمنه أكثر من عامين، وفي غضون ذلك وتحت الحاح كريم خان زند، عمل الشيخ ناصر ال مذكور على أقناع عرب العتوب وهم اعداء قدماء لعرب الهوله، حيث شجعهم على ذلك بوعده اياهم بأنهم، اذا آزروه، فسوف يسمح لهم بالغوص في ارصفة اللؤلؤ دون أن يؤدوا الضرائب العادية، وكان لهذا العرض أهميه كبيرة بالنسبة لهم لأن معظمهم غواصون.

وقوي الشيخ ناصر ال مذكور بهذا التحالف، فحاصر جزيرة البحرين بسفينتين وجلبتين، لكنه اصطدم بصعاب لم يكن يتوقعها، لأن عرب ال حرم كانوا قد انتهوا هم واخوانهم القواسم و النصور من تسوية الحرب في جزيرة قشم و بندر لنجه وكنج حيث تلقوا دعما كافيا بالمقاتلين من بعض زعماء الهوله وساندتهم جلبة ملا علي شاه حاكم بندر عباس و صهر الشيخ رحمه بن مطر القاسمي، فدافعوا عن أنفسهم دفاعا مريرا، وخرجوا من القلعة فجأة، فحاصروا 200 مقاتل من مقاتلي الشيخ ناصر المذكور والعتوب، واجهزوا عليهم مع أنهم استسلموا و ألقوا سلاحهم.

وبعد مضي ستة أشهر، فقد الشيخ ناصر ال مذكورثلاث ارباع قوته، وتعذر عليه تنفيذ مخططه، واضطر أن يحاول عزل زعيم طاهري الشيخ خاتم بن جبارة النصوري بأن يدفع له 14000 روبية من واردات البحرين سنويا، أقنعه بها أن يتخلى عن آل حرم ويدعمه، فارسل الشخ خاتم على ما يبدوا احد رجاله الى البحرين لاتمام عملية اغتيال الشيخ محمد بن ماجد الحرمي احد شيوخ قبيلة ال حرم، و تمكن رسول الشيخ خاتم من الشيخ محمد بن ماجد فقتله، فوجد الشيخ عبد الرحمن ال حرمي الشيخ الثاني لقبيلة ال حرم نفسه مجبرا على مغادرة البحرين فاستسلم للشيخ ناصر آل مذكور، وغادر آل حرم الجزيرة وبهذا اصبح زعيم بوشهر سيد البحرين، فوضع أحد أشقائه فيها ومعه 30 الى 40 مقاتل، يتلقون راتبا شهريا من البحرانيين، فيما عدا ذلك تعطيه الجزيرة أقل من ربع الواردات التي كانت تؤديها من قبل، لأن عرب العتوب لا يؤدون الضرائب العادية استنادا الى اتفاق الغوص الداخلي، ولان عرب الهوله أيضا لا يدفعون شيئا نظرا لمطالبتهم بحق حيازة جزيرة البحرين بأجمعها، بالتالي، يبقى أن تجنى الضرائب من سكان البحرين و القطيف فقط.

و عندما وصل خبر مقتل الشيخ محمد بن ما جد الحرمي الى اسماع الشيخ رحمة بن مطر القاسمي غضب غضبا شديدا على الشيخ خاتم بن جباره النصوري و شن هجوم على عسلوه وطاهري انقاما وثأرا للشيخ الحرمي.

ومن ناحيه أخرى فأن العرب البحرانيون، أصبحوا معرضين للعديد من الأعتداءات وخصوص أثناء شهور موسم الغوص الاربعه حيث أن غواصو اللؤلؤ من عشيرة العتوب والهوله يظلون خلال هذه الفتره على مرأى من جزيرة البحرين، وينزلون يوميا الى ساحلها، ويقطعون أشجار النخيل، ويخربون الحدائق القريبة من الشاطئ، فلا يجني أصحابها شيئا منها، فلا يستطيعون دفع ضرائبهم، بالتالي يهجرون أراضيهم، ويهربون الى القطيف أو البصرة أو أي مكان آخر بينهما، ولا يستطيع الشيخ ناصر المذكور ايقاف هذه الغارات، التي يشترك ببعضها حلفاؤه عرب العتوب، وببعضها عرب الهولة الذين ينبغي عليه احترامهم، وليس لديه في البحرين قوة أو سفينة تخيف هؤلاء القوم ([19]).






صورة كريم خان زند ومعه خريطة توضيحية ، موجودتان في المرفقات .





الهوامش :
بحث من اعداد:

جلال خالد الهارون الانصاري


[1] . دشتي، محمد، شقائق النعمان، ص 227.

[2] . دشتي، محمد، شقائق النعمان، ص 76.

[3] . كنجون، ميناء على الساحل الايراني يقع في المنطقه المقابلة للبحرين.

[4] . لوريمر، دليل الخليج، الجزء التاريخي الخامس ص 2597.

[5] . لوريمر، دليل الخليج، الجزء التاريخي الخامس ص 2597.

[6] . قبيلة ال حرم، ينحدرون أصلا من عرب الانصار القحطانيون (الاوس والخزرج) و اصل تسميتهم بآل حرم نسبة الى مكان سكنهم بالقرب من الحرم المكي، ورد ذكرهم وفي كتاب النصرة في اخبار البصرة، تأليف الشيخ أحمد نور الانصاري.

[7] . بندر ريق، ميناء يقع شمال ميناء ابو شهر، في الجهة المقابلة لدولة الكويت على الساحل الايراني.

[8] . رحمة بن مطر القاسمي، ذكر في الوثائق الهولنديه بـ (الهولي) ، وكان قائد عماني مشهور قبل سقوط دولة اليعاربة، وانشق على سلطة البوسعيد، بعد سقوط دولة اليعاربه في عمان.

[9] . بني معين قبيلة عربية تحكم جزيرتي قشم و هرمز عند مدخل الخليج، وتعود هذه القبيلة في اصولها الى قبيلة الانصار (الاوس والخزرج).

[10] . بشمي، ابراهيم، احداث ووقائع ومشايخ بستك و خنج ولنجه ولار، ص 61.

[11] . خوري، ابراهيم، جزيرة هرمز العربية.

[12] . جهانكيرية، يقصد بها جميع القرى والموانئ الواقعة على الساحل الايراني قبالة دولة الامارات حاليا.

[13] . بشمي، ابراهيم، احداث ووقائع ومشايخ بستك و خنج ولنجه ولار، ص 62.

[14] . المرازيق جماعة من العرب الهوله الذين حكموا بلده مغوه وكنج، وينحدرون من فرع آل سليمان أحد فروع قبيلة العجمان التي تسكن الاحساء.

[15] . نسبهم المؤرخ الشيخ راشد بن فاضل البنعلي في مخطوطة، مجموع الفضائل في فن النسب وتاريخ القبائل، الى قبيلة هوازن من ذرية مالك بن عوف النصري.

[16] . بشمي، ابراهيم، احداث ووقائع ومشايخ بستك و خنج ولنجه ولار، ص 63.

[17] . التاريخ الصحيح 1176هـ حيث أن تقرير لاهاي دن هاغ حرر عام 1171هـ وذكر بان إجلاء آل حرم كان قبل هذا التاريخ ب 3 سنوات.

[18] . يقصد بشيخ صور الشيخ صقر القاسمي.

[19] . خوري، ابراهيم، سلطنة هرمز العربية المجلد الثاني، ص222.
منقوول